أكد رئيس الجمهورية اللبنانية أميل لحود ان لبنان معني بإحلال السلام العادل والشامل في المنطقة والمتمثل بوحدة المسار والمصير مع سورية. وفي محطة له في لندن، اثناء توجهه الى كندا للمشاركة في القمة الفرنكوفونية الثامنة، صرح قائلاً ان "السلام لن يكون عادلاً وشاملاً إلا اذا تضمن انسحاباً كاملاً من الجنوب والبقاع الغربي والجولان وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين". كلام لحود جاء في اعقاب التصعيد العسكري الذي شهده الجنوب وتزامن مع بدء زيارة وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت الى منطقة الشرق الأوسط. وكانت المقاومة الاسلامية - الجناح العسكري ل"حزب الله" نفّذت تهديداتها بالردّ على الاعتداءات الاسرائىلية التي تستهدف مدنيين لبنانيين، وقصفت فجراً مستعمرة كريات شمونة في شمال اسرائيل بنحو 25 صاروخ كاتيوشا رداً على مقتل مدنيين في البقاع الغربي. وقال عضو كتلة الوفاء للمقاومة حسين الحاج حسن في تشييعهما "ان خرق اسرائيل لتفاهم نيسان ابريل هو محاولة بائسة لخلق معادلة جديدة تضع المدنيين مقابل عمليات المقاومة". وفي تل أبيب، أكد رئيس الوزراء الاسرائىلي ايهود باراك ان بلاده "ستبذل كل ما في وسعها لضمان الأمن والسلامة لسكان الشمال ولن تقبل في أي شكل من الأشكال استهداف بلدات هذه المنطقة بالنار". وأجرى رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص اتصالاً هاتفياً، صباح امس، بوزير الخارجية السوري فاروق الشرع تشاورا خلاله في الاوضاع المستجدة في ضوء التصعيد الاسرائىلي الراهن وزيارة وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت الى المنطقة وقرب انعقاد الدورة العادية لجامعة الدول العربية. وذكرت مصادر رئيس الحكومة ان وجهات النظر كانت متفقة بالنسبة الى جميع الامور التي تمّ التشاور في شأنها. وكان الرئيس الحص بحث الموقف اللبناني الذي قد يتم إبلاغه لأولبرايت اذا زارت بيروت مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في لقاء بينهما مساء امس. وذكرت مصادر ديبلوماسية مطّلعة ل"الحياة" ان احتمال مجيء أولبرايت الى بيروت هو أكثر بكثير من عدم مجيئها. ورجحت ان تكون الزيارة غداً السبت لساعتين أو ثلاث ساعات. وقدّرت المصادر ان طبيعة التعاطي الاسرائىلي مع الوضع في الجنوب مرتبط بمدى التوصل الى اتفاق مع رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات برعاية أولبرايت. وقالت ان التوصل الى اتفاق قد يدفع باسرائيل الى التصعيد النوعي تحت عنوان انه لا بد من التضييق على حزب الله لمنعه من ان يكثّف استعداداته لمقاومة التسوية التي لا بد من ان تشمل كل المسارات. كما تخشى هذه المصادر ان يكون هدف التصعيد في الجنوب الضغط على حزب الله على غرار الضغوط الدولية والاسرائىلية على حركة حماس للتضييق عليها بهدف حماية الاتفاق على المسار الفلسطيني. وفي لندن بحث الرئيس لحود مع وزير الدولة في وزارة الخارجية البريطانية بيتر هين الموقف الراهن في عملية السلام والمسارين اللبناني والسوري. وجرى اللقاء في مطار هيثرو في لندن اثناء توقف الرئيس اللبناني في طريقه الى كندا لحضور قمة الدول الفرانكوفونية. وقالت الخارجية ان المحادثات التي استغرقت ساعة سادها جو ودّي جداً وشملت ايضاً جولة مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الاميركية في الشرق الاوسط وآفاق التوصل الى تسوية شاملة للنزاع العربي - الاسرائيلي. واكدت مراجع لبنانية رفيعة المستوى ل"الحياة" ان "وحدة الدولة والشعب والمقاومة صلبة ومستندة الى الحق ولن تتمكن اسرائيل من تصديعها واختراقها". واعتبرت ان من حق اللبنانيين الدفاع عن انفسهم و"رفض المعادلات التي يريد الاحتلال فرضها عليهم وتتنافى مع تفاهم نيسان الذي يحظر المسّ بالمدنيين والمنشآت المدنية". ولاحظت ان الجيش الاسرائيلي تعمّد في الايام الماضية تجاوز بنود هذا التفاهم، وفي ظنه اضعاف الموقف اللبناني عشية زيارة وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت. ومالت هذه المراجع الى ترجيح زيارة اولبرايت لبنان برغم ان رئيس الجمهورية اميل لحود سيكون غائباً. واعتبرت ذلك دليلاً كافياً على وجود دولة المؤسسات وعلى التوافق الكامل في الآراء ضمن السلطة التنفيذية وبينها وبين السلطة التشريعية ملاحظةً "ان هذا الوضع لم يكن قائماً في السابق". واكدت المراجع ان وحدة المسارين اللبناني والسوري تدعم البلدين وان بيروت تدافع عن حق الفلسطينيين في العودة الى بلادهم وترفض اي تنازل لاسرائيل "عن شبر أرض او نقطة مياه".