خرجت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت من لقائها والرئيس حافظ الاسد امس "اكثر تفاؤلاً" مما كانت عليه قبل وصولها الى دمشق من الرياض في حين استقبلها ليل أول من أمس خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير عبدالله. وقال ناطق أميركي إن السعودية ترى أن ثمة فرصة تاريخية لتحقيق السلام. وفسرت مصادر اميركية ل"الحياة" تفاؤل أولبرايت بوجود اجابات سورية على الأسئلة الأميركية العشرة التي قدمها الرئيس بيل كلينتون الى وزير الخارجية السوري فاروق الشرع خلال لقائهما في ايلول سبتمبر الماضي، في شأن ترتيبات الامن وطبيعة السلام والعلاقات الديبلوماسية والاقتصادية والمياه والمنظمات الفلسطينية ولبنان. راجع ص3 كذلك بدا ان الأمور في طريقها الى التحسن على المسار الفلسطيني، اذ أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك، عشية لقائه واولبرايت تجميد خطط لإضافة 1800 منزل الى مستوطنات حول القدس، معتبراً ان المضي قدماً بتنفيذ هذه الخطط يتعارض مع جهود اسرائيل للتوصل الى اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين. وكان ناطق باسم الحكومة اعلن في وقت سابق ان باراك سيلتقي الرئيس ياسر عرفات قريباً، من دون تحديد موعد اللقاء او مكانه. وفي دمشق، اكدت اولبرايت انها "متفائلة بشكل اكثر مما كنت عليه قبل وصولي الى دمشق". ورفضت "الخوض في تفاصيل التقدم" الذي حصل لأنها مقتنعة بأن المحادثات في شأن استئناف المفاوضات السورية - الاسرائيلية "مثل الفطر الذي يجب ان ينمو بعيداً عن الضوء". وأبدت "الاستعداد الكامل" للرئيس الاميركي لبذل "قصارى الجهد" لتحقيق تقدم على المسار السوري في الفترة المقبلة، لكن اشارت الى ان "الجهد الأكبر" يجب ان يأتي من الاطراف المعنية. وكانت اولبرايت تتحدث في مؤتمر صحافي عقدته بعد مقابلة الاسد حوالى ثلاث ساعات في حضور الشرع ومساعدها لشؤون الشرق الاوسط مارتن انديك ومنسق عملية السلام دنيس روس والسفير الأميركي رايان كروكر. وهذه المرة الثانية التي لم يحضر فيها السفير السوري وليد المعلم لقاء الاسد وأولبرايت. وعزت وزيرة الخارجية "تفاؤلها الكبير" الى ما سمعته من الاسد في شأن القضايا المطروحة على المسار السوري المتعلقة ب"الانسحاب ومضمون السلام والترتيبات الامنية والتزامن والمواضيع الاخرى التي تحدثت عنها". واعلن الناطق الرئاسي السيد جبران كورية ان المحادثات تناولت "المسار السوري - الاسرائىلي والنقاط التي توصلت اليها والمساعي المبذولة حالياً لاعادة تحريكها في اتجاه الهدف المرسوم لها"، مشيراً الى ان الجانب السوري "استمع الى ما حملته اولبرايت واكد ان سورية ليست عقبة في طريق استئناف مفاوضات السلام وانها جاهزة لرسم الخطوات المقبلة الى ما تحقق خلال السنوات الماضية وفي اتجاه الهدف الموضوع" لمفاوضات السلام. وقبل ان تتوجه اولبرايت الى اسرائىل للقاء باراك اليوم واطلاعه على نتائج محادثاتها مع الاسد، عقدت اجتماعاً في مبنى السفارة الاميركية بعد المؤتمر الصحافي الذي حضره بعض السفراء الاجانب المهتمين بعملية السلام. ووصفت وزيرة الخارجية التي ارتدت "بروش" على شكل شمس ساطعة، محادثاتها مع الاسد والشرع بأنها كانت "بناءة جداً" اذ انها عملت وكلينتون منذ وقت طويل ل"استئناف مفاوضات المسار السوري، واشعر بناءً على محادثاتي مع الاسد انه جدي في الوصول الى افضل طريقة بنّاءة للقيام بذلك". وزادت ان الرئيس الاميركي الذي "يبدي اهتماماً شخصياً بالسلام الشامل في الشرق الاوسط ... سيقرر افضل طريقة" لاحداث اختراق في ضوء تقريرها الذي سترفعه له بعد عودتها الى واشنطن. وسئلت اولبرايت اذا كانت وجدت الاسد "اكثر مرونة"، فاجابت: "ان الديبلوماسية الاميركية في الشرق الاوسط قائمة على بذل قصارى الجهود عندما نرى ان الاطراف المعنية جدية. ولو لاحظت ان الاطراف غير جدية لكنت اول من اعلن ذلك. انني مقتنعة ان العملية جدية وانني والرئيس كلينتون سنعمل جاهدين للوصول الى وعدنا". وكررت: "بعد لقائي مع الاسد والشرع انني متفائلة اكثر مما كنت عليه سابقاً". وكانت اولبرايت وصلت الى دمشق آتية من الرياض بعدما قابلت خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، وولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لمدة اكثر من نصف ساعة. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية جيمس روبن في مؤتمر صحافي في الرياض فجر امس ان اولبرايت بحثت مع المسؤولين السعوديين "مسارات السلام كافة والتهديد الذي يشكله العراق للمنطقة ودعم ايران الارهاب". ووصف المحادثات السعودية - الأميركية بأنها كانت مشجعة، قائلاً: "أولبرايت كانت متشجعة جداً لأن الملك وولي العهد أكدا أنهما يعتقدان بوجود فرصة تاريخية للتقدم في عملية السلام، وأشار ولي العهد إلى أنه يأمل بأن تستغل الولاياتالمتحدة وأطراف عملية السلام هذه الفرصة". وسئل عما تردد عن أفكار أميركية جديدة لاستئناف المفاوضات على المسار السوري فأجاب: "نحاول التوصل إلى معادلة تحقق رغبات الطرفين لبدء المفاوضات وتحقيق نتائج سريعة". وعبر عن "قلق" بلاده من استمرار النشاط الاستيطاني، وقال: "أكدنا مرات اننا نعارض تلك النشاطات الاستيطانية، لأنها قد تفقد المفاوضات الجارية فرص النجاح".