يوحي اسمها بأنها انسانة حالمة، لكنها تنتفض بشدة لسماع ذلك وتصرّ على انها "عقلانية جداً". انها المطربة الخليجية أحلام، بصوتها الصافي والمميّز بأوتاره الرنانة وجرسه الدافئ الآتي من حرارة الخليج دبي تحديداً، نجحت أحلام في غضون ثلاثة اعوام في اتخاذ مكانة مرموقة لها في الساحة الغنائية الخليجية والعربية، وهي تستعد اليوم ل"غزو" لبنان عبر عقد وقّعته مع تلفزيون "المؤسسة اللبنانية للارسال". قد لا تكون هذه المطربة الخليجية المتشبثة بتقاليدها وأصولها البدوية، حالمة، لكنها بالتأكيد طموحة. ويتمثل طموحها في ايصال الاغنية الخليجية الى انحاء العالم العربي كله، اما حجتها في ذلك فتستقيها من أم كلثوم التي لقّنت اللهجة المصرية للعرب اجمعين، وفيروز التي شرّعت التراث اللبناني على مداه العربي عبر غنائها اللون اللبناني. تجتهد أحلام لتحقيق هذا الهدف، ولا تساوم البتّة، رافضة بحزم الغناء بغير اللون الخليجي. الغرق في الرتابة لا يقلقها اذ تعتمد دائماً التنويع في الالحان والافكار التي تؤديها في كل مرة بطريقة متجددة. هنا حوار معها: عرض عليك الموسيقار ملحم بركات لحناً فوافقت، ألا تفكرين في غناء اللون اللبناني يوماً؟ - لن أغني اللون اللبناني ابداً، وذلك احتراماً مني للهجة اللبنانية التي قد أشوّهها بلفظي. ولماذا أغني غير اللهجة الخليجية؟ فالسيدة أم كلثوم عندما غنت علمتنا اللهجة المصرية ودخلت عبرها الى بيوتنا في انحاء العالم العربي كله، ومثلها فعلت السيدة فيروز. وأنا أطمح الي ايصال الاغنية الخليجية الى الجمهور العربية اينما وجد. طبعاً، هذا لا يمنعني من التعامل مع ملحنين وشعراء لبنانيين. وأنا اليوم بصدد إعداد أغنية عن لبنان سوف أسجلها وأصورّها قريباً. تتميزين بغزارة انتاجك الغنائي قياساً الى عمرك الفني القصير، ماذا تتوخين من ذلك؟ - أنا اليوم لا ازال في بدايتي الفنية وأريد ان أثبت نفسي. وأحرص على اصدار ألبوم لي كل ثمانية شهور ولذا أقلل عدد الاغنيات في كل ألبوم. أنت لم تتخرجي من معهد موسيقي، ألا تفكرين في دراسة الموسيقى وتعلّم العزف على آلة معينة؟ - لا يكفي ادخال مطربة الى الكونسرفاتوار كي تدرس وتنجح، بل على الفنان ان يتمتع بالموهبة الصوتية الاصيلة والحضور، وأن يحب الفن للفن وليس للمال. شخصياً لدي خبرة اكتسبتها من الفرقة الموسيقية وأسعى الى صقل موهبتي واغناء معرفتي الموسيقية في تعلّم العود على يد الاستاذ ابراهيم الحجار، الذي يمرنّني ايضاً على المقامات الموسيقية والموشحات الاندلسية. يصل الفنان اليوم الى النجومية بسرعة البرق بفضل وسائل الاعلام والفضائيات، وأخيراً حللت في احد الاحصاءات الفنية في المرتبة الاولى متقدمة على الفنان محمد عبده. هل تكفي اعوام قليلة برأيك لتصنيف مطربة نجمة اولى بين مطربين كبار؟ - في ما يخص الاحصاء، أود ان أعبر عن تقديري العميق للفنان محمد عبده، وأنا أضم صوتي لأصوات من رشّحوني لهذه المرتبة وأقدمها للأستاذ محمد عبده لأنه يستحقها وهو الرابح دائماً. من جهة اخرى أعترف أنني أثبت جدارتي مع الجمهور وليس فقط بفضل وسائل الاعلام. لقد أحييت حفلة في لبنان مع تلفزيون "أوربيت" وختمتها بعدما غنّت وردة الجزائرية. هل تصنفين نفسك افضل من وردة الجزائرية؟ - أنا لا أصنّف نفسي شيئاً، ما أقصده هو انني استطعت ان أبني قاعدة جماهيرية. لقد غنيت في تونس وفلسطين بحضور خمسة وعشرين ألف شخص، وليس من العيب ان أدعم نفسي اعلامياً في بلد أتوخى ان أصل فيه الى قلوب الناس. ألهذا السبب وقّعت عقداً مع "المؤسسة اللبنانية للارسال"؟ - "المؤسسة اللبنانية للارسال" محطة ناجحة قادرة على إيصال الفنان بصورة لائقة الى كل انحاء العالم العربي كله. هذا ما احتاج اليه خصوصاً انني لا اغني في مطاعم، ولم أقم في دبي حفلة واحدة. أغني في المهرجانات فقط ولي قاعدة جماهيرية أبغي الحفاظ عليها. أنا أول مطربة خليجية غنت في جرش وفلسطين كما دعتني "اليونسكو" للغناء مما يعني انني استطعت ان ابصم في كل مكان، وهذا ما اسعى اليه دائماً، علماً انني لا أدعي النجومية، وأنا لست أم كلثوم او أسمهان أنا فقط أحلام. بالعودة الى الفنان محمد عبده، فقد اديت له اغنية "يا كيف تنشد" بعدما غناها بصوته، كيف تم ذلك؟ - الأستاذ عبده لم يسجل هذه الأغنية ولم ينزلها الى الاسواق بل كان يدندنها في جلسات خاصة، وكانت عزيزة عليه. أسمعني هذه الاغنية اثناء جلسة معه فأعجبتني وطلبت ان أغنيها فقدمها لي. في البداية خشيت من المقارنة بيني وبينه، هو الأستاذ الكبير، لكنني سمعت بعدها انني غنيتها بأسلوب مختلف تماماً. عندما تختارين اغنية ماذا تطلبين في اللحن والكلمات؟ - ذوق الجمهور ليس سهلاً البتة، وأعتمد دوماً على اختيار الكلمات التي احس بها عميقاً، ليس مهماً ماذا تقول الكلمة بل بماذا توحي لي وينسحب الامر على اللحن ايضاً. من هي افضل مطربة غير خليجية أدت الاغنية الخليجية برأيك؟ - المطربة السورية أصالة نصري. كيف تتعاملين مع النقد الفني؟ - في بداياتي كنت عصبية، ثم تعلمت الهدوء وكتبت على كف يدي: "لن ينال المجد مَن مِن طبعه الغضبُ". تلفتين بلباسك المحتشم دوماً، ونعلم انك ترفضين ارتداء الاثواب ذات الاكمام القصيرة، هل لذلك علاقة بتربيتك؟ - ألفت الى ان أهلي سمحوا لي بالغناء بعد مرور ثلاثة اعوام من محاولات اقناعهم. نحن في الخليج كلنا تربينا على الإحتشام، نلبس الأزياء الطويلة وأنا أتشبث بذلك. لا يحق لأحد رؤية جزء من جسدي سوى زوجي حين ارتبط في المستقبل، لم تكن أم كلثوم ترتدي سوى الفستان الطويل والمحتشم وتتحلى بعقد من الألماس، ومثلها فيروز التي تصعد الى المسرح مستورة. هذا ما أحبه وما تربيت عليه، لقد بدلت تسريحتي لكن هذا لا يعني ان أستعين بمصمم لكي يعرّيني. أنا لا أغني بصدري او بساقي او بكتفي، بل بحنجرتي. وهذا ما يجب ان يهتم له الجمهور. أنا أصلي بدوي، وحين كانت الفتاة في لبنان في الخمسينات والستينات ترتدي القصير كنا نرتدي العباءات والشال وبكل فخر. أنا من عائلة مكتفية مادياً لكن من بيئة بسيطة ومنغلقة. نحن لا نأكل الى اليوم بملعقة ذهبية بل نجلس على الأرض ونأكل بأيدينا، واليد باركها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنا مقتنعة تماماً بما تربيت عليه وأفخر به كثيراً. هل من كلمة أخيرة؟ - أوجّه تحية محبة وشوق الى جمهوري اينما كان، وأعد جمهوري اللبناني بحفلات اكثر ومهرجانات سوف يراني فيها قريباً.