"زعيم الأمة" لقب أضفته الصحافة الروسية على رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف الذي غدت موافقته على قيادة ائتلاف "الوطن كل روسيا" بمثابة ناقوس خطر يحذر الكرملين من احتمال انتقال السلطة الى شخص لم يحظ ب"مباركة" الرئيس بوريس يلتسن. رغم تأكيد رئيس الوزراء الروسي السابق يفغيني بريماكوف ان ائتلاف "الوطن كل روسيا" الذي يقوده شكل لخوض الانتخابات البرلمانية ولم يحدد موقفاً بعد من الانتخابات الرئاسية فإن ثمة اجماع على ان الرجل الذي تدرج في المناصب من عهد ليونيد بريجنيف في السبعينات، غدا المرشح الأهم لاعتلاء كرسي الكرملين. وقدم بريماكوف ما يشبه "البرنامج الرئاسي"، اذ دعا الى تعديل الدستور والحد من صلاحيات رئيس الدولة وتحويل جزء منها الى البرلمان والحكومة. ولطمأنة يلتسن على أن الملفات القضائية والمالية والسياسية لن تفتح، طالب بريماكوف بسن قانون يحوي "ضمانات للرؤساء الذين تنتهي ولايتهم". وشدد على أن ائتلاف "الوطن كل روسيا" يطمح الى السيطرة على غالبية مقاعد البرلمان وتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات التي ستجري في 19 كانون الأول ديسمبر المقبل. ويمنح الدستور حالياً رئيس الدولة حق تشكيل الحكومة بصرف النظر عن نتائج الانتخابات. ولذا فإن اقتراح بريماكوف هو دعوة واضحة لتعديل الدستور بهدف "منع التغيير المفاجيء للحكومات من دون علم رؤسائها"، حسبما ذكر في تلميح الى اقالته هو شخصياً قبل ثلاثة أشهر وعزل سيرغي ستيباشين أخيراً. والى جانب البنود "التقليدية" مثل مكافحة الاجرام والفساد واعتماد اصلاحات ب"توجه اجتماعي" وتعزيز القوات المسلحة، دعا بريماكوف الى مصالحة وطنية شاملة، يستثنى منها "المتطرفون والراغبون في إبقاء الماء عكراً لكي يصطادوا اسماكاً ذهبية". وسجلت كل الاستطلاعات طوال العام الماضي تفوقاً مميزاً لبريماكوف على منافسيه. وكان بديهياً ان يثير ذلك رعب الكرملين، خصوصاً وان محافظ موسكو يوري لوجكوف وهو الركن الأساسي في الائتلاف، لم يعد يخفى عداءه ليلتسن. وذكر أمس ان "السلطة في طور احتضار" ودعا الى تغيير "شرعي" لها. ورغم ان بريماكوف انتقد محاولات الكرملين حظر "أحزاب لا تعجبه" وذلك في اشارة الى الحزب الشيوعي فإن الشيوعيين يبدون من جانبهم تخوفاً من احتمال "ترحيل" أصوات ناخبيهم الى كتلة يسار الوسط الجديدة التي توقع أقطابها ان تحصل على أكثر من نصف المقاعد في البرلمان. إلا أن مراقبين محايدين قدروا ان النسبة التي يمكن ان تحققها قد لا تتجاوز ال25 الى 30 في المئة. وعلى الرغم من ان الحزب الشيوعي وحلفاءه يجدون في "الوطن كل روسيا" منافساً خطيراً فإن الطرفين يمكن أن يعقدا تحالفاً تكتيكياً ضد الكرملين إذا حاول اعلان حال الطوارئ أو عرقلة اجراء الانتخابات البرلمانية.