تعهد الحلفاء الاطلسيون في ختام قمتهم في واشنطن امس حماية "دول المواجهة" مع يوغوسلافيا وتقديم مساعدات اقتصادية اليها، في محاولة لتعزيز الجبهة المناهضة للرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش. وكان التطور الابرز في هذا السياق تخلي مقدونيا عن تحفظاتها وابداء استعدادها لاستقبال مزيد من القوات البريطانية والالمانية، قوامها اربعة الاف جندي، اضافة الى وضع هنغاريا قواعدها الجوية في تصرف طائرات الحلف الاطلسي. راجع ص 8 وفي وقت وضعت الدول الاوروبية، خصوصاً فرنسا والمانيا ثقلها وراء اي قرار يتخذه الاطلسي لفرض حظر نفطي على يوغوسلافيا، بما في ذلك تفتيش السفن الروسية، او ارسال قوات برية الى هناك اذا اقتضت الضرورة، اجرى الرئيس الروسي بوريس يلتسن اتصالا بنظيره الاميركي بيل كلينتون في محاولة لتحريك وساطة بدأها مبعوثه فيكتور تشيرنوميردين في بلغراد الاسبوع الماضي ويأمل بأن يستكملها في العواصم الغربية هذا الاسبوع. وافيد ان كلينتون شجع روسيا على المضي في مساعيها. وفيما نجحت الغارات الاطلسية، التي دخلت يومها الثالث والثلاثين امس، في اسكات محطة التلفزيون الصربي واصابة اهداف استراتيجية في مدينة نيش جنوب شرقي صربيا، قام القائد الاعلى لقوات الاطلسي الجنرال ويسلي كلارك بتفقد القواعد والمنشآت الاطلسية في تيرانا فيما قرر قادة الحلف توسيع صلاحياته في اتخاذ قرارات القصف، استعداداً لاطلاق مرحلة جديدة من العمليات تشترك فيها هليكوبترات "اباتشي" المرابطة قرب العاصمة الألبانية. واختتم زعماء دول الاطلسي امس قمتهم بمناسبة الذكرى الخمسين على تأسيس الحلف باعلان تضامنهم وعزمهم على المضي في مواجهة الرئيس اليوغوسلافي ومتابعة الحملة الجوية ضد قواته وتكثيفها وتوسيعها كما تعهدوا بدعم "دول المواجهة" المحيطة بيوغوسلافيا سياسياً وعسكرياً واقتصادياً والبدء بإرسال المزيد من العتاد والقوات خصوصاً الى مقدونيا وألبانيا. وامضى زعماء الحلف يوم امس في جلسة مغلقة ضمتهم وزعماء دول المواجهة السبع للتداول في كيفية تعاون الحلف معهم في مواجهة بلغراد خصوصاً ان الحلف، على حدّ تعبير الناطق باسمه جيمي شي، يحتاج الى هذه الدول مثلما تحتاج هذه الدول اليه، لا في اطار المواجهة مع يوغوسلافيا فحسب بل ايضاً في اطار كيفية مساعدة هذه الدول خصوصاً البانياومقدونيا والجبل الاسود في تعاملها مع مشكلة اللاجئين من كوسوفو. واعطى شي مثلاً على حجم هذه المشكلة وهو ان حوالى 20 في المئة من سكان البانيا الآن هم من اللاجئين. وكانت ابرز التطورات الاخرى امس اعطاء زعماء الحلف لقائده الجنرال الاميركي ويسلي كلارك صلاحيات اوسع خصوصاً في مجال تحديد الاهداف التي سيقصفها الطيران الحليف في يوغوسلافيا من دون الرجوع كل مرة الى القيادة السياسية الامر الذي يعني تسريع العمليات وتكثيفها وتصعيدها ضد القوات الصربية ومنشآتها وطرق امداداتها ومراكز قيادتها والبنية التحتية. والمعروف ان زعماء الحلف كانوا وافقوا على ضرورة وقف وصول الامدادات النفطية الى يوغوسلافيا لاضعاف قدرات آلتها الحربية. وتركت كيفية التنفيذ الى الخبراء القانونيين خصوصاً في مجال فرض الحصار البحري. وكشف امس ايضاً ان هنغاريا رغم استمرارها في معارضة خيارات التدخل العسكري البري وافقت على تقديم قواعدها الجوية للطيران الحليف الذي تضاعف عدده ووصل الى حوالى الف طائرة لشن غاراته. وبدا واضحاً ان التحالف الاطلسي تمكن في عيده الخمسين من المضي في تماسكه في توسيع نشاطاته بدليل الاجماع في تأييد "دول المواجهة" لأهدافه ضد يوغوسلافيا. وقال الناطق شي ان زعماء هذه الدول المجاورة ليوغوسلافيا أكدوا دعمهم للحلف ووقوفهم في وجه سياسة الرئيس ميلوشيفيتش وان الحلف قدم لهذه الدول "ضمانات أمنية" ضد أي تهديدات أو هجوم من يوغوسلافيا. وكان الرئيس بيل كلينتون دعا الى اعتماد الصبر في معالجة أزمة كوسوفو مع استمرار الحملة الجوية ومتابعتها حتى تتحقق الأهداف مهما استغرق ذلك من وقت. وقال: "لكي تنجح هذه الاستراتيجية المطلوب تحقيق أمرين: تنفيذ فعال للحملة وصبر". ولم يسقط الرئيس الاميركي امكانات الحل الديبلوماسي بدليل الاتصال الهاتفي الذي أجراه أمس مع الرئيس الروسي بوريس يلتسن. ووصف مستشاره لشؤون الأمن القومي صمويل بيرغر المكالمة بأنها كانت طويلة ومفيدة. وان يلتسن شرح للرئيس كلينتون نتائج مهمة مبعوثه فيكتور تشيرنوميردين في بلغراد منتصف الاسبوع الماضي ومحادثاته مع الرئيس ميلوشيفيتش. ووصف بيرغر المهمة بأنها "مشجعة" في بعض جوانبها، لكنها لم تؤد الى تلبية شروط الحلف لحل الأزمة سلمياً. وقال ان الرئيس يلتسن جاد في العمل من أجل التوصل الى حل سلمي وان الرئيس كلينتون شجعه على المضي في المبادرة وان واشنطن ستستمر في اتصالاتها مع موسكو خلال الأيام القليلة المقبلة. واعترف بيرغر بأن الخلاف الذي لا يزال قائماً هو حول طبيعة الوجود الدولي في كوسوفو، وان ما عرضته بلغراد من "قبول بوجود دولي غير مسلح" هو غير مقبول من جانب الحلف، علماً بأن روسيا مستمرة في العمل لإقناع بلغراد بالتحرك نحو حل ينسجم مع شروط التحالف. الى ذلك رويترز عرض جيش تحرير كوسوفو خلال مؤتمر صحافي عقد في كوكس مقدونيا امس ان يتصدر هجوماً برياً لحلف شمال الاطلسي ضد القوات الصربية في الاقليم، قائلاً ان من الممكن تقليص الخسائر في الأرواح بالاستفادة من معرفة رجاله تضاريس المنطقة ومسالكها.