أطلقت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة صرخة امس مطالبة دول العالم جميعاً باستقبال اللاجئين الألبان من اقليم كوسوفو، من اجل التخفيف عن الدول المجاورة ليوغوسلافيا والتقليل من عذابات عشرات الآلاف المشردين في الاقليم نفسه والذين تطاردهم القوات النظامية والميليشيات الصربية. وأعلن حلف شمال الاطلسي امس ان عدد المهجرين في خلال 24 ساعة بلغ سبعين ألفاً، معترفاً، في الوقت نفسه، بأن الخسائر النازلة بالجيش اليوغوسلافي لم تمنعه من متابعة حملته ومن التحرك غرباً للقضاء على المعاقل الاخيرة ل"جيش تحرير كوسوفو". وأوضح الناطق باسم الحلف جامي شيا ان عدد اللاجئين في مقدونيا، التي اعادت فتح حدودها لاستقبالهم، بلغ 135 ألفاً، وفي البانيا 190 الفاً. وتحدث عن خطة ل"توزيع" الألبان تستضيف بموجبها المانيا 40 الفاً، واليونان خمسة آلاف، والنروج ستة آلاف، وتركيا 20 الفاً، وكندا 5 آلاف وأميركا 20 الفاً. وأضاف ان الهدف لا يزال اعادتهم الى "اقليم كوسوفو الديموقراطي والهادئ ومتعدد الاثنيات" وان شرط ذلك ارغام القوات الصربية على الانسحاب تحت القصف ودخول قوات دولية للحماية. وبقي غامضاً ما اذا كان دخول القوات الغربية يقتضي موافقة من بلغراد ام ان الأطلسي متجه نحو اقامة ملاذ آمن للاجئين فوق ارضهم في كوسوفو. وكان لافتاً اعلان مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي صموئيل بيرغر ان بيل كلينتون وافق على ارسال مروحيات "اباشي" الى منطقة العمليات علماً ان هذه الطائرات تستخدم، عادة، مع القوات البرية الأمر الذي يعني افتتاح مرحلة جديدة في الحرب. ومن المتوقع ان تشهد الأيام المقبلة تصاعداً حاداً في عمليات القصف بسبب تكثيف التهجير ولكن، أيضاً، بسبب تحسن الأحوال الجوية فوق البلقان ونتيجة لتوسيع لائحة الاهداف حتى باتت تشمل فضلاً عن المواقع العسكرية خارج بلغراد وداخلها تجهيزات وانشاءات من البنية التحتية مثل الجسور والمصافي النفطية يمكنها ان تخدم أنشطة الجيش التعبوية واللوجستية. ويتعزز احتمال اللجوء الى تشديد القصف من استمرار الولاياتالمتحدة وحلفائها في زيادة الحشود العسكرية حول يوغوسلافيا. وأكد بيرغر، في مقابلة مع شبكة "سي بي اس"، ان قرار واشنطن ارسال طائرات "اباشي" وطواقم صواريخ ارض - ارض وحوالى الفي جندي الى البانيا "لا يشكل بدء عمليات برية" ضد القوات اليوغوسلافية في صربيا وكوسوفو. وقال ان وجود القوات البرية مرتبط بوجود طائرات "اباشي" المعروفة باختصاصها في تدمير الدبابات والمدرعات. وأضاف بيرغر ان الرئيس كلينتون اتخذ قراره ارسال هذه الطائرات بناء على طلب قادته العسكريين، وان وزير الدفاع وليم كوهين ورئيس هيئة الاركان المشتركة هنري شيلتون وافقا على القرار. وكرر بأن "لا حاجة الى تدخل للقوات البرية في مواجهة القوات الصربية"، وان عمليات القصف الجوي ستستمر من دون توقف ليلاً ونهاراً بهدف الحاق اكبر اضرار بالجيش اليوغوسلافي خصوصاً في كوسوفو. واعتبر ان امام الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش "خيار القبول بعودة اللاجئين الكوسوفيين والعيش بأمان داخل حكم ذاتي وإلا فإن حلف شمال الاطلسي سيستمر في العمل على خفض سيطرته وسلطته على كوسوفو". وأوضح ان ارسال قوات غزو برية الى كوسوفو او الى صربيا "ليس في المصلحة القومية للولايات المتحدة"، مشيراً الى الصعوبات التي تواجهها الحملة البرية "اذ ان اعدادها سيستغرق اسابيع او شهوراً، ثم انها تعني قتالاً ضارياً بين قرية وأخرى وسقوط آلاف الضحايا". وقال: "لا نعتقد ان ذلك ضروري لتحقيق اهدافنا ولدينا حملة جوية يدعمها الحلفاء. والوقت الآن ليس للتشكيك وانما للمضي في العملية". وتابع: "ان الوقت على المدى القصير كان ربما لمصلحة ميلوشيفيتش لكنه سيكون لمصلحة حلف الاطلسي مع المدى البعيد". الى ذلك، كشفت وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت ان الولاياتالمتحدة قررت استقبال عدة آلاف من اللاجئين الكوسوفيين في اطار عملية متكاملة لمساعدتهم مع الحلفاء الأوروبيين. وأضافت في مقابلة امس مع شبكة "ان بي سي" ان الاتحاد الأوروبي قرر قبول مئة الف لاجئ كوسوفي لرفع الضغوط البشرية عن كل من البانياومقدونيا. وفي باريس اكد وزير الخارجية هوبير فيدرين انه ينبغي الان "مساعدة اللاجئين من كوسوفو حيث هم موجودون الان، ومساعدة الدول التي يتوجهون اليها، خصوصاً مقدونياوالبانيا ومونتينغرو". وقال في لقاء تلفيزيوني ان الاتحاد الاوروبي يعمل حالياً لتنسيق المساعدات مع الحلف الاطلسي. وسئل هل ان فرنسا مستعدة لاستقبال عدد من اللاجئين، فاجاب ان "ذلك غير مطروح لان فرنسا تريد مساعدة اللاجئين على العودة الى ارضهم، وهي لن تقوم باي عمل يظهر للرئيس الصربي ان في امكانه تشتيت شعب كوسوفو وتشريده في انحاء العالم. نحن نريد اعادت هؤلاء اللاجئين الى ارضهم".