نشرت "الحياة" في عددها رقم 13117 في 18/10/1419ه الموافق 4/2/1999، مقالاً للأستاذ مضوي الترابي. كتب مضوي ببساطة متناهية، ورسم صورة متكاملة للموضوع، وأثبت اهمية التقاء الفرقاء في الشأن السوداني على أرضية واحدة للانطلاق منها نحو الأفضل والأجمل. وانطلاقاً مما ذكره نجد ان الأمانة تقتضي من القيادات الرئيسية في الخارج وعلى رأسها الدكتور جون قرنق والسيدان محمد عثمان الميرغني والصادق المهدي الاحتكام الى نبض الجماهير العريضة التي باتت ترى ان الكرة الآن في ملعبهم، وأن الوقت يمضي بسرعة، وليس في مصلحة البلاد ان يبقى هذا الشتات الى اجل غير مسمى. ان الدعوة التي يرددها كل مخلص الآن هي عودة قيادة تجمع المعارضة التي تذرع الفضاء بين أسمرا والقاهرة، وتقيم بين الفنادق والشقق، وتمول حرب استنزاف مجهولة الأهداف. فالحكومة انجزت وعدها وتنازلت من موقع القوة عن بعض مواقفها السابقة، وأتاحت الفرصة للتعددية التي نادى بها قادة المعارضة، وبهذا انهدم جدار عدم الثقة بين الطرفين وعاد الى أرض الوطن من آنس في نفسه الكفاءة لخوض غمار الانتخابات. فالطريق اصبح ممهداً لهم من دون اراقة دماء. وليس هذا ببعيد عن تصريح الممثلة التجارية الاميركية شارلين بارشفسكي التي قالت: "ان الولاياتالمتحدة ستستخدم قوانينها الخاصة، بما فيها البند المعروف ببند 301، من اجل التحرك نحو فتح الاسواق الخارجية وضمان مراعاة هذه الاسواق العادلة للمنتجات والخدمات الاميركية" أضواء على الأنباء - العدد 1 - السنة 14 - بتاريخ 1 شباط 1999. ان المسيرة الطويلة التي قطعناها منذ الاستقلال تؤكد على ان السودان لا يمكن حكمه الا من خلال التعددية. غير ان هذه التعددية في حاجة الى الحد الادنى من الانضباط. والمنطق البسيط يؤكد اهمية تسجيل اي حزب قبل ان يبدأ صراعه السياسي لأنه حتماً سيأتي وقت يكون لهذا الحزب مهما كان صغيراً دوره في تحالف ما من اجل تكوين حكومة قادرة على اتخاذ القرار وفق الأسس الديموقراطية المعروفة. طرأت على ديموغرافية السودان الكثير من التغيرات خلال العقدين الماضيين، فنشأت أجيال وتبدلت احوال وتغيرت مفاهيم، وترسخت اخرى وأدى الانفتاح الثقافي، ويسر النقل والمواصلات، والبث الفضائي المباشر، الى احداث نقلة كبيرة في التركيبة السكانية التقليدية، وإذا بقي قادة المعارضة في الخارج ربما ضيعوا فرصة قد لا تتكرر في المستقبل القريب، وإننا لمنتظرون فهل من مجيب؟ نأمل ذلك. جدة - سعد سليمان محمد