يتزايد الضغط السياسي، كل يوم، على حلف شمال الاطلسي من اجل حسم المعركة في الميدان قبل فوات الأوان، خصوصاً بعد فشل المرحلة الأولى من خطة القصف الجوي ومحدودية تأثير عمليات القصف المكثف التي انطلقت مطلع الاسبوع، على تحرك القوات الصربية وردعها عن تطبيق سياسة الأرض المحروقة. وعاودت المصادر الرسمية في الحلف التأكيد على استبعاد خطة التدخل البري في الظرف الراهن. وكانت ارتفعت حدة الضغط من اجل تدخل بري، بعدما اخفقت محاولة الديبلوماسية الروسية في اقناع الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش بالتراجع وقطعت امامها واشنطن هوامش المناورة الاضافية وأكدت ان عمليات القصف ستتكاثف حتى انهاء اعمال التطهير العرقي في الاقليم. وقال الناطق الرسمي باسم الحلف الدكتور جيمي شيا امس ان الاطلسي يثمن الجهود التي بذلها رئيس الوزراء بريماكوف و"يأسف لفشلها". واعتبر ان العرض الذي نقلته القيادة الروسية، على لسان الرئيس اليوغسلافي "لا يستجيب للشروط" التي وضعتها لجنة الاتصال الدولية، خصوصاً وان القوات الصربية واصلت اعمالها في الاقليم خلال الساعات التي كان رئيس الوزراء بريماكوف يجري مباحثاته في بلغراد. ولاحظ الحلف تحريك روسيا بعض السفن البحرية في اتجاه مياه البحر الأبيض المتوسط. وأشار جيمي شيا الى ان يلتسن كان اعلن رغبته عدم التورط في مشكلة كوسوفو. وقال ان "خفض التوتر يخدم مصلحة الجميع". وازداد الوضع الانساني تدهوراً خلال ال 24 الساعة الاخيرة. وواصلت القوات الصربية تشريد سكان بريشتينا. وتحدثت مصادر الحلف عن تهجير عشرات الآلاف لا يزالون داخل الاقليم ويعانون من نقص الأغذية والادوية ومياه الشفة. وتحدث الناطق الرسمي باسم الاطلسي عن محاولة القوات الصربية "السطو على تاريخ البان كوسوفو" اذ تؤكد تقارير موثقة ان القوات الصربية "تقوم بعمليات اتلاف ارشيف السكان المدنيين فتحرق سجلات الولادة والزواج والتسجيلات المالية ووثائق الملكية". وتمثل الازمة الانسانية في كوسوفو عنصر ضغط قوي بالنسبة الى الحلف. وصرح الأمين العام للأطلسي خافيير سولانا بأن "وقف المذابح بات الهدف الأول". ويستند سولانا الى تشدد الحلفاء واجماعهم على رفض العرض الذي نقله رئيس الوزراء الروسي بريماكوف. وكان الرئيس كلينتون استعجل الرد فور المحادثات القصيرة التي اجراها بريماكوف مع المستشار الالماني غيرهارد شرودر ليل الثلثاء - الأربعاء في بون. وعلى الصعيد العسكري، تتركز جهود الحلف حالياً على اضعاف القدرات العسكرية داخل صربيا وفي اقليم كوسوفو. وقدم الناطق الرسمي باسم قيادة قوات الحلفاء الحصيلة اليومية للضربات. وأكد ان حملة القصف الجوي "تصيب اهدافها رغم سوء الأحوال الجوية". وقال الناطق العسكري باسم الحلف العميد ديفيد ويلبي ان المقاتلات الاطلسية اصابت الى الآن، نحو 30 مقاتلة وعدداً من منصات اطلاق الصواريخ وأضعفت مراكز القيادة وأنظمة الدفاعات الجوية. ودمرت عمليات القصف ليل الثلثاء - الأربعاء، مستودع عربات للجيش غرب بلغراد وموقعاً للقوات المحمولة قرب مدينة نيش، ثاني مدينة في صربيا كما دمر مقر قيادة وحدات الأمن ومستودعات الذخيرة. ويجري تنفيذ الخطة العسكرية بشكل تدرجي وهي دخلت منذ يومين مرحلة استهداف البنى التحتية التابعة لقوات الجيش والأمن. ورفض الناطق تحديد مهلة زمنية لنهاية المواجهة ولم يستبعد ان تستمر في الاسابيع المقبلة وان يحتفل الحلف بالذكرى الخمسين لانشائه في 25 نيسان ابريل المقبل في واشنطن، في ظل تغير الوضع الاستراتيجي في منطقة البلقان وأزيز المقاتلات في اجوائها. وتواصل المصادر الرسمية في الحلف استبعاد خيار التدخل البري الذي تقتضيه المحنة الانسانية. وتوقعت مصادر مطلعة اتضاح الموقف بعد أيام قليلة يتم في نهايتها تقويم نتائج حملة القصف المكثف ضد القوات الصربية في كوسوفو. وفي مؤشر يعكس قرب موعد استخدام الاسلحة التكتيكية، تحدثت مصادر الحلف عن ارسال الحلفاء اسراب من الطائرات التكتيكية. وكان الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية ألمح مطلع الاسبوع الى امكان استخدام مروحيات "آباشي" في كوسوفو. وتعد مروحيات "آي. هيتش - 10" ضمن اكثر المقاتلات جدوى في قصف ارتال الدبابات والمدرعات وتحلق على علو يقارب سطح الميدان لاصابة اهدافها. وأكد الحلف بدء استخدام المقاتلات التكتيكية المضادة للدروع، منذ يوم الاثنين، مثل طائرات "آي - 10"، في نطاق توسيع حملة القصف المكثف ضد مواقع الاسلحة الثقيلة الصربية. ويتوقع ان يتزايد استخدام الطائرات المضادة للدبابات في غضون الأيام المقبلة لاستهداف ارتال الدبابات والمدفعية الصربية داخل اقليم كوسوفو وكذلك في جنوب صربيا، من اجل قطع خطوط امداد الوحدات المتحركة في الاقليم.