ما دمنا نتحدث عن التحول الاقتصادي وتنويع القاعدة الاقتصادية فلا بد ألا يغيب عنا التعليم المهني، فمن خلال تجربتنا نلاحظ ان هناك انتكاسة في هذا النوع من التعليم بسبب اللوائح والأنظمة وطرق التدريب، وقبل ذلك غياب الفلسفة التي تؤطره, فغياب الرؤية وعدم وضوح الأهداف وعدم ضم التعليم المهني لوزارة التعليم كلها أسباب رئيسية في حدوث هذه الانتكاسة، ولا شك أن هناك أسبابا أخرى ترتبط بعوامل اجتماعية واقتصادية وإدارية. ولكي نتخذ أولى خطوات الحل كان لا بد أن نعرج على تجارب الآخرين، ومنها تجربة جمهورية ألمانيا التي تعد من أفضل التجارب في نظم التدريب المهني والتعليم الفني، خاصة نظام التعليم المهني الثنائي الذي يتدرب فيه 70 في المائة من الشباب الألماني، حيث يعد من أفضل نظم التعليم في العالم. ويضم هذا النظام أكثر من 370 مهنة تؤهل للقيام بأكثر من 20 ألف عمل مهني, أما فترة الدراسة فيه فتتراوح بين سنتين وثلاث سنوات, ويتم تحديد المهن وبرامجها التدريبية عن طريق التعاون الوثيق بين الحكومة الاتحادية وسلطات الولايات وغرف التجارة والصناعة, ويتم تطويره بشكل مستمر عن طريق مهن جديدة وفقا لما تتطلبه سوق العمل. ويرتكز نظام التعليم المهني الثنائي في ألمانيا على الجمع بين التعليم النظري في المدارس والمعاهد المهنية وبين التدريب العملي على ممارسة المهنة في المؤسسات التجارية والصناعية والخدمية أو في ورش مخصصة للتدريب, أما الهدف الأساسي من ذلك فيكمن في تعليم المتدرب وتعريفه بظروف عمل حقيقية كتلك التي ستواجهه في سوق العمل لاحقا. وتكون حصة التدريب العملي من ثلاثة إلى أربعة أيام، بينما تأخذ الحصص النظرية يوما إلى يومين في الأسبوع حسب طبيعة المهنة, أما التمويل فيتم بالتعاون بين السلطات والمؤسسات التي تستقبل المتدربين, ففي الوقت الذي تسهم فيه الأخيرة مع البلديات وسلطات الأقاليم في تمويل الورش المتخصصة ودفع أجر للمتدرب، تقوم السلطات المركزية بتمويل التعليم النظري ومتطلباته. ومن خلال استعراض هذه التجربة الفريدة من نوعها نأمل من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية فتح ملف التعليم المهني مجددا ومناقشته بحيادية وروية لندخل مرحلة التحول الاقتصادي بشكل مدروس وسليم ومن دون معوقات تعترضه. إلهام محمد الأحمري محاضرة جامعة الملك سعود