ادخلت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية تغييرات جوهرية على الخريطة السياسية الروسية. ولم يعد تأثير الشيوعيين في البرلمان حاسماً، فيما احتل انصار الكرملين المرتبة الثانية متقدمين على كتلة "الوطن كل روسيا". وتحدثت اوساط الكرملين عن "ثورة سلمية" حدثت في روسيا تؤدي الى نشوء اجواء تعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بنتيجة الانتخابات البرلمانية. بالرغم من احتفاظ الحزب الشيوعي بالمرتبة الأولى لجهة أصوات الناخبين 24 بالمئة من الأصوات من خلال الاقتراع على اللوائح الحزبية وبين 43 و45 مقعداً في الدوائر الفردية مما يتيح له تشكيل كتلة برلمانية في حدود 150 نائباً فإن اليسار الروسي لم يعد قادراً على التأثير الحاسم على البرلمان. واعتبر مراقبون صعود كتلة "الوحدة" خلال شهرين من مستوى الصفر الى وضع الكتلة الثانية وتفوقها الكبير على حركة "الوطن كل روسيا" بقيادة يفغيني بريماكوف، ظاهرة فريدة لم تكن ممكنة دون القاء الرئاسة والحكومة معاً كل ثقلهما وكل امكانياتهما في المعركة الانتخابية لصالح الحزب الجديد للسلطة اي "الوحدة" وكذلك "اتحاد قوى اليمين". ونقل عن الرئيس بوريس يلتسن "ارتياحه" لنتائج الانتخابات. وفي اشارة الى رغبة الكرملين في تنقية اجواء القطيعة والحرب الاعلامية بينه وبين يوري لوجكوف الذي حقق انتصاراً كاسحاً في المعركة من أجل تجديد ولايته لمحافظ موسكو، قال يلتسن انه "يحترم خيار سكان موسكو". إلا ان وجوها تنتمي الى التيار الليبرالي الراديكالي في اوساط الرئاسة، بدأت تبالغ في أهمية "النصر" الانتخابي. وقال ايغور شابدورسولوف النائب الأول لمدير الديوان الرئاسي امس الاثنين ان "ثورة سلمية" حدثت في روسيا وتنبأ بنشوء اجواء التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية عند بدء أعمال مجلس الدوما الجديد. كما اعتبر سيرغي كيريينكو زعيم الاتحاد قوى اليمن الذي فاز ب80 بالمئة من الأصوات وانهزم أمام لوجكوف في معركة انتخاب محافظ العاصمة، ان "القوى الليبرالية عادت الى الساحة كحزب السلطة". وفي المقابل صرح الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف بان حزبه "انتصر" في الانتخابات. وتوقع ان تتخذ أكثرية نواب الدوما الجديد، بمن فيهم اعضاء في كتلة "الوحدة" الموالية للحكومة، "مواقف وطنية" تجاه اهم القضايا. الا ان نائباً شيوعياً فاز مجدداً بالمقعد النيابي قال ل"الحياة" ان اي جهة لن تتمكن من فرض مواقفها في البرلمان الجديد، بما في ذلك الكتلة الشيوعية وانصارها من النواب المستقلين اضافة الى ممثلي احزاب الحكومة "الوحدة" و"اتحاد قوى اليمين" والحزب الليبرالي الديموقراطي بزعامة السياسي الغوغائي فلاديمير جيرينوفسكي. وستتوقف امور كثيرة وربما حاسمة على موقف كتلة "يابلوكو" الليبرالية المعارضة لمجمل السياسات الرسمية والتي يتزعمها غريغوري يافلينسكي. وتوقعت اوساط المال والأعمال في موسكو تحسن "المناخ الاستثماري" في روسيا. والمحت الى حركة ارتفاع سعر الاسهم الروسية التي سجلت بعد اعلان نتائج الانتخابات. وقال يفغيني ياسين وزير الاقتصاد السابق ومدير "معهد الخبرات الاقتصادية" انه "بانحسار الهيمنة الشيوعية على المؤسسة التشريعية الروسية، اتسعت الآمال بان تتعافى البلاد اقتصادياً". وشكك في احتمال اقامة ائتلاف بين الشيوعيين وكتلة بريماكوف حول أهم القضايا الاقتصادية. وعلى صعيد آخر، اعلن عن فوز عدد من السياسيين البارزين بالمقاعد في الدوما وانحسار زعماء آخرين طالما لعبوا ادواراً سياسية كبيرة في المسرح النيابي. وسيجتمع في الدوما الجديد أربعة من رؤساء الحكومات السابقين واثنان من نواب رئيس الوزراء. ويفتتح أول جلسة للبرلمان رئيس السن ايغور ليغاتشوف الزعيم الشيوعي المخضرم. ومن الساسة الخاسرين اناتولى سويتشاك محافظ بطرسبورغ السابق وسيرغي شاخراي وغينادي بوربوليس اللذين كانا من المقربين من بوريس يلتسن ورسلان حسبلاتوف رئيس البرلمان السابق الشيشاني الاصل. وجاء في بيان أصدره امس المراقبون الدوليون الذين حضروا الانتخابات ان "النزاع في الشيشان قد أثّر على الانتخابات من دون أدنى شك . كما اشار المراقبون الى وقائع تدل على تدخل ممثل السلطة التنفيذية في العملية الاتخابية الا انهم استنتجوا انها "جرت عموماً في روح من المسابقة والتعددية".