سعود بن نهار يتفقد السيل والعطيف    سعود بن نايف يؤكد على جاهزية الجهات لموسم الأمطار    أمير تبوك ونائبه يعزيان البلوي    القيادة رسمت مسار التنمية المستدامة والشاملة    أمانة جدة ل«عكاظ»: درسنا 3 مقترحات وتحسينات لحي المروة    ارتفاع العائدات يخفض أسعار الذهب    انطلاق فعالية "نَوّ" بالقرية العليا    سورية.. «خارطة طريق» نحو الاستقرار    استقالة رئيس الحكومة الكندية    60 شاحنة سعودية تعبر منفذ «نصيب» لإغاثة السوريين    غزة: 14 شهيداً في قصف الاحتلال.. وارتفاع وفيات الأطفال جراء البرد    عبور 60 شاحنة إغاثية سعودية منفذ نصيب تحمل مساعدات للشعب السوري    خيسوس يبحث عن «الهاتريك».. وبلان عينه على الثنائية    «التورنيدو» عاشق الشباك.. أمام الاتحاد «فتاك»    ميلان يقلب الطاولة على إنتر ميلان وينتزع لقب كأس السوبر الإيطالي    الفريق الفتحاوي يواصل استعداداته لمباراة الوحدة وإدارة النادي تفتح المدرجات مجاناً    في ثاني مراحل داكار السعودية 2025: الراجحي والعطية في الصفوف الأولى لفئة السيارات    عمر السومة يرحل عن العربي القطري ويعود للسعودية    خالد بن سعود يستعرض منجزات الهلال الأحمر في تبوك    اللهمّ صيّباً نافعاً    النائب العام ينوه باهتمام القيادة بتطوير البيئة التشريعية    أمير حائل يفتتح «مهرجان حرفة»    "رافد للأوقاف" تنظم اللقاء الأول    قمة عالمية سنوية للغة العربية    لماذا الهلال ثابت ؟!    مكة الأكثر أمطاراً في حالة الإثنين    صافرة الفنزويلي "خيسوس" تضبط مواجهة الهلال والاتحاد    العالم يصافح المرأة السورية    هل من حلول لارتفاع الإيجارات ؟!    حماية البذرة..!    "التراث" توقّع مذكرة تفاهم مع موتوكو كاتاكورا    الأمم المتحدة: إسرائيل فتحت النار على قوافلنا في غزة    «أبوظبي للغة العربية» يعزّز إستراتيجيته في قطاع النشر    أُمُّك يا صاحب المعالي    إصابتان بفيروس رئوي بالهند    روسيا تسيطر على كوراخوفو وكييف تلتزم الصمت    إنذار أحمر وتحذيرات من الدفاع المدني على 3 مناطق    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيسة الجمهورية الهيلينية في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    2800 جولة إصحاح بيئي    هيئة الهلال الأحمر السعودي بمنطقة نجران تحتفل بالمتطوعين    محافظ الليث يستعرض مع أمين جدة المشاريع التنموية بالمحافظة    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان "هذه البلاد بناء شامخ علينا جميعاً العمل على أن يزداد شموخاً"    «سلام» يُخرّج الدفعة السابعة لتأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي    زراعة جهاز على البطين الأيسر يجدد خلايا القلب 6 أضعاف السليم    المدينة المنورة تسجّل أعلى كمية أمطار ب 49.2 ملم في الشفية بدر    أمانة جدة ترفع جاهزيتها للتعامل مع الحالة المطرية التي تشهدها المحافظة    صندوق الاستثمارات يحصل على أول تمويل بهيكلية المرابحة بقيمة 7 مليارات دولار    التجارة : ارتفاع إجمالي السجلات المصدرة في الربع الرابع من 2024 ل 67%    قطاع ومستشفى بلّحمر يُفعّل "شتاء صحي" و"التغطية الصحية الشاملة"    «سحر بحراوي: الجولة الثانية !»    فقط.. لا أريد شيئاً!    مناسبات أفراح جازان ملتقيات شبابية    بيع سمكة تونة ب266 ألف دولار    تقنية تفك تشفير الكلام    المستشفيات بين التنظيم والوساطات    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة الشيخ فهد الحمري    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الوليد بن طلال    الملك وولي العهد يعزيان العاهل الأردني في وفاة ماجدة رعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اهتمام عربي ، خصوصاً من بلدان الخليج . نظام التدريب المهني الثنائي الألماني هل يستفيد منه الشباب العرب ؟
نشر في الحياة يوم 17 - 08 - 1999

قبل بضع سنوات بدأ اندرياس العمل في مؤسسة برلينية متخصصة بتجارة وتركيب اجهزة الاتصالات والكومبيوتر وصيانتها. وكان هذا الشاب الذي يشرف حالياً على احد اقسام الصيانة بدأ تدريبه المهني كفني اجهزة اتصالات في المؤسسة نفسها عندما اجتاز الصف العاشر في احدى مدارس ضاحية لشنتبرغ ببرلين. واستمر تدريبه هذا ثلاث سنوات ليبدأ العمل وهو في سن العشرين. عن تدريبه خلال هذه السنوات يقول: "كنت اتدرب ثلاثة الى اربعة أيام اسبوعياً كعامل فني متمرن داخل مؤسستي. اما باقي الوقت يوم الى يومين فكنت اقضيه مع متدربين من مؤسسات اخرى في مدرسة مهنية حكومية، حيث يتم اعطاء الدروس النظرية وتقويم التدريب العملي". ويبدو الأمر مشابهاً بالنسبة إلى نيكول التي تعمل مساعدة في مكتب للمحاماة. وكذلك الأمر بالنسبة الى فرانك الذي يعمل معاوناً في مؤسسة لترميم الأبنية.
ويقدر عدد الذين يسلكون طريق التدريب والتأهيل المهني المشابهة لطريق هؤلاء كسبيل للعمل الوظيفي او الحر بما لا يقل عن 85 في المئة من الشباب الألماني الذين يختارون تعلم مهنة على حساب التعليم العالي النظري او الجامعي. ويتم استيعاب هؤلاء في اطار نظام متكامل للتأهيل المهني والحرفي يضم ثلاثة انظمة فرعية هي:
1 - نظام التدريب المهني الثنائي The Dual System of Vocational Training.
2 - نظام متابعة التدريب المهني The System of Further Training.
3 - نظام اعادة التدريب المهني The System of Vocational Training.
أهم ملامح النظام المهني الثنائي
نظام التدريب المهني الثنائي هو الأهم بين الأنظمة المذكورة. فمن خلاله يتم تدريب غالبية الشباب الألماني الذي يحظى هذه الأيام بتدريب مهني يشمل 380 مهنة تؤهل للقيام بعشرين ألف عمل وظيفي في طول البلاد وعرضها. وترى غالبية الخبراء ان هذا النظام يعتبر الأفضل من نوعه في العالم. ووصفه الرئيس الألماني الأسبق البروفسور ريشارد فون فايتسغر بأنه يشكل اساس التنمية الألمانية والضامن لمستقبلها. فما هو يا ترى سر هذا النظام؟
يقوم النظام الثنائي بشكل اساسي على مبدأ بسيط هو تعلم وإتقان مهنة اثناء التدريب العملي في معمل او مؤسسة Learning by doing. ومما ينطوي عليه ذلك قيام المتدرب في المؤسسة بممارسة اعمال شبيهة بتلك التي سيقوم بها بعد انتهاء فترة تدريبه وحصوله على وظيفة او قيامه بالعمل الحر. وهذا ما يؤكده كيرهارد سيفرون مدير قسم التأهيل المهني في غرفة تجارة وصناعة برلين حيث يقول: "ان اهمية النظام تكمن في كونه يدرب الشباب على العمل في ظروف مشابهة لتلك التي سيمارسون فيها عملهم الوظيفي بعد انتهاء فترة التدريب التي تتم خلال سنتين او ثلاث سنوات حسب نوع المهنة. وخلال هذه الفترة يتلقى المتدرب تدريبه العملي في المؤسسة بمعدل ثلاثة الى أربعة ايام اسبوعياً. اما فترة اليوم او اليومين المتبقيين من أيام العمل الأسبوعي فيقضيها في مدرسة مهنية حكومية يتلقى فيها العلوم النظرية المكملة لتدريبه العملي".
ويتم الحرص خلال فترة التأهيل على اختبار قدرات المتدرب وتطويرها في ما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية اثناء العمل سواء مع الزملاء او مع الزبائن. ومما يعنيه ذلك مثلاً تعليمه اصول التعامل والتعاون معهم وتحمل المسؤوليات من خلال ترك المجال له لايجاد حلول للمشاكل الناشئة وتقديم الحوافز عندما يثبت جدارته على هذا الصعيد.
ومن اهم محاسن النظام كون غالبية المتدربين يجدون فرصة عمل في نفس المؤسسات التي يتدربون فيها. اما الباقون فتكون حظوظهم في سوق العمل جيدة لأنهم حائزون على تأهيل مهني غالباً ما يكون مطلوباً من مؤسسات اخرى.
ويذكر ايبرهارد مولر عضو غرفة التجارة العربية الألمانية والخبير بمؤسسة لوكاس - نولي للعلوم التطبيقية: ان النظام يقوم على التعاون والتنسيق المستمر بين مختلف الاطراف المشاركة فيه، سيما بين المؤسسات الصناعية والخدمية والتجارية والزراعية الخاصة وبين المدارس المهنية الحكومية. وتنطوي فاعليته على الجمع والتكامل بين التدريب العملي في المؤسسة مصنع، ورشة بناء، فندق... الخ وبين التعليم النظري في المدارس المهنية.
يشارك في اعداد وتنفيذ برامج التدريب المهني الثنائي، بالاضافة الى الاطراف الحكومية من وزارات ومؤسسات ولجان تعليم وتأهيل على الأصعدة الاتحادية والمحلية، كل من غرف التجارة والصناعة والمعامل والمؤسسات الخاصة. وتقوم هذه الجهات بالتنسيق في ما بينها، خصوصاً في مجال وضع خطط التدريب العامة منها والخاصة وتحديد محتوياتها وتطويرها. وينبغي لهذه الخطط حسب قانون التأهيل المهني لعام 1969 ان تراعي "متطلبات التقدم التقني والنمو الاقتصادي والاجتماعي". ويعتبر تحديد اطارها العام من صلاحيات السلطات الاتحادية. وتعتبر السلطات المحلية مسؤولة عن اقامة وتجهيز المدارس المهنية حيث تعطى الدروس النظرية. وتقوم غرف التجارة والصناعة بدور رئيسي في اعداد برامج وخطط التدريب التفصيلية من خلال التنسيق المباشر مع المؤسسات الاقتصادية ومع السلطات المختصة وفقاً لمتطلبات التقدم العملي والتقني وتوجهات السوق. وعليه تقوم من فترة لأخرى بتعديل برامج المهن القائمة ووضع برامج للجديد منها، كما يحصل هذه الأيام على صعيد العديد من المهن التي يتم الاعداد للتدريب عليها في مجال الاتصالات والمعلوماتية. ومن أهم مهام الغرف المذكورة أيضاً تقديم المشورة للمعامل والمؤسسات والمتدربين فيها. وتشمل الاستشارات، بالإضافة إلى محتوى التدريب، توضيح مشاكله ومتطلباته والنواحي التربوية والقانونية المرتبطة به. وخلال فترة التدريب تشرف الغرف على مدى إيفاء المؤسسة لشروط التأهيل وتتوسط لحل النزاعات بينها وبين المتدرب في حال نشوئها. كما أنها تشارك في لجان الامتحانات الفصلية والنهائية التي تجرى للمتدربين.
وتعتبر المعامل والمؤسسات العنصر الحاسم في عملية التدريب الثنائي كونها تؤمن إمكانات التدريب العملية وتمولها. ففيها يستخدم المتدرب تجهيزات العمل ومتطلباته ويعيش حالاته المختلفة. ومنها يحصل على منحة شهرية باستثناء بعض الحالات التي تمولها الدولة بالكامل أو إلى حد كبير كما في حال تأهيل المعاقين وحالات أخرى. وعلى الرغم من أن المشرع ترك للمؤسسة حرية اختيار المتدربين لديها في الإطار القانوني المحدد، غير أنه ألزمها تنفيذ برنامج التأهيل وفقاً لعقد التدريب والتأهيل الموقع بين المتدرب والمؤسسة. ويتضمن العقد المذكور خطة محددة وشاملة لفصول برنامج التدريب الذي ينبغي التقيد بمحتواه وخطته الزمنية.
يلفت نظام التدريب المهني الثنائي الألماني اهتمام البلدان العربية منذ سنوات، غير أن هذا الاهتمام تزايد نتيجة لمبادرات عدة قامت بها غرف التجارة والصناعة العربية والمشتركة وعلى رأسها غرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية. ودخل هذا الاهتمام مرحلة جديدة مع تكثيف المحادثات والمشاورات بين الأخيرة وغرف التجارة والصناعة في قطر والإمارات وغيرها من البلدان العربية من أجل التوصل إلى صيغ اتفاقات يتم بموجبها التعاون للاستفادة من تطبيقات النظام في أقرب فرصة ممكنة. وفي هذا الإطار خصص المنتدى الاقتصادي العربي - الألماني الثاني الذي نظمته غرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية خلال شهر حزيران يونيو الماضي في برلين ندوة لتناول نظام التعليم والتدريب المهني في المانيا. وبرز الاهتمام خلالها بنظام التدريب الثنائي لجهة امكانات تطبيقه عربياً. ومن خلال المحاضرات والمداخلات العديدة التي القيت تبين ان هناك امكانات للاستفادة من الخبرات الألمانية، غير ان هذه الامكانات محدودة في الظروف الحالية بسبب خصوصية البنى الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي. فهذه البنى تعاني، على سبيل المثال، من غياب الشركات والمؤسسات الاقتصادية بشكل كافٍ لاستيعاب أعداد الشباب المهيئين للتدريب. كما ان الكثير من الشباب العربي، خصوصاً في بلدان الخليج لا يميل إلى تعلم المهن، حيث تعتبر غير لائقة بهم، وفي المدى البعيد يمكن الاستفادة من تطبقيات النظام بشكل أوسع شريطة استعداد المؤسسات الاقتصادية العربية للتعاون والمساهمة في التأهيل المهني وتحمل الأعباء الملقاة على عاتقها أسوة بمثيلاتها في المانيا. ومن أجل اقناعها بذلك، فإنه ينبغي القيام بحملة توعية توضح المنافع التي تجنيها من خلال ذلك، خصوصاً على صعيد تأمين قوة العمل المؤهلة والضرورية لاستمرارها في عصر المنافسة الضارية على نوعية المنتج والخدمات. وهنا يبرز دور غرف التجارة والصناعة العربية والجهات الحكومية على صعيد تقديم المشورة والدعم بما فيه المادي في حال ضرورته. كما ان الاستفادة من تطبيقات النظام، خصوصاً في بلدان الخليج، مرهونة بتغيير نظرة شبابنا وسلوكهم إلى وتجاه المهن. وما يعنيه ذلك تشجيعهم على تعلمها وممارستها وجعل مردودها ضامناً لمستقبلهم على غرار العمل في مجالات الطب والهندسة وغيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.