عاد رئيس الوزراء الروسي السابق يفغيني بريماكوف إلى نشاطه السياسي، وبدأ مشاورات مع محافظ موسكو والشيوعيين، استعداداً للانتخابات الرئاسية المقبلة. ويحاول بريماكوف بالتعاون مع "حلفائه" التصدي لمحاولات الرئيس بوريس يلتسن إلغاء الانتخابات البرلمانية. غدا الصمت ورقة مهمة يستثمرها رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف عشية إعلان تحالفه مع محافظ موسكو يوري لوجكوف، فيما أكدت مصادر مطلعة أن بريماكوف يجري مشاورات مع الشيوعيين ل"تنسيق المواقف" في أي تحرك من الكرملين يهدف إلى إلغاء الانتخابات. وفي أول حديث تلفزيوني منذ إقالته في أيار مايو قال بريماكوف أمس إن وضعه الصحي بعد الجراحة التي أجريت له في سويسرا "لا يشكل عائقاً" يمنع عودته إلى السياسة. وأكد أحد المقربين من رئيس الحكومة السابق ل"الحياة" أن بريماكوف لن يحدد موقفه من الانتخابات البرلمانية إلا بعد الإعلان عنها رسمياً أواسط الشهر المقبل. ورجح المصدر قيام تحالف بين بريماكوف وكتلة "الوطن" التي يقودها لوجكوف على أن تنضم إليها مجموعة "روسيا كلها" التي انتسب إليها عدد من السياسيين البارزين، أهمهم رئيس جمهورية تترستات منتمير شايمييف. وقيام هذا "الثالوث" الذي يمثل تيار الوسط يثير مخاوف اليمين المتحالف مع الكرملين الذي سارع إلى الاعلان عن قيام كتلة مضادة بقيادة رئيس الوزراء الأسبق سيرغي كيريينكو. وذكر أحد أقطاب الكتلة الراديكالي المعروف اناتولي تشوبايس ان "المثلث" المحتمل سيكون له "تأثير هائل" في الانتخابات، لكنه اعتبر قيامه "ظاهرة سلبية" لأنه يضم قادة متقدمين في السن، ودعا إلى افساح المجال أمام جيل الشباب. لكن غالبية السياسيين الشباب ينتمون إلى أجنحة راديكالية يمينية لا تحظى بتأييد أكثر من 5 في المئة، على رغم أنها تتمتع بدعم الكرملين الذي لم يستقر على مرشح رئاسة أو كتلة يدعمها في الانتخابات النيابية. والمرجح ان يكون رئيس الوزراء الحالي سيرغي ستيباشين المرشح الأوفر حظاً، لأنه ممثل الجناح المعتدل في المجموعة الليبرالية اليمينية. وبدأ ستيباشين خلال جولة في الأقاليم الروسية مساعي تهدف إلى تشكيل تجمع يضم محافظي المقاطعات لكي يكون "قطباً معادلاً" لتحالف بريماكوف - لوجكوف - شايمييف الذي توقع خبراء ان يحصل على 40 في المئة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية، ما يوفر له فرصة لتشكيل حكومة مستقرة بالتعاون مع كتل واحزاب معتدلة او حتى يسارية، والأهم من ذلك انه يؤمن ل"المثلث الذهبي" قاعدة رصينة للفوز في الانتخابات الرئاسية. هذه السيناريوهات لا تنطبق مع خطط الكرملين الذي يريد "تنصيب" رئيس "موضع ثقة"، ويكون متأكداً من أنه لن يفتح ملفات بوريس يلتسن او اي من أفراد عائلته والمنتفعين من صلاتهم مع السلطة حالياً. ومن جهة أخرى فإن تحالف الوسط القوي يسحب أصواتاً من الشيوعيين، الا ان هؤلاء يؤثرون الا يدخلوا في صراعات مع تيار الوسط، بل بدأوا بالفعل مشاورات مع قادته بغية التصدي لأي محاولة يقوم بها الكرملين لإرجاء الانتخابات او اعلان حال الطوارئ. وأكدت وكالة "انترفاكس" ان الرجل الثاني في الحزب الشيوعي فالنتين كوبتسوف يتولى ادارة المشاورات مع بريماكوف، فيما أكد زعيم الحزب غينادي زيوغانوف ان اتصالات مستمرة تجرى مع محافظ العاصمة. ونفى قادة كتلة "الوطن" احتمال التحالف مع الشيوعيين إلا ان لوجكوف اشار الى انه "لن يسكت" على محاولات فرض الطوارئ او استخدام اجهزة الأمن لمحاربة الخصوم السياسيين. اي ان الكرملين يمكن أن يخلق بنفسه تحالفاً واسعاً مناوئاً له في حال اقدامه على أي عمل يخرج عن اطار الشرعية والدستور.