رشحت القيادات الأوروبية الأمين العام الحالي لحلف شمال الأطلسي خافيير سولانا لتسلم منصب رفيع المستوى تم التوافق على استحداثه بين العواصم الأوروبية التي تتهيأ لعقد قمة كولون في الثالث من حزيران يونيو المقبل. وأكدت مصادر سياسية واعلامية ان القمة الأوروبية، في ختام الرئاسة الألمانية، ستتوج بتدشين منصب "المندوب السامي" للاتحاد الأوروبي، يتفرغ لتسيير السياسة الخارجية للاتحاد. وهو منصب طال انتظاره خصوصاً بعد بروز خلل واضح بين الدور الاقتصادي العملاق الذي تلعبه دول الاتحاد والحجم السياسي المتواضع للغاية لديبلوماسيتها. وتؤكد المصادر وجود شبه اجماع على تسمية سولانا لهذا المنصب، في ضوء النجاحات التي حققها في ادارته لملف الأزمة البلقانية وتعزيزه شبكة العلاقات الحيوية بين الدول الغربية ودول وسط أوروبا وشرقها خلال السنوات التي أمضاها في منصبه كأمين عام للحلف الأطلسي. وفيما ترى العواصم الغربية الكبرى انه لا يوجد منافس جدي لسولانا على المنصب، إلا أن فرنسا لم تعط بعد جوابها الرسمي على ترشيحه. وقالت مصادر سياسية غربية ان باريس لا تزال تزن قيمة المنصب ومدى توافقه مع الوزن الذي يمثله هوبير فيدرين وزير خارجيتها الذي ترغب في ترشيحه. ولكن دول البينولوكس الثلاث - هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ - عبرت أيضاً عن رغبتها في ترشيح هانس فان دين بروك المفوض الحالي للعلاقات مع دول أوروبا الشرقية والمسؤول عن ملف توسيع عضوية الاتحاد أمام القمة. ولكن المصادر تشير الى ان الأمر لا يتصل بمميزات سولانا بمقدار ما ينبثق من المخاوف من أن تسلمه هذا المنصب سيزيد من نفوذ الدول الكبرى وسلطاتها في الاتحاد المانياوفرنسا واسبانيا وبريطانيا وايطاليا على حساب الدول الصغيرة. يذكر ان عمل الأمين العام الحالي للأطلسي سينتهي في كانون الأول ديسمبر المقبل، وهو كان أعلن انه غير راغب في ترشيح نفسه لفترة اضافية بعد ذلك التاريخ. ونشرت صحيفة "يوروبيين فويس" المتخصصة بشؤون الاتحاد الأوروبي في عددها الصادر أمس "ان الدول الأوروبية مستعجلة لتولي سولانا مهماته في أقرب وقت ممكن، إلا أن ثمة مخاوف من أن لا تسمح التزاماته تجاه الناتو بتفرغه لمنصبه الجديد". لكنها قالت من جهة أخرى "ان اختيار سولانا ليترك الأطلسي في هذا الوقت الحرج يعد اشارة الى تزايد الثقة والتفاؤل بوجود فرصة كبيرة لإحداث خرق سياسي ينهي النزاع والمواجهة في كوسوفو قبل نهاية العام الحالي". ورأى مراقبون غربيون ان التوجه الحالي يضاف الى التطور المهم المتمثل بتوجيه اتهامات رسمية من محكمة جرائم الحرب في لاهاي أول من أمس، في تأكيد الثقة التي تتمتع بها العواصم الأطلسية بشأن حسم النزاع في كوسوفو. وسيستفيد سولانا في منصبه الجديد من علاقاته القوية مع عواصم شرق أوروبا ووسطها لتنفيذ ما يعرف ب"ميثاق الاستقرار" الذي يتضمن اصلاح المؤسسات القانونية والحقوقية والاجتماعية لتلك الدول، ودمجها مع بعضها بعضاً لتأمين نجاح المرحلة الانتقالية لدخولها عضوية الاتحاد.