حقق المدعي العام لمحكمة أمن الدولة المقدم محمود عبيدات في عمّان، أمس، مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، ومع الناطق الرسمي باسمها إبراهيم غوشة، وأربعة من مرافقيهم، بتهمة "الانتساب إلى تنظيم غير مشروع وحيازة سلاح غير مرخص". فيما حذر الاخوان المسلمون من التصريحات الحكومية "الضارة بالوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي"، داعين إلى "التهدئة في سبيل التوصل إلى حل سياسي مرضٍ" لأزمة "حماس" التي بدأت بإغلاق مكاتبها في عمّان في 30 آب اغسطس الماضي. وأفادت مصادر قانونية ان التحقيق مع مشعل وغوشة استغرق نحو ساعتين لكل منهما، وسط اجراءات أمنية مشددة في مديرية القضاء العسكري التي يقع مقرها داخل القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية. وحضر التحقيق رئيس هيئة الدفاع عن المتهمين نقيب المحامين صالح العرموطي ومدعٍ عام آخر هو الرائد حاتم الغويري. وقال العرموطي ل"الحياة" إن "لا علاقة بين التهم التي وجهها المدعي العام وما صرح ويصرح به مسؤولون أردنيون"، موضحاً ان المدعي العام "لم يبرز أي بينات تدين المتهمين"، وطالب المسؤولين "بعدم التشويش على القضاء من خلال تصريحات متناقضة لأغراض سياسية". وسألت "الحياة" العرموطي عن تقويمه لموقف المتهمين، فأجاب "خرجت من التحقيق مرتاحاً جداً وكان مشعل وغوشة في غاية الثقة والراحة أثناء الاستجواب ولم يحرجا بأي سؤال واستعرضا علاقة الحركة بالنظام والملك الراحل منذ البدايات وليس لديهما ما يخجلان به أو يخفيانه". وأوضح ان تهمة السلاح غير المشروع تقتصر على "المسدسين غير المرخصين في مكتب خالد مشعل، الذي أوضح لهما أنهما بعلم وزير الداخلية السابق وموافقته، فيما لا علاقة بغوشة بالمسدسين". وبشأن كميات الأسلحة التي تحدث عنها المسؤولون قال: "لا وجود لها إلا في خيالهم". وأشار العرموطي إلى وجود رسائل صادرة عن الديوان الملكي تخاطب المكتب السياسي لحركة "حماس"، موضحاً ان مشعل أشار إلى "آخر رسالة تلقاها من الملك الراحل رداً على رسالة تهنئة يهدي فيها تحياته إلى أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس ويعود تاريخها إلى قبيل دخوله في مرحلة الغيبوبة التي سبقت الوفاة". وواجه المدعي العام قياديي "حماس" برسائل موجهة من الشيخ أحمد ياسين، فأوضحا أنها لا تحمل أي توقيع. وكشف المدعي العام ان المبالغ المضبوطة في كل مكاتب الحركة لا تتعدى 8 آلاف دينار أردني 11 ألف دولار فيما كانت الصحف تحدثت عن 5 ملايين دينار، نقلاً عن حديث لرئيس الوزراء أمام مجلس النواب. ويتوقع ان ينهي المدعي العام التحقيق غداً السبت ليصار إلى إعداد القرار الظني الأحد، الذي سيحال إلى النائب العام لإصدار لائحة الاتهام، وبعدها تقرر جلسات المحكمة. على صعيد آخر، توقعت مصادر الفصائل الفدائية في عمان، ان لا يطول توقيف اعضاء قيادة "حماس" لدى اجهزة الامن، واعتبرت ان هذا التوقيف اشبه ما يكون بالتوقيف الاحترازي، وهو ليس تعبيراً عن طلاق نهائي بين الاردن والحركة. ولم تستبعد هذه المصادر ان يتم الافراج قريباً عن القادة المعتقلين، بعد اتمام مفاوضات سرية جارية بين الحكومة و"حماس"، تنتهي الى "اتفاق غير معلن" يقوم على بندين: الاول تحديد سقف لعمل "حماس" الاعلامي في الاردن، وضوابط هذا العمل، خلافاً للعمل الاعلامي السابق من دون سقف ومن دون ضوابط. والثاني تحديد عدد مكاتب الحركة في الاردن، وربما يقتصر الامر على مكتب رسمي واحد، وتلغى المكاتب الاخرى التي يصل عددها حالياً الى ثلاثين مكتباً تعمل تحت غطاء تجاري. ولفتت المصادر الانتباه الى ان الموقف الاردني الحالي ضد "حماس"، له دوافع متعددة ابرزها ضغط السلطة الفلسطينية وطلبها المتكرر بأن يتخذ الاردن مواقف تقلص نشاط حركة "حماس"، وامتداد هذا النشاط من عمان الى قطاع غزة. وقالت المصادر ان الطيب عبدالرحيم امين سر رئاسة السلطة الفلسطينية ومسؤول ملف "حماس"، زار الاردن سراً في تموز يوليو الماضي، وبحث مع المسؤولين الاردنيين في هذه المسألة، وابلغهم ان قيادة "حماس" في الاردن تدعم العناصر المتطرفة في قيادة "حماس" في الداخل ممثلة بكل من ابراهيم مقادمة والدكتور عبدالعزيز الرنتيسي، وانه لا بد ان يتخذ الاردن خطوات عملية ضاغطة على قيادة "حماس"، لضبط ايقاع تحركها في قطاع غزة. الى ذلك، استغرب الناطق الرسمي باسم جماعة الاخوان المسلمين جميل ابو بكر ما نسبته وكالة الصحافة الفرنسية لمسؤول رفيع المستوى يتهم "حماس باختراق جماعة الاخوان المسلمين بشكل يهدد ب"ايلول اسود جديد" مذكراً بأحداث ايلول عام 1970 التي خرجت على اثرها المقاومة الفلسطينية من الاردن. ووصف ابو بكر التصريح بأنه "ضار بالوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي"، واشار الى ان "رئيس الوزراء قال في لقائه مع قادة الجماعة، ان الصحافة حرفت تصريحاته فلماذا لا يكذب هذه التصريحات الخطيرة؟". وفسر تلك التصريحات بأنها "محاولة ساذجة لتأليب الرأي العام ضد "حماس" من خلال اعادة ذكريات سيئة ونوازع اقليمية". وزاد "الحمد لله ان شعبنا الاردني والفلسطيني اكثر وعياً وحرصاً من بعض المسؤولين". وتساءل: "لماذا لا يترك المسؤولون القضاء ليقول كلمته، ولو كان ما قالوه صحيحاً لما سلم قادة الحركة انفسهم" واعتبر ان "ابعاد الدكتور موسى ابو مرزوق دليل واضح على أن القضية سياسية لا قضائية ولو كانت التهم صحيحة لاعتقل في المطار". ودعا ابو بكر الحكومة الى "التزام التهدئة" حسب الاتفاق مع قادة الجماعة في آخر لقاء مع الحكومة عشية عودة قادة "حماس" الاربعاء الماضي "في سبيل الوصول الى حل سياسي مرضٍ". الى ذلك، قالت زوجة الدكتور موسى ابو مرزوق انها تلقت اتصالاً هاتفياً منه اثر وصوله الى مطار دبي اذ ابعدته السلطات الاردنية على نفس الطائرة التي قدم على متنها الاربعاء الماضي.