فرض قادة المعارضة السودانية أمس تعتيماً اعلامياً على خلافات برزت أخيراً في شأن المصالحة مع الحكومة السودانية وتحقيق حل سلمي دعا اليه رئيس الوزراء السابق رئيس حزب الامة السيد الصادق المهدي في انتظار الاستماع الى اقتراحات المهدي في اجتماع لقيادات "التجمع الوطني الديموقراطي" يعقد في أسمرا في الاسبوع الاول من الشهر المقبل. في غضون ذلك تترقب الاوساط السودانية اجتماعاً حاسماً ينتظر ان يعقده المهدي مع زعيم "الجيش الشعبي لتحرير السودان" العقيد جون قرنق في اوغندا خلال يومين، لجهة تحديد وجهة الحوار مع الحكومة على ثلاثة مسارات. أعلن رئيس "التجمع الوطني الديموقراطي" رئيس الحزب الاتحادي السيد محمد عثمان الميرغني أن قادة المعارضة السودانية الموجودين في القاهرة اتفقوا على مناقشة "المستجدات بما في ذلك لقاء جنيف" بين المهدي ورئيس البرلمان السوداني الامين العام ل"المؤتمر الوطني" الحاكم الدكتور حسن الترابي في الاجتماع المقبل لهيئة القيادة "حتى يخرج التجمع بموقف موحد في هذا الصدد". وأوضح الميرغني في بيان اصدره من القاهرة أن أعضاء هيئة قيادة "التجمع" والمكتب التنفيذي وومثلي الفصائل المعارضة في القاهرة التقوا في اجتماع تشاوري برئاسته لمناقشة التطورات. وجاء الاجتماع بعد تراشق اعلامي واضطراب في مواقف فصائل في "التجمع" أيدت ثم عارضت اقتراحات المهدي، وأخرى عارضتها من البداية. وقادت هذه الاتهامات الى رد حاد من المهدي تحدث فيه عن "مزايدات وملاسنات" من بعض قيادي الحزب الشيوعي في الخارج. وأوضح الميرغني ان المشاركين في اللقاء أجروا "نقاشاً مستفيضاً"، قالت مصادر مطلعة انه كان حاداً في بعض الأحيان واستمر ساعات طويلة. وحدد بيان الميرغني خمس نقاط أكد اتفاق المشاركين عليها، اربع منها هي: تأكيد وحدة "التجمع" وتماسك قواه على اساس مواثيق اسمرا، وتحية "صمود جماهير الشعب في وجه نظام التطرف والارهاب"، واشادة ب"الموقف الشجاع لاريتريا والدور المؤازر من مصر والجهد المقدر لليبيا، والترحيب ب"الانتصارات الباهرة لقوات التجمع". أما النقطة الخامسة فصيغت على النحو الآتي: "تأسيساً على ما قرره التجمع في وثائقه من اعتماد للحل السلمي الديموقراطي كأحد خيارات تفكيك النظام، وما استتبع ذلك من تعزيز لهذا المنحى في مذكرة التجمع في الداخل، تداول المجتمعون في المستجدات الاخيرة بما في ذلك لقاء جنيف وتم الاتفاق على بحثها في الاجتماع المقبل لهيئة القيادة حتى يخرج التجمع بموقف موحد في هذا الصدد يشكل المنطلق الذي يتعامل به ازاء كل المبادرات السلمية المطروحة على الساحة". انزاعج ليبي من جهة أخرى، علمت "الحياة" أن ليبيا ابلغت الحكومة السودانية امتعاضها من استعداد الخرطوم لاقامة احتفالات ترحيب بالرئيس السابق جعفر نميري الذي يعتزم العودة بعد غياب استمر 14 عاماً. وقالت مصادر مطلعة ان طرابلس التي بقيت على حال عداء مع نميري طوال السنوات الاخيرة من حكمه الذي امتد 16 عاماً لا تتوقع من الخرطوم "التهليل لعودة نميري". وأصدر حزب الأمة بياناً أمس انتقد فيه "التعاطف بين الانظمة الديكتاتورية"، في إشارة الى حكمي نميري والرئيس عمر البشير العسكريين. يذكر ان حزبي الامة و"الجبهة الاسلامية" خاضا حروباً مع نميري انتهت بمصالحة. وانتقد الحزب خصوصاً "تبشير ابواق اعلام النظام في الداخل بقدوم القائد المظفر نميري". ودعا "جماهير الشعب الى مواجهة نميري عند وصوله بكل السبل المتاحة وتقديمه الى محاكمة وتعديل القوانين التي تحول دون ذلك". في غضون ذلك افادت تقارير صحافية في الخرطوم ان نميري الذي أعلن أخيراً انه سيعود غداً الخميس أرجأ عودته الى مطلع الشهر المقبل. ولم يعرف على الفور سبب التأجيل ، الا أن البشير سيغادر الخرطوم اليوم الى غانا للمشاركة في قمة افريقية.