حملة "اعصار" التي تنظمها وزارة الداخلية الروسية لمكافحة الارهاب، أدت الى اكتشاف آلاف الاطنان من المتفجرات وكميات كبيرة من الاسلحة لكنها لم توقف مسلسل التفجيرات. وفي الوقت نفسه، تعصف "الاعاصير" السياسية بالرئيس بوريس يلتسن الذي طالب امس عدد من اعضاء مجلس الشيوخ باستقالته "فوراً". وتلقى الكرملين ضربة اخرى من واشنطن التي دعت رسمياً الى التحقيق في الفضائح المالية الروسية. قتل شخصان في انفجار وقع في سانت بطرسبورغ امس الجمعة، الا ان وزير الداخلية فلاديمير روشايلو احتمل ان يكون هذا الحادث "عفوياً" او ان له صلة بتصفيات جسدية بين المجرمين. واستبعد ان يكون "حلقة في المسلسل" الارهابي الذي شمل داغستان وموسكو ومدينة فولغورونسك. وفي اطار عملية مكافحة الارهاب التي اطلق عليها اسم "اعصار"، واصلت اجهزة الامن والشرطة تحريات واسعة. واعلنت امس عن اكتشاف اربعة اطنان من المتفجرات معبأة في 76 كيساً في احد المرائب. وأكدت وزارة الداخلية انها ابطلت مفعول عدد من القنابل في اماكن لم تحددها. وأكد روشايلو ان الاجهزة الامنية القت القبض على ستة اشخاص في موسكو وثلاثة في داغستان يشتبه بأنهم لهم صلة بالتفجيرات الاخيرة. وأعلنت وزارة الدفاع استعدادها للمشاركة مع سائر الاجهزة المختصة في "التصدي للارهاب" بعدما اكدت انجاز العمليات الحربية في داغستان. وذكر النائب الاول لرئيس هيئة الاركان العامة فاليري مانيلوف ان الحملة الداغستانية كلفت بليوني روبل وادت الى مقتل الفي عنصر من المسلحين وتدمير 30 مركزاً تدريبياً و130 قاعدة ونقطة ارتكاز و30 مستودعاً للسلاح والذخيرة. وفقدت القوات الروسية 230 قتيلاً و875 جريحاً. وأكد مانيلوف ان مواقع تجمع المقاتلين في الاراضي الشيشانية قصفت "رداً على الاعمال الارهابية". واعلن ان موسكو تنوي مواصلة الغارات الجوية والمدفعية على "قواعد الارهاب". ولمناقشة الوضع في القوقاز والاجراءات الكفيلة بوقف العنف، عقد مجلس الفيديرالية الهيئة العليا للبرلمان اجتماعاً مغلقاً امس، حضره رئيس الوزراء فلاديمير بوتين الذي اكد ان "المجرمين سيبادون حيثما كانوا" لكنه نفى احتمال عبور قوات نظامية الحدود الشيشانية. وقبل بداية الجلسة طلب عدد من اعضاء المجلس وبينهم رؤساء عدد من المقاطعات، مناقشة وثيقة اعدوها تطالب يلتسن ب"الاستقالة الطوعية فوراً"، باعتباره المسؤول عن انهيار الاقتصاد وانخفاض القدرة الدفاعية والحرب القوقازية وتفشي "الارهاب بلا حدود". وصوت لمصلحة ادراج هذا البند في جدول الاعمال، 61 عضواً في مقابل 28 ضده. لذا لم يحصل على النصاب المطلوب 89 لتخلف عدد من اعضاء المجلس عن حضور بداية الجلسة. ورأى مراقبون ان هذه النتائج توضح مدى العزلة التي وقع فيها رئيس الدولة خاصة وان مجلس الفيديرالية كان يعد "حليفاً" ليلتسن خلافاً لمجلس الدوما. وفي الوقت نفسه، اصدرت قيادة كتلة "الوطن كل روسيا" التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف بياناً امس، أكدت فيه ان احداث القوقاز والاعمال الارهابية، هي تجسيد لأزمة شاملة تمر بها روسيا بسبب عجز قيادتها عن معالجة اي من المشاكل الكبرى واخفاقها في صوغ "سياسة واقعية ومفهومة" في القوقاز. ومن دون ان يذكر اسم البليونير اليهودي بوريس بيريزوفسكي اكد البيان ان مسؤولية التدهور تقع أيضاً على عاتق رجال اعمال "يحيطون بالكرملين". وكان بيريزوفسكي نفى ان يكون وراء تمويل المتطرفين الشيشانيين. واتهم رؤساء الحكومات السابقين ووزراء الامن والداخلية والاستخبارات ب"الخيانة". وفي اول رد عليه ذكر رئيس الحكومة السابق سيرغي شتيباشين ان اثبات صحة المكالمات الهاتفية التي رصدت بين عدد من "قادة المتطرفين" الشيشانيين وبيريزوفسكي، يعني ان "هناك جريمة ارتكبت". واضاف ان الاخير يحاول القيام ب"دفاع احترازي عن النفس". واشارت وسائل الاعلام الروسية الى ان بيريزوفسكي اراد ابلاغ "رسالة" الى الكرملين يحذر فيها من انه سيكشف كل فضائحه اذا تعرض للاعتقال. ومعروف ان هذا البليونير وصاحب الامبراطورية الاعلامية، يرتبط بعلاقات مالية وثيقة مع عدد من كبار المسؤولين واعتبر "ممول" العائلة الرئاسية واتهم بالتورط في "تنظيف" الاموال. وفي واشنطن، دعت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين اولبرايت الى مواصلة التحقيق في عمليات "التنظيف" وأكدت انها يجب ان تستمر "بصرف النظر عن الجهة التي يمكن ان تصل اليها خيوط التحقيق". وفي اشارة واضحة الى ان الكرملين هو المعني، ذكرت ان الولاياتالمتحدة طلبت من يلتسن ومساعديه اتخاذ اجراءات لوقف الفساد و"تنظيف" الاموال الا ان "الجواب، للأسف، لم يكن مكافئاً للوضع". وذكرت اولبرايت ان واشنطن لن تؤيد استمرار المساعدات المالية العالمية لموسكو اذا لم تحصل على ضمانات بأن الاموال "تنفق بالصورة المطلوبة".