تراجعت إسرائيل عن أساس آخر من أسس إتفاق أوسلو، وقررت منع عضو المجلس الوطني الفلسطيني محمد داود عودة أبو داود المخطط لعملية ميونيخ الشهيرة، من دخول الاراضي الفلسطينية. وسحبت بطاقة "شخصية هامة جداً" التي منحتها إياها إثر عودته للمرة الاولى عام 1996، في خطوة وصفتها مصادر فلسطينية بأنها "غير مدروسة". وأصدر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو تعليمات إلى الأجهزة الامنية بعدم السماح ل"أبو داود" باجتياز الحدود الاردنية عبر جسر اللنبي الذي تسيطر عليه الدولة العبرية، قبل 24 ساعة من موعد عودته الذي كان مقرراً اليوم، وذلك بعد التشاور مع وزيري الخارجية والعدل أرييل شارون وتساحي هنغبي ومستشاره القضائي الياكيم روبنشتاين. وجاءت الخطوة الاسرائيلية إثر اصدار السلطات القضائية الالمانية أمراً بإعتقال "أبو داود" الاسبوع الماضي بعد نشر الزميلة "الوسط" حواراً معه اعترف فيه بمسؤوليته عن عملية ميونيخ التي نفذتها مجموعة من الفلسطينيين عام 1972 أثناء دورة الالعاب الاولمبية وقتل فيها 11 رياضياً إسرائيلياً. وهو اعتراف تضمنه كتاب جديد "فلسطين من القدس إلى ميونيخ" صدر بالفرنسية وتحدث فيه المسؤول الفلسطيني عن سيرته الذاتية، وكشف القصة الكاملة لعملية ميونيخ. وقالت مصادر في وزارة الخارجية الاسرائيلية إنها لم تتسلم طلباً من ألمانيا لاعتقال "أبو داود"، مشيرة الى وجود إتفاق بين تل أبيب وبرلين لتبادل المطلوبين. ولاحظت مصادر صحافية "الموقف الحرج" الذي وضعت السلطات الالمانية فيه الحكومة الاسرائيلية باصدارها أمر الاعتقال، فهي إذا تجاهلت الامر ستواجه أزمة مع الألمان وإذا استجابت ستصطدم مع السلطة الفلسطينية، إضافة الى تخوف الدولة العبرية من أن ترد برلين بالمثل في حال طلبت اسرائيل تسليمها مطلوبين لديها. وطالبت جمعية "المتضررين من الارهاب" الاسرائيلية الحكومة باعتقال "أبو داود" فور إجتيازه الحدود وعدم الاكتفاء بمنعه من الدخول. وقالت مصادر صحافية إسرائيلية إن نتانياهو اتخذ قراره من دون التشاور مع رئيس الوزراء المنتخب إيهود باراك، إلا ان صحيفة "هآرتس" نقلت عن مصدر قريب من باراك قوله: "لا أتصور أنهم سيسمحون لمخطط عملية ميونيخ بدخول دولة إسرائيل". وأعلن "أبو داود" الموجود في الاردن إرجاء عودته الى رام الله، مشيراً الى أنه سيلجأ الى القضاء الاسرائيلي لإلغاء قرار نتانياهو. وأبلغ الإذاعة الاسرائيلية: "سأنتظر فترة وسألجأ الى كل الطرق بما فيها المحكمة الاسرائيلية العليا". وأضاف أن وزير العدل سمح بعودته مع عدد كبير من الفلسطينيين، وفقاً لما نصت عليه إتفاقات أوسلو التي اعتبرت أن الاعمال التي قام بها الفلسطينيون ضد إسرائيل قبل توقيع الاتفاقات "لاغية". وأكد أنه لم يصدر أوامر بقتل الرياضيين الاسرائيليين وكان الهدف من احتجازهم تحرير 500 أسير فلسطيني في السجون الاسرائيلية. وقال: "الذين يجب أن يمثلوا أمام القضاء هم رئيسة الوزراء في حينه غولدا مئير ورئيس الاستخبارات العسكرية والمسؤولون الالمان الذين خضعوا للإبتزاز ونصبوا مكمناً لمنفذي العملية". واعتبر رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد قريع أبو علاء القرار الاسرائيلي "ردة فعل غير مدروسة". وأكد ل "الحياة" أن القرار يعتبر "إنتهاكاً للإتفاقات الموقعة"، مشيرا الى أن "السلطات الاسرائيلية درست ملف أبو داود قبل السماح له بالعودة في العام 1996".