تحول حديث وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت عن "التفاؤل الكبير" الى حديث عن "التقدم الكبير". واذا كانت في المرة الأولى تصف شعورها بعد لقائها مع الرئيس حافظ الأسد أول من أمس في دمشق فإنها، في المرة الثانية، كانت تتحدث عن معطيات تجمعت لديها اثر اجتماعها الصباحي مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك. وكان الأخير استقبلها بقرار "وقف المناقصات" الجديدة لبناء مستوطنات في الضفة الغربية لمدة شهرين ونصف، وهو القرار الذي اعتبرته الوزيرة الاميركية التي بدأت امس محادثات مع الرئيس عرفات "مهماً جداً" ورآه الفلسطينيون "غامضاً" وان كان فتح الباب امام نزع فتيل أزمة بين الطرفين ما قد يسمح بتحديد موعد جديد لاستئناف المفاوضات حول الوضع النهائي. راجع ص3 "التقدم الكبير" الذي تحدثت عنه اولبرايت هو "على طريق استئناف المفاوضات بين سورية واسرائيل". واضافت بعد اجتماعها مع باراك "اعتقد انه من الصحيح القول اننا احرزنا تقدماً جيداً نحو تحقيق أهدافنا" وحددت هذه الأهداف باثنين، الأول هو "وضع قاعدة لاستئناف المفاوضات المباشرة"، والثاني هو "العمل بما يجعل التقدم السريع نحو التوصل الى نتيجة أمراً ممكناً". مصالحة وفي اسرائيل أكد نائب وزير الخارجية الاسرائيلي نواف مصالحة ل"الحياة" أنه حتى اللحظة لم يتم التوصل الى "معادلة استئناف المفاوضات" بين اسرائيل وسورية موضحا أن التفاؤل الذي أبدته أولبرايت هو "تفاؤل حذر وقلق". وقال مصالحة في حديث الى "الحياة" بعد مشاركته في الاجتماع الذي جرى بين اولبرايت ونظيرها الاسرائيلي دافيد ليفي إن "النقطة الاساسية الجوهرية التي تعترض حتى الآن استئناف المفاوضات اصرار الرئيس حافظ الاسد على التزام رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك المسبق بالانسحاب الكامل من الجولان الى حدود ما قبل الرابع من حزيران يونيو". وقال مصالحة إنه ومن وجهة نظر باراك نفسه لا يستطيع ضمن تركيبة الحكومة الحالية أن يتعهد مسبقا بالانسحاب من كامل هضبة الجولان "وان كانت نتيجة المفاوضات يمكن أن تفضي الى هذا الانسحاب". وفي رده على سؤال ل"الحياة" عن موقف الرئيس السوري من باقي الاسئلة التي طلبت واشنطن ردا عليها، قال مصالحة إن "الحديث بالنسبة لسورية واسرائيل لا يقتصر على مسألة الانسحاب بل يتجاوزه بالحديث عن العلاقات الديبلوماسية والمنطقة المعزولة من السلاح على الحدود والاتفاقيات الاقتصادية وكل ما يتعلق بتطبيع العلاقات بين الجانبين". ورفض مصالحة التعقيب ما اذا كان الرئيس الاسد رد على المطلب الاسرائيلي - الاميركي في شأن التنظيمات الفلسطينية في سورية ومنظمة حزب الله في الجنوب اللبناني. ولكنه قال: أنا لا أرى الرئيس الاسد معترفاً رسمياً أو خطيًا بأنه المسؤول عن حزب الله وهو يقول "مقاومة لبنانية"، وأضاف ان لقاءات أولبرايت مع باراك وليفي "لم تبحث بتفاصيل ما بعد السلام". وفي ما يتعلق ب"المنطقة المنزوعة السلاح" رد مصالحة أنه من حيث المبدأ لا يوجد اعتراض سوري على هذه المسألة وتبقى التفاصيل للمفاوضين. وحول تصريحات باراك في شأن الانسحاب الأحادي الجانب من لبنان، أعرب مصالحة عن اعتقاده أن "اصرار باراك على الانسحاب من لبنان حقيقي وهو ليس ورقة يستغلها للمسار السوري، هو مؤمن بذلك". مضيفاً أن باراك يريد بالفعل أن ينسحب من لبنان بعد التوصل الى اتفاق مع سورية ولبنان "ولكن اذا استحال التوصل الى اتفاق، اعتقد أنه سيأمر الجيش الاسرائيلي بالانسجاب من لبنان في الصيف المقبل". ونفى نائب وزير الخارجية الاسرائيلي أن تكون هنالك مفاوضات سرية "مباشرة" بين سورية واسرائيل مشيراً في الوقت ذاته الى أن "المباحثات غير المباشرة بين الطرفين لم تتوقف". دمشق من جهتها اعلنت سورية انها ابدت "كل المرونة لاستئناف مفاوضات السلام" السورية - الاسرائىلية ذلك خلال محادثات الرئيس حافظ الاسد مع وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت يوم اول امس، لكنها "لم تتخل عن اي جزء" من الجولان السوري المحتل. وبثت اذاعة دمشق امس ان سورية "قدمت فرصة جديدة للتوصل الى السلام ولم تكن عقبة في طريق استئناف مفاوضات السلام التي اوقفها الجانب الاسرائيلي" في آذار مارس 1996. ولم تحدد الاذاعة تفاصيل "المرونة" التي ابدتها دمشق، لكن يعتقد انها تتعلق بالاسئلة العشرة التي نقلها الرئيس بيل كلينتون الى سورية وتتعلق بترتيبات الامن و"حزب الله" والتزامن والعلاقات الاقتصادية والديبلوماسية بعد السلام.