نقلت أوساط سياسية لبنانية عن ديبلوماسي أوروبي، تقويمه موقف الولاياتالمتحدة الاميركية من ضمّ اسرائيل بلدة أرنون وتهديداتها لبنان رداً على العملية النوعية التي نفّذتها المقاومة الاسلامية - الجناح العسكري ل"حزب الله" في منطقة حاصبيا وأدت الى مقتل قائد وحدة الارتباط في الجيش الاسرائىلي الجنرال ايرز غيرشتاين "ان واشنطن وان كانت غير قادرة على الزام الحكومة الاسرائىلية تطبيق القرارات الدولية في شأن انهاء الاحتلال، فحري بها الحؤول دون تماديها في احراجها حيال الرأي العام العالمي". وأكد الديبلوماسي ل"الحياة" ان واشنطن لم تحبذ لجوء الحكومة اللبنانية الى مجلس الامن الدولي لمنع اسرائيل من ضمّ أرنون الى الشريط الحدودي، لكنها وعدت بمعالجة المشكلة بوسائطها الديبلوماسية، الى ان أزال طلاب لبنان الشريط الشائك من حولها، ما أمّن المخرج، بعدما نصحت الادارة الاميركية تل أبيب بعدم التعرّض لهم خصوصاً بعدما أعطيت الاوامر للجيش اللبناني بالرد على الجيش الاسرائىلي في حال تصديه للطلاب. وعزا الموقف الاميركي الى ان واشنطن واجهت اول اختبار لصدقيتها في دعم العهد الجديد فور انتخاب العماد أميل لحود رئيساً للجمهورية وبالتالي لم يعد في مقدورها سوى الضغط على اسرائيل لمنعها من ضمّ أرنون خصوصاً انها تدرك ان المسؤولية تقع على عاتق رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو في تجميد العملية السلمية على كل المسارات وفي مقدمها المسار الفلسطيني على رغم ان الرئيس الاميركي بيل كلينتون رعى شخصياً التوصل الى اتفاق "واي بلانتيشن" بين الجانبين الفلسطيني والاسرائىلي. واضاف "بما ان نتانياهو يحاول استخدام الوضع في لبنان ورقة في الانتخابات الاسرائىلية المبكرة، على خلاف ارادة واشنطن التي تعتقد ان السياسة التي يتبعها لا تشجع على انقاذ العملية السلمية، سارعت الى تطويق ما يخطط له، ظناً منها ان فوزه في المعركة الانتخابية سيقطع الطريق على اعادة الاعتبار الى المفاوضات من جهة وسيتسبب في احراجها امام المجتمع الدولي من جهة ثانية. ورأى ان واشنطن ليست شريكة لنتانياهو في كل ما يخطط له بالنسبة الى لبنان، خصوصاً ان المشكلة تكمن في سياسته ولا تتحمل الدول العربية اي مسؤولية، ما دام انه أحبط ويحبط الجهود الاميركية لمعاودة المفاوضات، اضافة الى ان الادارة الاميركية تميز بين موقفها منه ودعمها لاسرائىل. وأكد ان ما ينطبق على موقف واشنطن من ضمّ أرنون، يسري ايضاً على موقفها من تهديدات نتانياهو، لجهة شنّ هجوم بحري وبري وجوي ضد لبنان، والتي أطلقها فور مقتل الجنرال غيرشتاين، مشيراً الى انها ترفض تعويمه من خلال الجنوب في الانتخابات في المعركة التي تدور بينه وبين منافسيه في حزب العمل أو المنشقين عن تجمع ليكود الذين لم يقرروا الخروج على ارادته الا بعدما تلقوا "غمزة" اميركية. واضاف "ان للتعاون الاميركي - السوري - اللبناني - الفرنسي دوره الميداني في استيعاب القصف الاعلامي عبر شنّ 23 غارة لم تؤد الى سقوط ضحايا". وتابع "ان نتانياهو حاول ان يستدرج لبنان الى الفخّ الذي نصبه، لتوفير ذرائع تبرّر له شنّ عدوان واسع بدءاً من الجنوب، لكنه أخفق على رغم الضخّ الاعلامي بان صواريخ الكاتيوشا تجاوزت الحدود الشمالية لاسرائيل". ولاحظ الديبلوماسي الى ان الحكومة اللبنانية و"حزب الله" الذي يعتبر القوة الرئيسية من دون منازع في مقارعة الاحتلال الاسرائىلي، نسّقا الموقف، وقال ان التحرّك اللبناني الذي قاده الرئيس لحود ورئيس الحكومة سليم الحص مدعوماً بموقف شعبي أدى بالتعاون مع واشنطن وباريس ودمشق الى ابقاء زمام المبادرة في يد لجنة المراقبة المنبثقة من تفاهم نيسان ابريل لتهدئة الوضع في الجنوب على قاعدة ان السقف الذي رسمته يشكل الاطار العام لمعالجة التوتر القائم. وشدد على التحوّل العربي والدولي في الموقف المؤيد للبنان والمتفهم دور المقاومة والذي برز في تبدّل التعاطي مع "حزب الله" كقوة رئيسية في المقاومة، اذ ان الاعلام الغربي تخلّى منذ مدة عن استخدام ما يسمّى بالارهاب الشيعي في حديثه عن الحزب. وقال "لم يكن في وسع نتانياهو سوى اللجوء الى شنّ حرب نفسية ضد لبنان، لترميم وضعه الداخلي بعدما أخفق في ادخال تعديلات على بنود تفاهم نيسان". وختم "ان ضبط الوضع في الجنوب على نحو لا يسقط حق المقاومة في تصديها للاحتلال ولا يشكل خرقاً لتفاهم نيسان سيمنع نتانياهو من التحكم بالمرحلة الانتقالية التي تفصله عن موعد الانتخابات وقد يجد نفسه محاصراً حيال قيامه بفرض واقع جديد يفتح امامه الباب في تحقيق انتصارات سريعة تمكنه من استغلالها انتخابياً".