نصح الصحافي الاسرائيلي المخضرم زئيف شيف رئيس الوزراء المنتخب ايهود باراك بأن يضع تحسين العلاقات الاسرائيلية - الاميركية على قمة اولوياته السياسية، خصوصاً بعد التوتر الشديد الذي شهدته هذه العلاقات العام الماضي، معتبراً ان اي تقدم في العملية السلمية سيتطلب اولاً تنسيقاً مبكراً مع واشنطن. وبهذا المعنى، فإن باراك الذي يرفض ان يناقش الخطوط العريضة لسياسته التفاوضية مع شركائه في الحكومة المقبلة، سيضطر الى وضع الادارة الاميركية "في الصورة" ومشاورتها في حيثيات اجندته التفاوضية وجدول العمل في الاشهر المقبلة، لأنها بخلاف شركائه، لن تكتفي بوضع ثقتها بشخصيته وحكمته، بل تطالب بسماع ما يرضيها على مستوى تنفيذ الاتفاقات. وعلى خلفية تساؤل مقربين من باراك اذا كان من الافضل تجاهل اتفاق واي ريفر والبدء في مفاوضات الوضع النهائي، سارع المسؤولون الاميركيون الى الاعلان عن توقعاتهم من الحكومة الاسرائىلية، واعتبروا ان تطبيق اتفاق واي ريفر سيكون أمراً حيوياً، وهو ما يتوقعونه من باراك. جاء ذلك في خطاب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط مارتن انديك في كلمة امام لجنة العلاقات الدولية، وكذلك في كلمة بروس رايدل مستشار الرئيس بيل كلينتون لشؤون الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي. وهذا ما توقعه ايضاً السفير السابق ادوارد دجيرجيان في كلمته في جامعة تل ابيب. واتفق المسؤولون الثلاثة على ان المفاوضات ستستأنف على اكثر من مسار، مشيرين الى ضرورة التقدم على المسار السوري. لكن دجيرجيان المتحرر من الاعتبارات الرسمية، اعتبر انه بعد تطبيق اتفاق واي ريفر، ستضع اسرائيل واميركا ثقلهما في المفاوضات مع سورية باعتبار ان قضايا الوضع النهائي شائكة وستحتاج الى وقت لكي يتم التوصل الى اتفاق في شأنها مع الفلسطينيين، في حين ان التوصل الى اتفاق مع سورية في الجولان ولبنان اصبح ممكناً وضرورياً اكثر من أي وقت مضى. أما انديك ورايدل، فاعتبرا ان هناك امكانية للتوصل الى اتفاق في شأن ملفات الوضع النهائي مع الفلسطينيين خلال "سنة" استناداً الى اتفاقات مدريد واوسلو وقرارات الاممالمتحدة 242 و338، وليس على القرار 181 او اي قرار آخر. وبهذا المعنى، فإن واشنطن تطرح قضايا الوضع النهائي للنقاش من دون مرجعية دولية تتعلق بالسيادة والدولة او عودة اللاجئين، وهي الملفات التي اعلن باراك لاءاته في شأنها بعد فوزه في الانتخابات. ان الطريق الوحيد لمفاوضات سريعة في القضايا الخمس المصيرية السيادة والاستيطان والقدس واللاجئين والمياه هو قبول الموقف الاسرائيلي الرافض اي تنازلات في شأن اي منها، لأن الموقف الفلسطيني منها جميعاً مناقض كلية لموقف اسرائىل. فهل تتبنى واشنطن موقف اسرائىل ويصبح هناك امكانية لحسم سريع كما قال انديك، ام ستؤجل مفاوضات الوضع النهائي لما بعد التوصل الى اتفاق سلام مع سورية كما يقول دجيرجيان؟ الجواب غير مطمئن في الحالتين، وهو كما يبدو قد يدخل الفلسطينيين في منطق العلاقات الاميركية - الاسرائىلية التي أصر شيف على الاهتمام بها اولاً، والتي اعتبرها رايدل بمستواها الاستراتيجي، المقياس الاهم للمجازفة والربح في العملية السلمية. وهي تخضع اليوم للعبة الانتخابات الاميركية التي تتأثر بالقوى الداخلية على حد ما جاء على لسان دجيرجيان، او بكلمات اخرى لضغوط اللوبي اليهودي على المرشحين الاميركيين. هذا بمجمله يضع الفلسطينيين امام تحد من نوع جديد سيكون على الغالب اصعب من تحدي نتانياهو لأنه يضعهم امام تفاهم وتنسيق اميركي - اسرائىلي في ما يخص الخطوط العريضة للمفاوضات لن يكون امامهم المتسع من الحرية للمناورة فيها خلال تطبيق اتفاق واي ريفر او بعده.