انحسرت احتمالات توجيه ضربات جوية اطلسية ضد يوغوسلافيا بعدما حملت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت امس الاحد، طرفي النزاع في كوسوفو مسؤولية الجمود الذي يعتري مفاوضات رامبوييه. وانضمت اولبرايت بذلك الى مواقف نظرائها الاوروبيين بعد تلقيها "ضربة غير متوقعة" من الجانب الالباني الذي رفض التوقيع على اي اتفاق في رامبوييه لا يتضمن اشارة الى اجراء استفتاء حول استقلال الاقليم بنهاية فترة الحكم الذاتي الانتقالية التي حددها مشروع اتفاق وضعته مجموعة الاتصال الدولية. وكانت ملامح انقسام بدأت تظهر في صفوف مجموعة الاتصال الدولية في شأن التعاطي مع خطة التسوية السلمية لأزمة كوسوفو مع اتجاه المصادر الاوروبية الى تحميل الاميركيين مسؤولية الوقوع في خطأ تكتيكي بتركيز الضغوط على الصرب وحدهم. وتلقت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت ضربة غير متوقعة من الوفد الالباني الذي صد محاولاتها لإقناعه بالتوقع على وثائق لا تتضمن اشارة واضحة الى استفتاء عام في الاقليم لتقرير المصير بعد انتهاء الفترة الانتقالية المحددة بما لا يقل عن ثلاث سنوات. واجتمعت اولبرايت أمس الاحد مجدداً بالوفدين الصربي والألباني في قصر رامبوييه وأفادت بعد ذلك للصحافيين أنها أكدت تحذيرها الشديد للجانبين بوجوب التوصل الى اتفاق "وعلى الصرب ان يقبلوا بانتشار قوات الحلف الأطلسي في اقليم كوسوفو" كما ان على الالبان توقيع الاتفاق الذي قدم لهم دون شروط. ومعروف ان الرئيس الاميركي بيل كلينتون كان سحب تهديداته باللجوء الى الضربات الجوية على أهداف صربية اذا لم يتم التوصل الى اتفاق حتى ظهر أول من أمس السبت اثر اتجاه غالبية اعضاء محموعة الاتصال نحو تمديد المفاوضات ما اعتبره المراقبون "إفراغاً لتهديدات الحلف الاطلسي من مضامينها الجدية". ولفت نظر المراقبين تصريح الرئيس الصربي ميلان ميلوشفيتش الذي قال فيه "ان بلاده نجحت في إحداث انقسام في صفوف مجموعة الاتصال". الى ذلك، أفاد وزير الخارجية الايطالي لامبرتو ديني ان الاميركيين "اخطأوا الحساب عندما اعتقدوا ان الألبان في جيبهم". وأشار ديني الى ان الصرب ليسوا وحدهم المذنبين "وانما الألبان يتحملون مسؤولية كبيرة في ذلك". وإزاء هذه التطورات، سارعت العواصم الأوروبية الى الابتعاد عن التشدد الاميركي والاتجاه نحو الفكرة الصربية في عزل الاتفاق السياسي عن الجانب العسكري. وذكر ديبلوماسيون غربيون ان اولبرايت تتحمل مسؤولية بسبب تجاهلها التعامل مع الزعيم الالباني المعتدل ابراهيم روغوفا "الى حد عدم الأخذ بنصائحه وتركيزها على ممثل جيش التحرير هاشم تاتشي". وفي هذا الاتجاه جاءت تصريحات وزير الخارجية البريطاني روبن كوك الذي بدا متفهماً الى حد ما للموقف الصربي. وركز كوك على تحميل الألبان المسؤولية في إفشال المفاوضات. لكنه بدا متفائلاً عندما قال ان "الساعات الأربع والعشرين الأخيرة شهدت تحركاً جوهرياً على صعيد تحقيق تقدم في الجانبين السياسي والعسكري. وطرأ تقدم على الموقف الصربي في مجال استعداده للتوصل الى حلول للمسائل المتبقية". وأضاف ان المفاوضين الصرب "وافقوا على الجوانب السياسية للاتفاق المقترح لكن ممثلي البان كوسوفو ما زالوا يأملون في امكان حصول بعض التعديلات". ووصف المراقبون هذا التغيير المفاجئ في موقف كوك بأنه محاولة اختطاف المبادرة من الاميركيين واتباع تكتيك جديد للتفاوض مع الرئيس ميلوشيفيتش عبر اعطائه بعض الحوافز السياسية والاقتصادية". وذكر مراقبون ان من هذه الحوافز عودة بلغراد الى كل المنظمات الدولية ومساعدتها اقتصادياً. وفي بلغراد، ظهرت مؤشرات الى أن الوفد الصربي الى المفاوضات سيقبل بحل وسط بخصوص وجود قوة عسكرية دولية في اقليم كوسوفو. ونقلت الاذاعة المستقلة "ب 92" عن مصادر في الحكومة الصربية انها "مستعدة للقبول بنشر قوات دولية في اقليم كوسوفو وفق قرار من مجلس الأمن وبرعاية هيئة الأممالمتحدة أو منظمة الأمن والتعاون الأوروبية". واشارت الاذاعة الى انه اضافة الى روسيا فإن ايطاليا تميل الى قبول هذا الموقف الذي وجد تفهماً من الأعضاء الآخرين في مجموعة الاتصال باستثناء الولاياتالمتحدة. الموقف الالباني وفي كوسوفو، اصدر جيش التحرير أمس بياناً وزع في العاصمة بريشتينا أكد فيه موقفه "الرافض لأي حل يطرح في مفاوضات رامبوييه اذا لم يتضمن حق الالبان في تقرير المصير". ووصف البيان الهجمات الصربية الأخيرة على القرى الالبانية في كوسوفو بانها "استهدفت استفزاز المقاتلين الالبان واثارة معارك دامية في الاقليم بهدف وقف المفاوضات الجارية في كوسوفو". ونقلت وكالة الأنباء الناطقة باسم جيش التحرير "كوسوفا بريس" عن الناطق الاعلامي باسم الجيش ياكوب كراسينجي قوله: "إذا لم يكن الحلف الأطلسي حاضرا في كوسوفو فإنه لا يمكن توقيع أي اتفاق في رامبوييه" وذلك باعتبار الحلف ضامنا لتنفيذ اي اتفاق على الارض. واستمرت الهجمات الصربية امس على القرى الالبانية في محيط العاصمة بريشتينا، ما أدى الى نزوح المئات من سكانها الى المرتفعات والغابات المجاورة.