الغى الرئيس السوداني عمر البشير في خطوة مفاجئة الحظر الذي ظل يفرضه على الاحزاب السياسية التي كانت ممثلة بنواب قبل أن يتولى السلطة في انقلاب عسكري عام 1989 وسمح لها بالعمل بحسب مرسوم وزع على الصحف.. فقد وقع البشير مرسوما رئاسيا يلغي مادة في القانون كانت تسمح فقط للأحزاب والمنظمات السياسية (المسجلة) وغالبيتها تشكيلات هامشية موالية للحكومة. ويفتح هذا المرسوم الباب أمام ألاحزاب الكبيرة مثل حزب الأمة بزعامة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي والحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني وأحزاب أخرى مثل الحزب الشيوعي أو حزب البعث العربي لممارسة نشاطها في الداخل. وجاء قرار البشير قبل يوم من بدء اجتماعات الجولة الحاسمة بين وفدي الحكومة وحركة قرنق في ماشاكوس في كينيا لمناقشة تفاصيل اطار مفاوضات وقع في نفس المدينة ووجد ترحيبا داخل وخارج السودان كما يأتي القرار اثناء انعقاد مؤتمر المعارضة السودانية في اسمرا ليجهض أي قرارات مناوئة ويسحب البساط من تحت اقدام المتشددين في التجمع الذين يطالبون بمقعد على طاولة مفاوضات مشاكوس. واصبح ابتداء من يوم امس من حق الأحزاب التي كانت مسجلة ولتلك الممثلة بنواب في 30 يونيو 1989, تاريخ تنفيذ الانقلاب أن تمارس نشاطاتها وخصوصا الترشح للانتخابات بحسب هذا المرسوم اذا استجابت للشروط المنصوص عنها في القرار. ويرى مراقبون أن المرسوم مؤقت باعتبار أن أعمال البرلمان معلقة حاليا غير إن إقراره شبه مؤكد لدى استئناف البرلمان لأعماله في أكتوبر ، وبحسب المرسوم فإن على الأحزاب السياسية الامتناع عن ممارسة أي نشاطات مسلحة وأن تقوم بحل أجنحتها المسلحة. في إشارة إلى التشكيلات في المنفى أو تلك التي لها أجنحة عسكرية التي تنتمي إلى التجمع الوطني الديمقراطي الذي يضم قسما كبيرا من المعارضة. ويبدو أن المتمردين الجنوبيين في الجيش الشعبي لتحرير السودان أو جناحه السياسي ليسوا معنيين بهذا المرسوم, غير أن المراقبين يرون فيه انفتاحا كبيرا للنظام السوداني في وقت أطلق فيه حوارا مع الجيش الشعبي لتحرير السودان. وقد وقع النظام القائم في الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان في 20 يوليو/تموز في كينيا اتفاقا يقدم للجنوب مرحلة حكم ذاتي تستمر ستة أعوام. وفي ختام هذه المرحلة سيكون من حق مواطني الجنوب أن يقرر وا البقاء جزءا من البلاد أو انفصالهم عنها في استفتاء بشأن تقرير المصير تحت رقابة دولية. على صعيد آخر أعلن جون قرنق الذي يشارك في اجتماع المعارضة في اسمرا انه لا داعى لقلق مصر من بند تقرير المصير الوارد فى اتفاقية ماشاكوس التى وقعت عليها الحكومة السودانية والحركة يوم 20 يوليو الماضى بنيروبى لان الحركة الشعبية متمسكة بوحدة السودان . وكانت مصر قد عبرت عن قلق شديد تجاه بند اتفاق ماشاكوس حول حق تقرير المصير فى جنوب السودان باعتباره عاملا يؤدى الى انفصال الجنوب عن الشمال بالسودان ويهدد ذلك الامن القومى المصرى . كما رفض قرنق طلب شركائه في التجمع الوطنى المعارض بتأجيل محادثات ايقاد المقرر ان تبدأ اليوم في كينيا واضاف قرنق ان الحركة الشعبية جادة فى مساعيها نحو السلام مشيرا الى ان اتفاق ماشاكوس كان الجزء الاول وسنكمل ما تبقى خلال جولة المفاوضات القادمة(التي تبدأ اليوم) . وقال قرنق ان هيئة قيادة التجمع ستخرج متحدة من اجتماعات اسمرا حول السلام والقضايا كافة وتابع اننا سنصل لصيغة مناسبة لاشراك التجمع فى المرحلة المقبلة من عملية السلام مؤكدا عدم وجود ضغوط امريكية على الحركة لابعاد التجمع من جولة المفاوضات المقبلة . واشار قرنق الى ان لدى الحكومة والحركة فرصة لتحقيق نجاح فى المرحلة المقبلة عبر مواصلة التفاوض وفق اتفاق ماشاكوس الاطارى . في الوقت نفسه ،اكد مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية السودانى استعداد السودان التام للتعاون والتنسيق مع مصر في الظروف الراهنة التي تستدعي تضافر الجهود بهدف تحقيق السلام والاستقرار والوحدة في السودان . جاء ذلك فى تصريح ادلى به امس مصطفى لوكالة السودان للانباء حيث قال انه بحث مع وزير الخارجية المصري احمد ماهر تطورات عملية السلام في السودان خلال الاتصال الهاتفي الذي تلقاه من نظيره المصري امس مضيفا انه اكد للوزير المصري حرص الرئيس البشير وتوجيهاته باهمية التنسيق مع القاهرة في المرحلة القادمة. وقال مصطفى ان الحديث تطرق الى اهمية انجاح الجهود المبذولة الان للوصول الى سلام عادل يحقق الاستقرار و يبني الثقة بين كافة السودانيين ويحافظ على وحدة السودان وتطرق الوزيران الى العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات الجارية في المنطقة والجهود التي تبذلها مصر من اجل معالجة الاوضاع المتدهورة في الاراضي الفلسطينية المحتلة في ظل استمرار التصعيد العسكري الاسرائيلي وتعنت الحكومة الاسرائيلية ورفضها للمقترحات المطروحة للسلام .