تزايدت المؤشرات الى ان المواجهة العسكرية بين حلف شمال الاطلسي والقوات الصربية اصبحت حتمية وقريبة، فيما خلت الأراضي اليوغوسلافية واقليم كوسوفو من الموظفين والعاملين في السفارات الغربية وهيئات المراقبة الدولية والاغاثة الانسانية. وواصل الصرب تحديهم منذ وصلت مفاوضات التسوية السلمية لمشكلة كوسوفو في باريس الى طريق مسدود الخميس الماضي واتخذوا استعدادات للتصدي للقوات الاطلسية سواء في انحاء صربيا او الاقليم وكثفوا هجماتهم على السكان الألبان. وأكد الرئيس الاميركي بيل كلينتون تصميمه على اتخاذ اجراء حازم ضد العنف الصربي، في كوسوفو، في حين اعتبر رئيس جمهورية الجبل الأسود التي تشكل الى جانب صربيا الاتحاد اليوغوسلافي الجديد ان الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش يخاطر باشعال نار حرب دامية. اسلحة روسية ومن جهة اخرى تحدث قادة في الجيش اليوغوسلافي الى صحيفة "بوليتيكا" شبه الرسمية الصادرة في بلغراد عن "امتلاك القوات المسلحة اليوغوسلافية اسلحة اعتراضية للطائرات والصواريخ باستطاعتها التصدي لصواريخ الاطلسي وهي في الجو وإنزال خسائر فادحة بالطائرات المعتدية". وأفاد المحلل العسكري الصربي ميروسلاف لازانسكي في مقابلة مع اذاعة بلغراد ان روسيا "زودت صربيا بوسائل دفاعية حديثة لتلقين الولاياتالمتحدة درساً في انها مخطئة بمحاولاتها الهيمنة على العالم بقوتها العسكرية". وأشار الى ان الخبراء اليوغوسلاف "درسوا تجارب الدول الاخرى التي تعرضت لهجمات اميركية واستفادوا منها في الخطط التي اعتمدوها للقوات اليوغوسلافية في التصدي العسكري لعدوان الحلف الاطلسي". وأبلغ مسؤولون عسكريون اميركيون الكونغرس في واشنطن ان الغارات الجوية على اهداف صربية قد تكلف الحلف الاطلسي طائرات ووقوع اصابات بين الطيارين ووصف الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية جيم بيكون الدفاعات الجوية الصربية بأنها "قوية". وأوضح ان "نظام الدفاع الجوي اليوغوسلافي متين ومتكامل الى درجة كبيرة ويضم معدات جيدة ويشرف على تشغيله اشخاص مدربون جيداً". وأضاف ان الدفاعات الجوية اليوغوسلافية "تتألف من شبكة من الرادارات لرصد الطائرات وصواريخ ارض - جو بامكانها اسقاط الطائرات التي تحلق على ارتفاعات شاهقة بالاضافة الى مدفعية مضادة وصواريخ قصيرة المدى لاسقاط الطائرات التي تحلق على ارتفاعات منخفضة اذا حاولت التسلل من مجالات الرادار". وأشار الى ان كبار الضباط الاميركيين يعتبرون "الطقس الذي يتسم بخليط شتوي من الثلج والضباب الكثيف ينحاز الى جانب الصرب". كلينتون ومن جانبه قال الرئيس كلينتون "لم يبق الا ميلوشيفيتش يقف حائلاً في طريق السلام ومن الضروري ان تلتزم الولاياتالمتحدة بتعهداتها الامنية وتحافظ على صدقيتها في العالم". وحذر من ان القوات الصربية في كوسوفو "سترتكب المزيد من المجازر ضد اهالي الاقليم اذا لم يوضع حد لممارساتها". وقال الأمين العام للحلف الاطلسي خافيير سولانا ان "الوقت ينفد بسرعة في ما يتعلق باللجوء الى القوة العسكرية ضد يوغوسلافيا ما لم يتراجع زعماء الصرب عن موقفهم تجاه كوسوفو". ووصف رفض بلغراد التوقيع على خطة السلام في باريس بأنه "مثير للسخط". وذكر مسؤولون في الاطلسي ان "6 سفن حربية تابعة للحلف قادرة على اطلاق صواريخ موجهة تقوم بأعمال الدورية قرب يوغوسلافيا وان 350 طائرة حربية متأهبة على مقربة من المنشآت العسكرية اليوغوسلافية وانه تم اختيار اهداف صربية رئيسية لمهاجمتها". وعلى صعيد آخر، واصل الصرب تحديهم للأطلسي ووصفتهم مصادر ديبلوماسية بأنهم "بدوا وكأنهم يتمنون حصول الضربات الاطلسية لتصفية حساباتهم مع الألبان". واستمرت محطات الاذاعة والتلفزيون الصربية امس، لليوم الثاني على التوالي، في تقديم برامج خاصة تتضمن اناشيد حماسية وتدعو الى "مقاومة المعتدين اسوة بمآثر ابطال الصرب القدامى الذين اعادوا كيد الغزاة الى نحورهم". استعدادات صربية وظهرت صحيفة "بوليتيكا" شبه الرسمية الصادرة امس السبت في بلغراد وفي صدر صفحتها الأولى عنوان بارز "لن يأخذ اي كان شبراً من أراضينا المقدسة". ويمكن ملاحظة اجواء الاستعداد للحرب في كافة انحاء صربيا اذ ان معسكرات الجيش ومخافر الشرطة في حال تأهب قصوى ويلتحق الجنود الاحتياط بوحداتهم بينما عناصر الميليشيات والمتطوعون والدفاع المدني يجوبون المدن والقرى. ودعت حكومة بلغراد البرلمان الى عقد جلسة طارئة لاعلان حال الحرب في انحاء البلاد. وشوهدت امس ارتال من الدبابات والعربات المصفحة وناقلات الجنود في طريقها الى كوسوفو. وقدر مراقبون عدد الجنود وأفراد الشرطة الخاصة داخل كوسوفو بأكثر من 80 الف، اضافة الى مئات الدبابات والاسلحة الثقيلة المتنوعة. وكثفت الشرطة الصربية وعناصر الأمن الخاص دورياتها في بريشتينا ومدن الاقليم الاخرى التي بدت حركة السكان الألبان فيها محدودة بعدما قرروا ملازمة منازلهم ومراقبة التطورات. ودارت امس معركة عنيفة بين القوات الصربية والمقاتلين الألبان على بعد خمسة كيلومترات الى الشمال من بريشتينا، اضافة الى اشتباكات بين القوات الصربية وجيش التحرير في اكثر من عشر مناطق شمال الاقليم وغربه واندلعت الحرائق في قرى كثيرة نتيجة القصف الصربي وقدر عدد النازحين الألبان امس بما لا يقل عن عشرين الفاً. نازحون وأبدى مسؤول المركز الاعلامي لألبان كوسوفو في مكالمة هاتفية مع "الحياة" من بريشتينا مخاوفه من ان "ترتكب القوات الصربية مجازر لا حدود لها ضد السكان الالبان بعدما خلا الجو لها بخروج المراقبين الدوليين والعاملين في المنظمات الانسانية". ووصل الى مقدونيا امس نحو 1400 مراقب دولي قادمين من كوسوفو بعد انتظار طويل عند نقطة الحدود الصربية التي الغت التأشيرات في جوازات سفرهم التي كانت ممنوحة لهم وذلك قبل السماح لهم باجتياز حدود الاقليم الى مقدونيا. وفي مقدونيا افادت مصادر مطلعة "الحياة" ان السلطات المقدونية بالتعاون مع حلف شمال الاطلسي "اتخذت اجراءات لاغاثة نحو 300 الف نازحج الباني من كوسوفو في حال حصول المواجهة بين الصرب والقوات الاطلسية".