جوهانسبورغ - أ ف ب - يفتح تولي ثابو مبيكي السلطة في جنوب افريقيا صفحة جديدة في عملية المصالحة الوطنية التي شكلت احد التحديات الرئيسية خلال سنوات حكم مانديلا، ويخشى ان تفقد صدقيتها مع ادخال اصلاح على قانون العفو. وحتى قبل تعيينه، اثار مبيكي قلقاً باعلانه عزمه على توسيع نطاق العفو السياسي الذي اوكل قبل اربع سنوات الى "لجنة الحقيقة والمصالحة" في عملية تربط بين العفو والاعتراف. والهدف من ذلك كما يؤكد المقربون منه "عدم الانجرار الى نزاع ناجم عن جرائم الماضي". وفي مقدم المستفيدين من ذلك عناصر حركة زولو انكاتا المتهمة بارتكاب جرائم في منطقة كوازولو ناتال، وجنرالات الفصل العنصري الذين لم ينخرطوا في اللعبة ويواجهون خطر المحاكمة. وفي آذار مارس الماضي رفضت لجنة المصالحة العفو الجماعي الذي طلبه مبيكي و26 من القادة الآخرين في حزب المؤتمر الوطني الافريقي الحاكم منذ 1994 عن اعمال العنف التي ارتكبت ابان النضال ضد الفصل العنصري. واكدت اللجنة وقتها ان هذا الطلب الجماعي الذي لا يشمل فعلا محدداً، لا يدخل في نطاق صلاحيتها القانونية. وبطلب من مبيكي، بدأ خبراء وزارة العدل بمراجعة القانون الذي اسست بموجبه لجنة المصالحة. وتقول ياسمين سوكا، الرئيسة الحالية للجنة "علينا ان نكون حذرين جداً، لان ذلك من شأنه ان يشكك في صدقية العملية برمتها". ويضيف الاب مايكل لابسلي، احد الكهنة الذين تعرضوا للتشويه في ظل الفصل العنصري ان "العفو الممنوح الى الجلادين يتطلب صفح الضحايا: العملية لا معنى لها الا اذا جرت بصورة فردية وعلنية، وليس بصورة جماعية وفي الخفاء". وازاء هذه المخاوف، تؤكد وزارة العدل ان المطلوب "وضع آلية تضمن استمرار عملية المصالحة من دون تقويض ما قامت به لجنة المصالحة". لكن اجواء القلق تتصاعد بسبب العلاقات السيئة بين مبيكي واللجنة. ففي 1998، رفض مبيكي باسم المؤتمر الوطني، استنتاجات اللجنة في شأن حركة التحرير وحاول من خلال القضاء منع نشر التقرير النهائي لها. وشجب دسموند توتو، رئيس اللجنة حينها هذه الضغوط مذكراً بأنه "ناضل كل حياته ضد الديكتاتورية وانه لا يزال مستعداً لاستئناف النضال". والآن، اصبحت القضية ساخنة جداً مع تولي القضاء ملفات اولئك الذين اعتبرتهم اللجنة مسؤولين عن اعمال محددة، ولم يطلبوا العفو مثل منغوسوتو بوتيليزي، زعيم انكاتا، وويني ماديكيزيلا مانديلا، الزوجة السابقة لمانديلا، وكذلك الرئيس الاسبق بيتر بوتا. كثيرون يرون ان اصلاح قانون العفو سيكون سياسياً. وتقول سوكا ان "المشكلة في كوازولو ناتال هي مع الزعيم بوتيليزي الذي اعتبرته لجنة المصالحة مسؤولا مباشرة عن المذابح التي ارتكبتها حركته في المنطقة". الا ان استنتاجات اللجنة لا تنسجم مع المفاوضات السياسية التي يجريها المؤتمر الوطني مع انكاتا بهدف التوصل الى اتفاق. وبالنسبة الى بوتيليزي والى جميع الذين اتهمتهم لجنة المصالحة، يشكل اصلاح قانون العفو افضل فرصة لتجنب الملاحقات، في وقت تنشط فيه عجلة القضاء. حتى وان كان "لا يزال هناك الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به للتوصل الى أدلة وشهود اثبات" وفق تعبير سيفو مجينغوا، احد المتحدثين باسم مكتب النائب العام. وذكرت اسبوعية "ميل اند غارديان" ان مسألة العفو ستكون "الاختبار الاول" لمبيكي. وتضيف ان "السؤال الاساسي هو معرفة هل كان امساكه بزمام الأمور سيتم على حساب القاعدة الاخلاقية التي استمد منها مانديلا سلطته ونفوذه".