قبل ان يحقق روبرتو بنيني فيلمه الحالي "الحياة حلوة"، الذي حصل الاسبوع الماضي على ثلاثة اوسكارات ليضمها الى عدد كبير من الجوائز التي حصدها منذ ان بدأ عرض الفيلم، قبل اكثر من عام، كان هناك فيلم آخر عن الهولوكوست وكان كوميدياً، لم يسعفه الحظ بالعرض. الهولوكوست موضوع عشرات الأفلام الجادة، وكثير منها ميلودرامي يحمل في طياته نية الابتزاز العاطفي. وهناك ثلاثة افلام معروفة فقط، ألقت نظرات كوميدية ضاحكة على الموضوع هي: "الديكتاتور العظيم"، فيلم تشارلي شابلن 1940 و"الحياة حلوة" لبنيني 1998 والفيلم الثالث مجهول تماماً تم انتاجه عام 1972 ولم يعرض في اي مكان وهو "يوم مات المهرج". اخرج الفيلم الكوميدي الاميركي جيري لويس وتناول فيه مهرجاً في احد المعتقلات النازية يحاول التخفيف عن "الأطفال الذين كانوا يرسلون الى غرف الغاز" كما جاء في الكاتالوغ الذي اعد حينها للحملة الترويجية. آنذاك، في مطلع السبعينات، كانت نجومية لويس التي سطعت في الستينات بأفلام مثل "الحمّال" و"البروفسور المعتوه" و"الفم الكبير" بدأت تغرب. في السادسة والأربعين لم يعد لدى لويس الطاقة لتقديم جديد يضيفه الى الحركات والمفاتيح التقنية في اداءاته التي عرف بها منذ مطلع الستينات، في "يوم مات المهرج" بدأ توجهاً جديداً يعكس حبه لمعالجة موضوع صعب يهمه شخصياً هو يهودي ولد باسم جوزف ليفيتش ودرامياً، إذ يضعه في صورته الكوميدية المعروفة، انما وسط ظروف مأسوية كتلك التي نشاهدها في النصف الثاني من "الحياة حلوة" الحالي. بدأت حياكة المشروع في 1971 عندما قرر المنتج الفرنسي ناتان ووشبرغر التقدم من الأميركي جيري لويس نجح في فرنسا أكثر من أي مكان آخر بسيناريو كتبه جوان اوبرايان وتشارلز دنتون. في لقائه مع لويس اكد الفرنسي ان التمويل سيكون من شركات فرنسية وسويدية وان الفيلم سيضم ممثلين من البلدين أيضاً. في ربيع 1972 بوشر بتصوير الفيلم تحت ادارة لويس بعدما عدل السيناريو بنفسه وخسر حوالى 15 كيلوغراماً لكي يؤدي دوره. بدا في صورة طبيعية الى ان اخذ الممثلون يشكون من أن أتعابهم تدفع بحوالات لا رصيد لها. ووشبرغر أكد للويس ان الوضع جيد لكنه في حاجة الى تغطية مالية، فأخذ لويس يدفع من جيبه ولم يف ووشبرغر بوعده. هذه الرواية، التي رددها لويس، يناقضها ابن المنتج الراحل باتريك الذي يقول ان والده لم يفلس، لكن لويس هو الذي اخذ يبدد المال متجاوزا الموازنة المحددة بسبب ميوله غير العملية "مثل تصوير لقطة واحدة في اليوم" والتحضيرات الطويلة واستخدام رافعات الكاميرا التي تعني ان الأمر يتطلب وقتا اطول في تجهيز واتقان التصوير. من هذه المشكلة نشأت اخرى عويصة عندما اقترب التصوير من نهايته: كل يدعي انه صرف على الفيلم، فلمن تؤول الحقوق؟ وبما ان كاتبي السيناريو لم يحصلا على كامل حقوقهما 30 الف دولار اضافة الى 5500 دولار لقاء حجز المشروع لعام قبل التصوير فان لويس كان يتابع العمل من دون حق. شركة "يوروبا ستوديوز" السويدية التي تولت عمليات ما بعد التصوير حجزت معظم بكرات الفيلم لأن الانتاج كان مديناً لها ب600 الف دولار. لويس أبقى لديه ثلاثة مشاهد اخيرة من الفيلم وبذلك لم يعد اي منهما قادراً على التصرف بالفيلم وحده. لكن مقربين يقولون ان لدى لويس نسخة كاملة من الفيلم ولا يستطيع، للأسباب المذكورة، التصرف بها. ويقول باتريك ووشبرغر انه كان في الواحدة والعشرين عندما شاهد المقاطع المصورة من الفيلم ويتذكر ان كل شيء كان جيداً باستثناء تمثيل لويس: "كان متصنعاً". أما بنيني فيقول انه لم يشاهد الفيلم، على رغم ان فكرة الفيلمين واحدة، واذا عرض فيلم "يوم مات المهرج" سيبدو أنه الفيلم ذاته بحركات وتوقيع سينمائي آخر. وكانت هناك محاولتان على الأقل لاعادة صنع الفيلم. وبين ويليامز فكر بالمشروع عام 1992 وويليام هيرت اهتم به بعد عامين من دون نتيجة.