هناك 4 مصريين محترفين في الدوري الألماني لكرة القدم بوندزليغا هم هاني رمزي وسمير كمونة قلب الدفاع والظهير الثالث في كايزرسلاوترن، وياسر رضوان ومحمد عماره ظهير ايمن وظهير ايسر هانزا روستوك... ويبدو واضحاً من مراكزهم ان الاربعة مدافعون وهم الاساسيون في تشكيلة المنتخب الفائز بكأس الامم الافريقية 1998. وتشمل بقية قائمة لاعبي مصر المحترفين في اندية اوروبا مدحت عبدالهادي قلب دفاع كوجيلي سبور التركي، ومعه في النادي نفسه احمد حسن لاعب الوسط المدافع. وفي اوستند البلجيكي يلعب هيثم فاروق قلب الدفاع، ويحرس نادر السيد مرمى بروج البلجيكي، وفي ايطاليا يلعب قلب الدفاع هاني سعيد مع نادي باري... جميع هؤلاء في الصفوف الخلفية، ولا يشذ عن القاعدة سوى اللاعبين حازم امام لاعب الوسط المهاجم في غرافشاب الهولندي وعبد الستار صبري لاعب الوسط المهاجم في تيرول انسبروك النمسوي. ويبدو واضحاً ان مدافعي مصر مطلوبون في اندية اوروبا، لا سيما في المانيا، بينما لم يحظ مهاجم مصري واحد بأي مكان هناك. وكان حسام حسن هداف مصر وكأس الامم الافريقية الاخيرة هو الاقرب، ووقع بالفعل الصيف الماضي عقداً مع الطاي سبور التركي - احد اندية الظل والمؤخرة - ثم تراجع عن تنفيذه. وقبل الخوض في اسباب إحجام الاندية الاوروبية عن ضم المهاجمين المصريين لا بد من الوقوف على حقيقة مهمة. ربما تكشف الأمور بجلاء: يضم فارسا الكرة المصرية الاهلي والزمالك في صفوفهما حالياً ثلاثة من اصل خمسة مهاجمين اختارهم المدير الفني للمنتخب محمود الجوهري للمشاركة في دورة هونغ كونغ الدولية هم حسام حسن الأهلي وعبدالحميد بسيوني واسامة نبيه الزمالك، والثلاثة لم يحرزوا أي هدف في الدوري على مدار شهرين كاملين، بل ان الاهلي والزمالك سجلا معاً هدفاً واحداً في كل المباريات الاربع التي خاضها الفريقان في المرحلتين العشرين والحادية والعشرين من الدوري حيث تعادل الزمالك سلباً مع الاسماعيلي وبلدية المحلة وتعادل الاهلي سلباً مع المنصورة وفاز على الاتحاد بهدف لاحمد عبدالمنعم، المبعد تماماً من مباريات الاهلي طوال الموسم. ولم تقف تلك السلبية عند حد المباريات المحلية بل امتدت الى المباريات الدولية الاخيرة، ولم يسجل منتخب مصر اكثر من هدف واحد في مبارياته ضد ساحل العاج والنروج في القاهرة والكويت وجنوب افريقيا خارج القاهرة وخسر بهدف في اليابان. مهاجمون ولكن؟ قائمة المهاجمين المصريين الذين اختارهم محمود الجوهري خلال السنوات الخمس الاخيرة شملت 19 لاعباً هم: حسام حسن وعلاء ابراهيم واحمد عبدالمنعم ووليد صلاح الدين وعلي ماهر الاهلي، واسامة نبيه وعبدالحميد بسيوني والدوماني الزمالك، ومحمد صلاح ابو جريشة وخالد بيبو وايمن الجمل الاسماعيلي، واحمد ساري الاتحاد السكندري، وسيف داود وابراهيم المصري المصري، وعبدالناصر محمد المقاولون العرب، وطارق فهيم القناة، واحمد متولي السويس، ووليد عبداللطيف وايمن محب المنصورة... وباستثناء حسام حسن الذي لعب اكثر من مئة مباراة دولية وسجل أكثر من 70 هدفاً مع المنتخب واحترف في باوك اليوناني ونوشاتيل السويسري ولعب في نهائيات كأس العالم 1990 لا يوجد لاعب آخر اشترك في اكثر من 15 مباراة دولية أو سجل اكثر من 10 أهداف مع المنتخب. ويقلل من قدر هؤلاء المهاجمين عدم استقرار مستواهم محلياً. وسبق لعبدالحميد بسيوني ان فاز بلقب هداف الدوري في الموسم الماضي برصيد 15 هدفاً مع الزمالك، لكنه لم يهز الشباك على الاطلاق هذا الموسم، وينطبق الشيء ذاته على نجم الاهلي علي ماهر الذي سجل 19 هدفاً مع الفريق في الموسم 97-98 ولم يسجل أي هدف في الموسم الحالي، ولم يتخط أي لاعب في الموسم الحالي حاجز ال 9 أهداف سوى ثلاثة فقط هم حسام ونبيه وابو جريشة. رأي لابو جريشة "الحياة" استطلعت آراء عدد من خبراء ونجوم اللعبة حول هذه الظاهرة التي تؤثر سلباً على المنتخب المصري: علي ابو جريشة هداف مصر الاول من 1965 الى 1975 وأحد افضل نجوم الكرة المصرية طوال تاريخها، قال: "بصراحة، مستوى الكرة اساساً متدنٍ بسبب بعض السياسات الخاطئة، وعلى رأسها الاحتراف الذي اعطى الأهلي والزمالك فرصة استغلال نفوذهما المالي والاعلامي والاجتماعي لتفريغ بقية الاندية من نجومها، الأمر الذي قتل المنافسة في الدوري وحجب الطموح عند لاعبي الاندية الاخرى". اضاف علي: "على مدار السنوات الخمس الاخيرة لا يوجد في مصر هداف سوى حسام حسن من الاهلي ومحمد صلاح من الاسماعيلي، والاول اكثر شهرة وايجابية لأنه موجود في الاهلي ويلعب باستمرار في المنتخب وينعم باستقرار اداري وتدريبي، وفريقه يسعى دائما الى الفوز والبطولة. ويتمتع حسام بروح قتالية هائلة، ترفع دائماً من قدره ومن امكاناته بنسبة كبيرة، ورغم تقدمه في السن الا انه لا يزال الأكثر جهداً وعطاء". ورأى علي ان أسلوب الكرة المصرية "يقلل من فرصة ظهور الموهبة الهجومية أو تنميتها بسبب الإصرار على الكرة الدفاعية العقيمة من كل الفرق - وبينها الاهلي والزمالك في عدد كبير من المباريات - وشاهدنا الاهلي يفشل في هز الشباك في ثلاث مباريات له في القاهرة ضد الاسماعيلي والاتحاد السكندري والمنصورة... والزمالك يعجز عن إحراز هدف في مبارياته ضد الاسماعيلي وبلدية المحلة والمنصورة والقناة واذا كان الفريقان الكبيران بهذا العجز فما بالك بالآخرين؟ والمدربون يطبقون خطط كرة القدم بأساليب دفاعية وحرص زائد، ويركزون دائماً على زيادة عدد المدافعين، وشاهدت أخيراً مباراة للأهلي والمنصورة في القاهرة، وكان المنصورة يلعب بمهاجم واحد هو وليد عبداللطيف، ومع ذلك ابقى الاهلي خمسة مدافعين في الخط الخلفي وبقي لاعبا الاهلي حسام وعلاء إبراهيم وحدهما في الهجوم وسط ستة من مدافعي المنصورة. وكان طبيعياً ان ينتهي اللقاء بتعادل سلبي". وختم علي: "لو استعادت الكرة المصرية الاساليب الهجومية والمغامرات الجريئة من الاندية مثلما حدث في الستينات، عندما فاز الترسانة والاولمبي والاسماعيلي بالدوري، سنرى عشرات المهاجمين الاكفاء الذين يشقون طريقهم سريعاً الى عالم الاحتراف في اوروبا. ... ولإبراهيم يوسف وتعاطف ابراهيم يوسف، مدافع الزمالك ومنتخب مصر في الثمانينات واحسن مدافع مصري على مر العصور، مع زملائه المدافعين وقال: "لا شك ان الحقبة الأخيرة شهدت تفوقاً ملحوظاً للاعبي الدفاع، الامر الذي انعكس سريعا على عدد المهاجرين منهم للاحتراف في اوروبا. واذا اجرينا مقارنة رقمية بين النجوم في السنوات العشر الاخيرة سنجد ان الزمالك قدّم اشرف قاسم واسماعيل يوسف ومدحت عبدالهادي ونادر السيد من دون ان يكون له أي نجم في الهجوم بعد اعتزال جمال عبدالحميد... وفي الاهلي لم يكن هناك مهاجم نجم سوى طاهر ابو زيد وحسام حسن في مواجهة المدافعين هاني رمزي وسمير كمونة ومحمد عمارة وابراهيم حسن وربيع ياسين والحارس الكبير احمد شوبير". اضاف ابراهيم: "بنظرة موضوعية لمستوى نجوم مصر في المواسم الاخيرة نجد فعلاً ان المدافعين هم الاجدر بالاحتراف. وفي نهائيات كأس العالم 1990، كان مدافعو مصر هم الاحسن فلم تهتز شباك فريقهم سوى بهدفين في 3 مباريات ضد هولندا وايرلندا وانكلترا في حين لم يسجل المهاجمون سوى هدف واحد من ركلة جزاء... وفي نهائيات الامم الافريقية 96 التي احرزت مصر لقبها لم يسجل أي مهاجم - سوى حسام حسن - أي هدف، في حين نجح المدافعون ياسر رضوان وأحمد حسن وطارق مصطفى في التسجيل، وتألق مدافعو مصر بشكل لافت ولم يدخل مرمى الحارس نادر السيد سوى هدف واحد في 6 مباريات، ما يعكس التفوق الفني للمدافعين... وكان طبيعياً ان تتجه عروض الاحتراف للمدافعين نادر وعمارة وكمونة وعبدالهادي واحمد حسن ومعهم الهداف الوحيد حسام". مطلوبون للاحتراف واللافت ان الاندية الاوروبية لا تزال تبحث عن مزيد من المدافعين المصريين... وتلقى محمد يوسف قلب دفاع الاهلي الدولي عرضاً هولندياً ومن المؤكد احترافه في الموسم المقبل، وقبل ان يكمل المدافع ابراهيم سعيد موسمه الاول مع الاهلي انهالت عليه عروض الاحتراف من فرنساوهولندا وبلجيكا وارتفع سعره فجأة الى نصف مليون دولار... ويبدو ان مدافعي الاهلي هم الأوفر حظاً في عروض الاحتراف لأن ياسر ريان الظهير الاسير - الذي يلعب في مكان محمد عمارة الذي احترف أخيراً في هانزا روستوك - تلقي ايضا عرضاً من احد الاندية الالمانية. ومن المنصورة سيتوجه عبد الظاهر السقا مباشرة الى تركيا اذا وافقت ادارة ناديه على قبول العرض الذي جلبه احد السماسرة نظير 300 الف دولار، رغم ان الاهلي والزمالك يفاوضانه بقوة.