أنهى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ظهر أمس زيارة للبنان استمرت يومين، أجرى خلالها محادثات مع رئىس الجمهورية إميل لحود وعدد من المسؤولين الرسميين والقيادات السياسية، وشهد مناورة عسكرية للجيش اللبناني، وصدر في ختامها بيان مشترك، كرر خلاله الجانبان الأردنيواللبناني دعوتهما الولاياتالمتحدة وروسيا، راعيتي عملية السلام، ودول الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي الى تكثيف الجهود لاستئناف المفاوضات على المسارين اللبناني والسوري. إقتصر اليوم الثاني الأخير لزيارة الملك عبدالله للبنان على حضوره مناورة عسكرية للجيش اللبناني بالذخيرة الحية فاصطحبه الرئىس لحود من مقر إقامته في فندق "فاندوم" الى موقع البرنامج العسكري في بلدة مستيتا في جبيل لحضورها. وكان في استقبالهما في مقر قيادة فوج مغاوير البحر قائد الجيش العماد ميشال سليمان ورئىس الأركان اللواء سمير القاضي ومدير المخابرات العميد ريمون عازار، في حضور المدير العام لجهاز امن الدولة اللواء ادوار منصور وقائد لواء الحرس الجمهوري العقيد مصطفى حمدان. وأدّت ثلة من فوج مغاوير البحر التحية للرئيس لحود والملك عبدالله، بعدما قدّم قائد الفوج الرائد ميلاد هلالي شرحاً مفصلاً عن مهام الفوج "الذي أنشئ في 28/10/1997 في ظل قيادة الرئيس لحود للجيش اللبناني ومن اجل القيام بمهام خاصة في الظروف الصعبة ويتمتع بكفاية قتالية عالية مهمته تنفيذ كل العمليات الخاصة في مختلف الظروف والأماكن بحراً وبراً وجواً". وانتقل الرئيس لحود والملك عبدالله والوفد المرافق لمشاهدة المناورة العسكرية، وهي عملية ابحار وابرار وانزال ودهم، وافتتحها قائد الفوج، إذ بدأت بعملية هبوط من سطح مبنى يرمز الى ثكنة عسكرية للعدو، واستحدثت فجوة في احدى طبقاته لتنفيذ عملية اقتحام للمبنى وتطهيره وتفجير الدشم والعوائق. وانتقل الجانبان لمشاهدة عملية انزال بحرية استعملت خلالها الزوارق المطاط وهي اقتحام لموقع وهمي للعدو وتطهيره ثم زرعه بالألغام وتفجيره بعد الإنسحاب. ونفذت عملية انزال من الطوافات واقتحام من البحر، لثكنة عسكرية وهمية للعدو بواسطة الكوماندوس مع انزال بالطوافات. وبعد تطهير الموقع اعطيت اشارة الانسحاب من البحر والبر، وأقيم بعد ذلك عرض قتال الحراب والإشتباك بالسلاح الأبيض، وحصل اقتحام لمركب انزال بحري وهمي للعدو، وأخذ أسرى، وانزال غطاسي قتال لانجاز عملية برية، تلاها الإنسحاب بزوارق مطاط. وبعد العرض انتقل الرئيس لحود والملك عبدالله والوفد المرافق الى قاعة قيادة الفوج حيث اقيم كوكتيل تلته استراحة، عبّر خلالها الملك عبدالله عن اعجابه بفوج مغاوير البحر. وأعقب ذلك ترحيب من العماد سليمان الذي قال "ان اختياركم فوج مغاوير البحر ليكون ضمن برنامج زيارتكم الكريمة دليل محبة المملكة الأردنية الهاشمية لهذا البلد ولهذا الجيش الذي أعيد توحيده وبناؤه في عهد الرئىس لحود حين كان قائداً للجيش، وأن كل ما شاهدتموه هو بعض من ثمار العماد لحود وبصماته على الجيش". وقدم سليمان شعار الجيش اللبناني الى الملك عبدالله بعدما قدم الرائد هلالي شعار الفوج اليه وإلى لحود. والتقطت صور تذكارية. وفي العاشرة والثلث اصطحب لحود ضيفه الى القاعدة الجوية في مطار بيروت حيث اقيمت المراسم الرسمية لوداعه ووداع الملكة رانية والوفد الاردني المرافق. وشارك فيه الى الرئيس لحود وزوجته السيدة اندريه، رئىس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سليم الحص، ومعظم اعضاء الحكومة وأعضاء السلك الديبلوماسي العربي. وجاء في البيان المشترك الذي صدر في ختام المحادثات "تلبية للدعوة الكريمة الموجهة من الرئىس العماد إميل لحود رئيس الجمهورية اللبنانية وتدعيماً للعلاقات الأخوية القائمة بين الجمهورية اللبنانية والمملكة الأردنية الهاشمية، قام جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين عاهل المملكة الأردنية الهاشمية بزيارة رسمية للبنان بين 13 و14 أيلول سبتمبر 1999". وأضاف "في جو سادته الصراحة وروح التفاهم، أجرى جلالة الملك وفخامة الرئيس محادثات شملت العلاقات الثنائية والقضايا ذات الإهتمام المشترك وأظهرت توافقاً واسعاً في وجهات النظر. وأعرب الجانبان عن ارتياحهما إلى التطور المضطرد الذي تشهده العلاقات الثنائية بين البلدين على الصعد كافة في مختلف القطاعات، ولا سيما منها الإقتصادي والثقافي، وشددا على ضرورة تفعيل آليات التعاون بين المؤسسات الرسمية والخاصة في كل من لبنانوالأردن بما يحقق الإرادة المشتركة للبلدين في تعزيز العلاقات القائمة بينهما وتنسيقها الى اقصى قدر ممكن". وتابع "ان الجانبين عرضا الاوضاع على الساحة العربية وجددا تمسكهما بقرارات مؤتمر القمة العربية، وأكدا ضرورة تحقيق التضامن العربي بما يكفل حماية المصالح العربية واسترجاع حقوقها المغتصبة ودعَوَا الى مواصلة الجهود من اجل توحيد الصف العربي وتفعيل دور الجامعة العربية ومؤسساتها لمواكبة التطورات الدولية ووضع استراتيجية عربية لمواجهة التحديات التي تتعرض لها المنطقة العربية". وأشار البيان الى ان الجانبين "أجريا تقويماً شاملاً لعملية السلام وجددا دعوتهما راعييها ودول الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي الى تكثيف الجهود من اجل استئناف المفاوضات على المسارين اللبناني والسوري ومن النقطة التي توقفت عندها العام 1996، وصولاً الى تحقيق السلام العادل والشامل وفق مرجعية مدريد القائمة على قراري مجلس الأمن الرقمين 242 و338 ومبدأ الأرض في مقابل السلام انطلاقاً من الإنسحاب الاسرائيلي الكامل من الجنوب اللبناني والبقاع الغربي والجولان وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره وإقامة دولة مستقلة على ترابه وعاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين في شكل عادل ومنصف بما يكرس حق العودة". وأفاد البيان أن الرئىس لحود "أعرب عن سروره الكبير بزيارة الملك عبدالله للبنان وثمّن الجهود التي يبذلها جلالة الملك لتعزيز العمل العربي المشترك. وشكر الرئيس لحود لشقيقه الملك عبدالله الرعاية والإهتمام اللذين تلقاهما الجالية اللبنانية في الأردن. وأثنى الملك عبدالله الثاني من جانبه على دور لبنان الرائد سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وأشاد بمقدرة لبنان واللبنانيين على مواجهة الصعاب وتخطيها، واعتبر ان مقاومة الشعب اللبناني للإحتلال الإسرائيلي في الجنوب والبقاع الغربي حق مشروع تقرّه الشرائع والمواثيق الدولية". ولدى مغادرته لبنان، وجّه الملك عبدالله برقية شكر الى الرئيس لحود لما لقيه فيه والملكة رانية من "حسن استقبال وحفاوة وكرم ضيافة عربي أصيل، ما يعكس ما عرف عن الشعب اللبناني الشقيق، من اصالة ورقي وحضارة، ومقدرة على مواجهة التحدي في منتهى الشجاعة والإرادة والحرص على ان يكون في طليعة اخوانه العرب في الدفاع عن قضايا الأمة وحريتها وكرامتها". وأضاف "ان هذه الزيارة، وفّرت لنا فرصة الإلتقاء والتشاور معكم، وتبادل وجهات النظر في الأمور التي تهم بلدينا وشعبينا، وأسعدنا ما لمسناه من تماثل في وجهات النظر على الكثير من القضايا ذات الإهتمام المشترك التي تناولتها المحادثات، والتي تؤكد حرصنا المشترك على توحيد كلمة الأمة ولمّ شملها خدمة لقضاياها العادلة. وعززت محادثاتنا معكم روح التفاهم والتعاون السائدة بين بلدينا، وأكدت وحدة الموقف والهدف العربي الذي نسعى إليه جميعنا". وأكد "اهمية تضافر الجهود من اجل استئناف المسيرة السلمية على كل المسارات، ومن النقطة التي توقفت عندها في السابق، وصولاً الى تحقيق السلام الشامل والعادل الذي تتطلع اليه شعوب المنطقة، ووقوفنا الى جانبكم وإلى جانب الأشقاء في سورية في نضالكم الدؤوب وجهودكم المخلصة لاستعادة اراضيكم المحتلة وحقوقكم المشروعة، منطلقين في ذلك من التزامنا قضايا أمتنا ووحدة الهدف والمصير والمستقبل المشرق لكل شعوبها". وختم "ان المحبة المتبادلة التي كان يوليها الشعب اللبناني العزيز لوالدي الراحل لا تزال تشكل وديعة أمينة في ضميرنا ووجداننا، وسنبقى نحافظ عليها ونبادلها بالمودّة والإحترام، وأسأل الله ان يوفقكم في قيادة بلدكم الشقيق نحو اهدافه المرسومة، وأن يحقق للشعب اللبناني الشقيق في ظل قيادتكم الحكيمة المزيد من المنعة والرفعة والسؤدد". وأعلن رئيس الحكومة سليم الحص، تعليقاً على نتائج المحادثات مع الجانب الأردني "انها تناولت مواضيع عدة تهمّ البلدين، بينها العلاقات الاقتصادية وحركة التبادل التجاري تدريجاً، وتطورات المنطقة في ضوء المساعي المبذولة لاستئناف محادثات التسوية، ولا نستطيع تحديد مواعيد لأن المعطيات لا تسمح بذلك". وتلقى السيد محمد حسين فضل الله برقية من الملك الأردني أثناء زيارته لبنان تمنى له فيها "الشفاء العاجل وموفور الصحة، على امل اللقاء بكم قريباً".