اقتحم مئات من الطلاب الجامعيين اللبنانيين من مختلف الجامعات والطوائف، وأهالي النبطية وجوارها، امس، الشريط الشائك الذي طوّقت به القوات الاسرائىلية بلدة أرنون الجنوبية، وفكّوا بذلك حصاراً مستمراً منذ تسعة أيام في محاولة لضمّها الى الشريط الحدودي المحتل. وأتى هذا التحرّك الشعبي العفوي في وقت كان لبنان الرسمي ينتظر نتائج مشاورات تجرى في الأممالمتحدة وبين اعضاء لجنة المراقبة المنبثقة من تفاهم نيسان ابريل لايجاد حلّ لهذه القضية. فقد غصّت الطريق من مثلث كفرتبنيت وصولاً الى بلدة أرنون بعد ظهر امس بمئات السيارات والحافلات حاملة أعلاماً مختلفة. أما العابرون بين السيارات فكانوا يحملون قطعاً من أسلاك الشريط الذي ضمّ به الاسرائىليون بلدة أرنون الى الشريط المحتل. معظم الذين ذهبوا للاحتفال بعبور شريط الشوك ثم بإزالته، احتفظ بقطع منه، حتى ان بعضهم انتزع لافتات التحذير التي زرعها الاسرائىليون في أنحاء القرية. سيارات النواب ورجال الدين وشبان وصبايا أقفلت الشارع مما اضطر عشرات منهم الى الترجّل أو سلوك طرق زراعية محاذية للمواقع الاسرائىلية. وروى وليد فخرالدين مسؤول مجموعة "بابلو نيرودا" في الجامعة اللبنانية - الاميركية كيف دخل الطلاب أرنون، فقال "بدعوة من اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني المنظمة الشبابية للحزب الشيوعي توجّه طلاب من الجامعات الاميركية واليسوعية واللبنانية - الاميركية واللبنانية، نحو الأولى بعد الظهر، الى أرنون وباشروا اطلاق هتافات حماسية سمعها ابناء البلدة الذين بدأوا بالتقاطر من منازلهم ووقفوا من الجهة الاخرى للسياج، فتقدم عدد من الشباب نحوهم رافعين شريط الاسلاك ومتجاوزينه الى البلدة التي شرع النسوة فيها في اطلاق الزغاريد الترحيبية، مما زاد من حماسة الآخرين الذين تبعوا زملاءهم ودخلوا القرية، بعدما رفعوا الأسلاك. وفي هذا الوقت أطلق الموقع الاسرائىلي الذي يبعد نحو مئتي متر عن ساحة البلدة بعض رشقات الرصاص في الهواء، وكان واضحاً للمشاركين ان التدخل الاسرائىلي لمنعهم من العبور لم يكن جدياً، حتى ان بعضهم سلك طريقاً مؤدية الى موقع قلعة الشقيف، وعلى بعد أقل من خمسين متراً تسلّق عموداً كهربائياً وزرع عليه علماً لبنانياً، ثم انتشر الشبان في أنحاء البلدة وشرعوا يزرعون الاعلام اللبنانية على الاعمدة الكهربائية وعلى سطوح المنازل برفقة ابناء البلدة التي لم يكن تبقى من أهلها فيها اكثر من 60 شخصاً معظمهم من النساء والاطفال والشيوخ". وبعد أقل من ساعة على عبور الطلاب حاجز الشوك، وصل إمام النبطية الشيخ عبدالحسين صادق الذي كان على رأس وفد كبير ضم مئات المشاركين في صلاة الجمعة التي كان أمّها ودعا في الخطبة الى التوجه الى ارنون، فاستكملوا خطوة الوفود الشبابية بأن بدأوا بقطع الأسلاك التي كان يبلغ طولها نحو 500 متر بقواطع أحضرها أعضاء من "النجدة الشعبية اللبنانية"، ورميت الأسلاك في حفرة أحدثتها إسرائيل قبل سنوات لمنع عبور السيارات الى البلدة. ودخل الشيخ وأهل النبطية البلدة، في وقت كانت اخبار إزالة الأسلاك من حول البلدة شاعت في المنطقة وبدأت وفود الأهالي والأحزاب تتقاطر اليها، فغصّت بأكثر من اربعة آلاف زائر بينهم النواب عبداللطيف الزين وياسين جابر وأيوب حميّد، وهيئات اهلية واقتصادية. كانت الوفود تطوف بأعلامها انحاء البلدة المكشوفة بكل طرقها وأحيائها على المواقع الإسرائيلية خصوصاً موقع القلعة. أعلام ل"حركة أمل" والحزب السوري القومي الإجتماعي، والحزب التقدمي الاشتراكي، اضافة الى الأعلام اللبنانية. ويبدو ان أبناء البلدة شعروا ان بين المشاركين في العبور، خصوصاً الطلاب منهم، أبناء طوائف مختلفة. وبدءاً من الخامسة بعد الظهر بدأت الوفود بالعودة، الى ان فرغت القرية إلاّ من أهلها وبعض المتأخرين. وفي هذا الوقت كانت غبطة الأهالي تبرد شيئاً فشيئاً ثم تعود فتوقظها صرخة زائر، جاء ليحتفل مع ابناء البلدة. وبعد الخامسة أقفرت وعاد اليها الصمت، فيما المواقع الاسرائيلية تضيء كشّافاتها، وبدأ من تبقى من ابناء البلدة يقفلون بوابات منازلهم. وبات بعض المتظاهرين ليلتهم في البلدة وقرب الشريط الشائك السابق.