قوة الوظائف الأمريكية تقضي على آمال خفض الفائدة في يناير    جدول اختبارات نهاية الفصل الدراسي الثاني 3 شعبان    أمير الشمالية يطلع على أعمال جمرك جديدة عرعر    محمد بن عبدالرحمن يواسي الخطيب والبواردي    سعود بن بندر ينوّه باهتمام القيادة بقطاع المياه    العلاقة المُتشابكة بين "الذكاء الاصطناعي" و"صناعة المحتوى".. المحاذير المهنية    «موسم الرياض» يسجل رقماً قياسياً ب16 مليون زائر    11,000 فرصة وظيفية لخريجي «التقني والمهني» في 30 يوماً    سورية الجديدة    خيسوس يعد الزعيم للمحافظة على «الصدارة»    شبح الهبوط يطارد أحد والأنصار    الخريجي يعزز العلاقات الثنائية مع إسبانيا    نغمة عجز وكسل    الراجحي يضيق الخناق على متصدر رالي داكار    أمير نجران يستقبل مدير الجوازات    هيئة مجلس الشورى تعقد اجتماعها السابع    المملكة عون لأشقائها    الصحي الأول بالرياض يتصدر التطوع    جامعة الملك سعود تنظم «المؤتمر الدولي للإبل في الثقافة العربية»    المسجد النبوي يحتضن 5.5 ملايين مصل    السجائر الإلكترونية.. فتك بالرئة وهشاشة بالعظام    طالبات الطب أكثر احتراقاً    برشلونة يقسو على ريال مدريد بخماسية ويتوّج بالسوبر الإسباني    أمير القصيم يرعى المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي    متفرّد    فاكهة الأدب في المراسلات الشعرية    يِهل وبله على فْياضٍ عذيّه    الأهلي يسابق الزمن للتعاقد مع أكرم عفيف    المخاطرة اللبنانية !    الأمم المتحدة تحذر من كارثة إنسانية في غزة    واتساب يطرح علامة تبويب خاصة بمحادثات «AI»    لبنان الماضي الأليم.. والمستقبل الواعد وفق الطائف    لمسة وفاء.. المهندس أحمد بن محمد القنفذي    شرطة منطقة مكة المكرمة تقبض على محتالي سبائك الذهب المزيّف    155 مليون ريال القيمة السوقية للثروة السمكية بعسير    أغرب مرسوم في بلدة إيطالية: المرض ممنوع    «ولي العهد».. الفرقد اللاصف في مراقي المجد    تمكين التنمية الصناعية المستدامة وتوطين المحتوى.. قادة شركات ينوّهون بأهمية الحوافز للقطاع الصناعي    جميل الحجيلان    السباك    في موسم "شتاء 2025".. «إرث» .. تجربة ثقافية وتراثية فريدة    150 قصيدة تشعل ملتقى الشعر بنادي جازان الأدبي    خرائط ملتهبة!    هل نجاح المرأة مالياً يزعج الزوج ؟!    مطوفي حجاج الدول العربية الشريك الاستراتيجي لإكسبو الحج 2025    قصر بعبدا.. بين عونين    سيتي يتطلع لحسم صفقة مرموش    هل أنت شخصية سامة، العلامات والدلائل    المستشفيات وحديث لا ينتهي    7 تدابير للوقاية من ارتفاع ضغط الدم    آل بن محفوظ يستقبلون المعزين في فقيدتهم    مباحثات دفاعية سعودية - أميركية    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    تجربة استثنائية لمشاهدة أسرار مكة والمدينة في مهرجان الخرج الأول للتمور والقهوة السعودية    جدل بين النساء والرجال والسبب.. نجاح الزوجة مالياً يغضب الأزواج    أمير القصيم يشكر المجلي على تقرير الاستعراض الطوعي المحلي لمدينة بريدة    وصول الطائرة الإغاثية التاسعة مطار دمشق.. مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية للمناطق السورية    الديوان الملكي: وفاة والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة القرن العشرين - 9 تموز يوليو 1960 : عبدالناصر في خطاب منسي : الوحدة لا تتم بالقوة
نشر في الحياة يوم 09 - 07 - 1999

بعض المتأملين لما حدث في مصر والعالم العربي خلال العقود الاخيرة، ومن بينهم الروائي الكبير نجيب محفوظ في "اعترافاته" التي ادلى بها الى رجاء النقاش ونشرها هذا الاخير في كتاب اثار ضجة العام الفائت، يأخذ على الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر "تسرعه" في التعبير عن رغبته في تحقيق "الوحدة العربية"، باعتبار ان هذا "التسرع" هو الذي نسف فكرة الوحدة، وأضرّ بمصالح مصر، وعلاقاتها مع بعض اجزاء العالم العربي. وهم، في معرض تعبيرهم عن هذا، يضربون مثلاً، في الوحدة السورية - المصرية، وفي فشلها السريع.
من الناحية الشكلية يبدو هذا الكلام صحيحاً. ولكن يبقى سؤال: هل كان عبدالناصر، حقاً، "متسرعاً" في سلوك درب الوحدة؟ هل استتبت الأمور فأفشلها؟
عودة الى بعض المواقف التي عبر عنها عبدالناصر، في هذا السياق، قد يكون من شأنها ان توفر رداً مناسباً على هذين السؤالين. اذ، الى تردد عبدالناصر في اتخاذ قراره "الوحدوي" يوم فاوضه البعثيون السوريون، وغيرهم من الوطنيين، على ذلك قبيل اعلان الوحدة المصرية - السورية، وقبل تردده الحاسم بعد ذلك في المفاوضات الوحدوية مع العراقيين، والسوريين، هناك موقفان يكشفان، بشكل واضح، رأي عبدالناصر الحقيقي. اول الموقفين، وأقلهما أهمية على أي حال، كان ذاك الذي عبر عنه الرئيس المصري امام المؤرخ الفرنسي بنوا - ميشال، قبل اسابيع قليلة من اعلان الوحدة بين مصر وسورية، اذ قال له بكل وضوح انا لا "اسعى، اطلاقاً، الى تكوين امبراطورية. كل ما اريده هو ان اساعد أمة على وعي ذاتها"، لذلك، اضاف عبدالناصر "لا يدخل في حسباني ابداً ان أفرض هيمنتي على شعوب لا تريدها". ان حركة الوحدة، قال عبدالناصر "لا يمكن تحقيقها الا عبر وسائل سياسية وسيكولوجية". يومها علق بنوا - ميشال على هذا الكلام قائلاً ان التمييز الذي اقامه عبدالناصر بين الامبراطورية والأمة كان مهماً، وينتمي فكرياً الى فلسفة سياسية واضحة ودقيقة، فالامبراطورية بالنسبة اليه هي "مجرد تجميع لشعوب مشتتة، يتم اخضاعها ضد ارادتها، تبعاً لارادة الطرف الأقوى"، اما الأمة فهي "مجموع حقيقي متجانس، يشعر كل طرف في داخله انه في داره".
والموقف الأهم، في السياق نفسه، هو ذاك الذي عبر عنه جمال عبدالناصر، في مثل هذا اليوم من العام 1960 عند افتتاح الاتحاد القومي في "الاقليمين" الشمالي والجنوبي. وأهمية الموقف تكمن في انه أتى في وقت كانت فيه "الوحدة" قد تحققت. غير ان عبدالناصر، وكما هو واضح، كان بدأ يتلمس مخاطرها وهناتها في وقت مبكر، من هنا ما قاله في خطاب افتتاح الاتحاد القومي، ففي الوقت الذي عبر فيه عن آماله الوحدوية، وكون الوحدة سبيلاً لاقامة مستقبل جيد للأمة العربية، لم يفته ان يبدي الكثير من الحذر والواقعية. وفي ذلك الخطاب، الذي يميل الكثيرون الى نسيانه اليوم، ذكر الرئيس المصري مستمعيه بالمبادئ التي تقود خطواته في المجال الوحدوي، وأول تلك المبادئ ان "الوحدة لا يمكنها ان تكون سوى ثمرة اختيار حر ومستقل" وثاني المبادئ انه يتوجب على الشعوب التي تتطلع الى الوحدة ان "تحقق اول الأمر وحدتها الوطنية الداخلية، اي داخل حدودها القائمة، وذلك قبل ان تفكر بالانفتاح الوحدوي على اقطار تقع خارج تلك الحدود". وكان من الواضح ان عبدالناصر يعني هذا الكلام بشكل عملي، اذ انه سرعان ما اعطى ثلاثة أمثلة هي لبنان والسودان والعراق، متسائلاً: "كيف يمكن لهذه الاقطار الثلاثة ان تدخل في وحدة عربية جامعة قبل ان تتمكن قبل ذلك من حل المشاكل والصراعات الدينية والطائفية والعرقية التي تمزقها؟". وأكد في الخطاب نفسه ان الوحدة، ان قيّض لها ان تتحقق فيجب ان تكون "موضوع تطور متواصل وإيجابي، لا ان تتم عن طريق القوة".
يومها، في خضم الحماسة الوحدوية كانوا قلة أولئك الذين تنبهوا الى خطورة كلام عبدالناصر. وبعد ذلك حين انفرطت الوحدة السورية - المصرية، لم يهتم احد، كما يبدو، بالتذكير بأن الكلام الذي قاله الزعيم المصري، كان في حد ذاته ناقوس خطر، في وقت كانت فيه الأمور تبدو زاهية، مشرقة، وتبشر بمستقبل وحدوي عامر!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.