} نهار غروزني تحول ليلاً. وغطى سماء المدينة دخان الحرائق والغبار الذي احدثته الغارات الجوية والمدفعية المتواصلة. واعترف الجنرالات الروس بوجود "مقاومة ضارية" في المدينة، فيما أعلن في موسكو ان مجموعة من القادة الميدانيين الشيشانيين "المحايدين" وصلت الى العاصمة الروسية للتفاوض. حاولت الوحدات الروسية التقدم نحو وسط غروزني على ثلاثة محاور، تساندها الطائرات القاذفة والمدفعية. وذكر نائب القائد العام للقوات الروسية في القوقاز فاديم تيمتشينكو ان جنوده يواجهون مقاومة عنيفة. واعترف بأن الشيشانيين "استعدوا على أفضل ما يرام وحولوا المدينة قلعة". لكنه ذكر انهم يعانون من نقص في الذخيرة والمواد الطبية. وقدّر قائد قوات الأمن الداخلي الروسي الجنرال فياتشيسلاف اوفتشينيكوف عدد المدافعين عن غروزني ب2500 عنصر. وذكر انهم فقدوا 350 جندياً خلال معارك الأيام الثلاثة الماضية. واكد اوفتشينيكوف ان كثرة الألغام اعاقت التقدم السريع نحو مركز العاصمة، واعترف بأن القوات الروسية اخفقت في "الالتزام بالمواعيد الزمنية" لتحقيق أهدافها. ومعروف ان موسكو لم تلتزم موعداً محدداً وان كانت اعلنت سابقاً عزمها على انجاز "تحرير" غروزني قبل انقضاء العام المنصرم. وللمرة الأولى، أعلن الجنرال غينادي تروشيف نائب قائد القوات الروسية في القوقاز ان "الموعد النهائي" هو في 26 شباط فبراير المقبل، ما يعني ان الكرملين يريد انجاز العملية قبل شهر من موعد الانتخابات الرئاسية المبكرة. وأعلنت القيادة الروسية استيلاءها على عدد من الاحياء وسط غروزني وعلى "مصنع التعليب" الذي يعد من المواقع الاستراتيجية البالغة الاهمية إضافة الى ساحة "مينوتكا" القريبة من القصر الرئاسي. الا ان رئيس أركان القوات المدافعة عن المدينة اصلان بك اسماعيلوف، اكد ان وحداته "تسيطر بصلابة" على هذه المواقع. وذكر ان معارك شديدة الضراوة تجري في الضواحي الجنوبية الشرقية والشمالية من العاصمة. ونقلت وكالة "انترفاكس" عن وزير الصحة الشيشاني عمر خامبييف قوله ان كثافة النيران والقصف المتواصل، أديا الى سقوط اعداد كبيرة من الضحايا، وذكر انه غدا متعذراً اخلاء الجرحى أو معالجتهم. وفي غروزني حالياً زهاء آلاف المدنيين المحاصرين. وذكر مراسل وكالة "انترفاكس" ان الأجواء في المدينة اصبحت "ملبدة نهاراً" بسبب تصاعد أعمدة الدخان من مستودعات النفط ومصافيه. واعترفت وزارة الدفاع الروسية بوجود "كارثة بيئية" في عدد من أحياء المدينة. وذكرت ان المياه الجوفية هناك ملوثة بغاز النشادر ومشتقات النفط ومواد سامة اخرى. مفاوضات ومع اشتداد المعارك ضراوة، أعلن امس عن "مفاوضات" تجرى في موسكو. وذكر مالك سعيد اللايف رئيس "مجلس الدولة" الذي شكلته روسيا من وجوه شيشانية متعاونة معها، ان عدداً من القادة الميدانيين "المعروفين والمتنفذين للغاية" وصلوا الى موسكو وبدأوا مفاوضات مع ممثلي الهيئات الروسية. ووصف سعيد اللايف المفاوضات بأنها "صعبة" ورفض ان يكشف اسماء القادة والجهات الروسية التي تفاوضهم. لكنه ذكر ان المحادثات تجرى بوساطة "مجلس الدولة". وأفيد لاحقاً ان هؤلاء القادة يمثلون مناطق رفضت الدخول في مواجهة مع الروس وظلت على الحياد. وعلى صعيد آخر، واصل رئيس الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي اللورد راسل جونستون جولته في القوقاز التي بدأها في قضاء بطلييخ الداغستاني حيث كان شيشانيون يقودهم شامل باسييف اعلنوا "حكومة اسلامية". وجوبه الوفد الأوروبي ب"هجوم" من السكان المحليين الذين اتهموا الأوروبيين ب"النفاق"، واتهموهم بأنهم لم يتدخلوا في حينه للدفاع عن الداغستانيين الذين تعرضوا الى "عدوان شيشاني". وذكر اللورد جونستون انه "صعق" لما سمع عن "اعمال ارهابية" ضد السكان المدنيين الداغستانيين. واضاف انه جاء "لا للوعظ بل للاستماع". وكان في برنامج جونستون زيارة غوديريس ثاني أكبر المدن الشيشانية، ما يعني ان رئيس الجمعية البرلمانية الأوروبية سيكون أول مسؤول أجنبي رفيع المستوى يزور الأراضي التي تسيطر عليها القوات الروسية منذ بداية الحرب.