بعد انتهاء "الحداد الرسمي" بمرور اربعين يوماً على وفاة الملك حسين بن طلال ترأس نجله الملك عبدالله اول من امس، جلسة طويلة للحكومة الاردنية. وهو بذلك مارس صلاحياته الدستورية التي تنيط به السلطة التنفيذية، وهو استخدم حقه الدستوري ايضاً في منح زوجته الأميرة رانيا الياسين 29 عاماً لقب ملكة. بعد الجلسة التي بحثت في اداء الوزارات ومشكلة المياه صرح رئيس الديوان الملكي عبدالكريم الكباريتي بأن "جلالة الملك عبدالله بن الحسين وجلالة الملكة رانيا العبدالله سيكونان في استقبال سمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني يوم الثلثاء في العقبة". وشكّل هذا التصريح "اعلاناً رسمياً" عن تسمية "الملكة" الجديدة، اذ لم تجر العادة سابقاً ان يصدر مرسوم ملكي خاص بالتسمية. عُرفت الملكة الجديدة ب "الذكاء والطيبة معاً"، بحسب صديقاتها، وهي ابنة طبيب الاطفال فيصل الياسين الذي رزق بها اثناء اقامته في الكويت سنة 1970، وهو اصلاً من قرية ذنابة الفلسطينية، وعاد الى الاردن مع الاجتياح العراقي للكويت. وفي تلك الاثناء كانت الملكة رانيا تدرس ادارة الاعمال في الجامعة الاميركية في القاهرة التي تخرجت منها عام 1991 ب "مرتبة الشرف". وتقول احدى صديقاتها في الجامعة انها كانت "رقيقة ولطيفة، ذكية للغاية، وممتنة دائماً للآخرين" وهي الصفات التي يرددها معارفها سواء في المدرسة او في الجامعة او في العمل. عملت بعد تخرجها في شركة للحاسبات الالكترونية ثم في القطاع المصرفي، كذلك في مؤسسة تنمية الصادرات التي تقدم خدمات فنية وادارية للمستثمرين. تزوجت الملك عبدالله سنة 1993 وكان حينها أميراً ضابطاً في الجيش. وبحسب العرف في العائلة المالكة في الاردن لم تتبوأ "موقعاً رسمياً" وانما منحها الملك حسين لقب "أميرة" وانشغلت بعدها في العمل التطوعي والخيري. ترأس الملكة رانيا "جمعية نهر الاردن" الخيرية ، وهي تعنى بتقديم المساعدة للسيدات وايجاد وظائف في المجتمعات الفقيرة. ومن مجالات عملها مشروع "نساء بني حميدة" وهو يغطي منطقة بدوية فقيرة ويشجع البدويات على العمل اليدوي في المطرزات والسجاد، لتأمين دخل لهن ولاحياء التراث في الوقت ذاته. وتشمل اهتمامات الملكة مشروع "حماية الاطفال من الاساءة". وهي أم لطفلين الأمير حسين 5 أعوام والأميرة ايمان 3 اعوام. وكانت الملكة قبل اسبوع رافقت زوجها الملك عبدالله في زيارة لاطفال في احدى قرى مدينة اربد 70 كلم شمال عمان تعرضت روضتهم للحريق. ترمز الملكة الجديدة في نظر الاردنيين، الى "وحدة الضفّتين" كونها من اصول فلسطينية، وهي بذلك تعزز الوحدة الوطنية في المجتمع الاردني. وهي ايضاً ترمز الى شباب "المملكة الرابعة"، فهي لم تكمل عقدها الثالث، وزوجها الملك عبدالله لم يكمل عقده الرابع فيما اكثر من 50 في المئة من سكان الاردن لم يكملوا ال 35 عاماً. الملكة الام والملكة الزوجة يشار الى ان "الحداد الرسمي" الذي انتهى يوم الخميس بمرور اربعين يوماً على وفاة الملك حسين، لا يشمل الديوان الملكي الهاشمي الذي يمتد حداده ثلاثة اشهر بعد الوفاة. لذلك لم يحتفل الاردنيون اول من امس ب "الملكة الجديدة". وعرفت المملكة الاردنية الهاشمية "الملكات" مبكراً، وكانت اولاهن الملكة زين الشرف والدة الملك حسين 1916 - 1994 التي لعبت دوراً اساسياً في دعم عرش ابنها الذي تولى الملك قبل ان يكمل 18 عاماً، وهي التي أنشأت اول اتحاد للمرأة الاردنية عام 1944، وساهمت في صياغة الدستور الاردني الذي منح المرأة حقوقاً كاملة. ثم منح لقب ملكة لزوجة الملك حسين الاولى دينا وبعدها لزوجته الملكة علياء التي قضت في حادث طائرة مروحية. ولآخر زوجاته الملكة نور عندما تزوجها في 1978. وفي عهد الملك حسين الذي حكم 47 عاماً عرف الاردنيون ملكتين الملكة الوالدة زين الشرف التي توفيت في 1994، والملكة الزوجة، وفي عهد الملك عبدالله احتفظت الملكة نور 48 عاماً بلقبها، ووصفها الملك عبدالله في رسالة عشية اربعين الملك الراحل بأنها "رفيقة درب الحسين" فيما وقفت الى جانبه الملكة رانيا.