تفجرت أزمة حادة بين حزب "كوادر البناء الاصلاحي" القريب من الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، وصحيفة "صبح إمروز" التي يديرها قياديون في حزب "جبهة المشاركة" القريب من الرئيس سيد محمد خاتمي، على خلفية ما وصفه "حزب الكوادر" بفضيحة تنصت الصحيفة على جلسة سرية للحزب تحدثت فيها النائبة فائزة هاشمي رفسنجاني عن القضايا الساخنة على الساحة الايرانية. وشنت النائبة حملة على "استبداد حزب جبهة المشاركة وادعائه بأنه صانع ملحمة رئاسيات العام 1997 التي جاءت بالرئيس خاتمي الى الحكم رغم كون حزب الجبهة ولد بعد الانتخابات الرئاسية". وكما أشارت "الحياة" في عددها أمس الاثنين استناداً الى الصحيفة فإن فائزة هاشمي اتهمت عبدالله نوري وزير الداخلية السابق بتحريف التاريخ في مراجعاته امام المحكمة الخاصة برجال الدين. وتشغل فائزة هاشمي منصباً في القيادة المركزية لحزب "الكوادر". وفي دلالة على حجم السخط الذي يشعر به "حزب الكوادر" فقد ذكّر ب"ان عملاً مشابهاً تنصت حدث في الولاياتالمتحدة الاميركية قبل ثلاثين عاماً عبر الحزب الجمهوري ضد الحزب الديموقراطي ادى الى سقوط حكومة الجمهوريين" في اشارة الى فضيحة "ووترغيت". وطلب "حزب الكوادر" من المدير المسؤول للصحيفة سعيد حجاريان وهو عضو قيادي في حزب "جبهة المشاركة" ان يكون مستعداً للمثول امام القضاء في الوقت المناسب كي يقدم ايضاحات عن سبب قيامه بالتنصت على اجتماع حزبي غير علني. وذكر الحزب بعمل القيمين على الصحيفة في وزارة الاستخبارات في السابق، وقال ان عليهم ان يعرفوا ان المواقف السياسية للأحزاب والاشخاص انما تكون مواقف علنية، وأضاف ان ما أقدم عليه مسؤولو الصحيفة هو عمل "غير قانوني وغير أخلاقي". وفي اشارة الى ما تذهب اليه الصحيفة بشأن دعم الرئيس خاتمي قال "حزب الكوادر" ان "التنمية السياسية التي يطرحها الرئيس خاتمي تعني بالدرجة الأولى تعدد الآراء والأحزاب السياسية"، وسأل: "لماذا تقولون انه ينبغي ان يحدد كل حزب يريد ممارسة نشاطه السياسي، خياره اما مع اليمين وإما مع اليسار" وذلك في اشارة الى الخط الوسط الذي يقول "حزب الكوادر" انه يتبناه. وردت صحيفة "صبح إمروز" باتهام الحزب بأنه يرجّح "العمل خلف الكواليس على التنافس السياسي، ويؤمن بالعلاقات الشخصية على حساب التنافس العلني تحت انظار الرأي العام". ورأت ان "ليس هناك مانع من تسجيل مداولات جلسات حزب الكوادر، وهو ما جرت عليه العادة". ويبدو ان الازمة الجديدة، الموصوفة ب"الفضيحة" ستكون فصلاً جديداً في "الطلاق الآخذ بالظهور" الى العلن بين حزب "جبهة المشاركة" وحزب "كوادر البناء"، وهما حزبان اصلاحيان، خصوصاً ان السجالات بينهما كانت حادة على خلفية رفض "جبهة المشاركة" بشكل قاطع خوض الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني الانتخابات البرلمانية المقبلة. ولا تخفي الأوساط المحافظة ارتياحها الى هذا الانشقاق في الجبهة الاصلاحية عشية برلمانيات سنة 2000، فذكّرت صحيفة "رسالت" المحافظة ان صحيفة "صبح امروز" قامت بعملية تنصت سابقة على المدير المسؤول لأسبوعية "الجبهة" الناطقة بلسان جماعة "انصار حزب الله". وأشارت الصحيفة الى ان سعيد حجاريان المدير المسؤول ل"صبح إمروز" كان مسؤولاً سابقاً في وزارة الاستخبارات، وهو الذي قام بتزكية سعيد إمامي الرأس المدبر لعمليات الاغتيال ضد مفكرين وكتّاب في طهران اثناء عمله في الوزارة. وأشارت أيضاً الى دور حجاريان في ترقية سعيد إمامي الى منصب المدير العام لوزارة الاستخبارات. ويبدو ان المحافظين سيكونون الرابحين مما يجري، خصوصاً وانهم ما انفكوا يحذرون مما وصفوه ب"التجاوزات" و"الانفلات" في الساحة الصحافية والثقافية، مع الاشارة الى ان وزير الثقافة والارشاد عطاء الله مهاجراني هو أحد أبرز وجوه حزب "كوادر البناء"، ويواجه انتقادات حادة من المحافظين الذين فشلوا في عزله برلمانياً. وكان المحافظون نظموا تجمعاً لطلبة الجامعات يوم الأحد امام جامعة طهران ضمّ آلاف الطلبة، وندّد بما تشهده الساحة الثقافية، محذراً الوزير مهاجراني من استمرار ما وصفه ب"الغفلة" عما يجري في الساحة الثقافية والصحافية. وينتظر المراقبون معرفة نتائج هذه الأزمة الجديدة على طبيعة التحالفات الانتخابية قبيل الاستحقاق البرلماني في شباط فبراير المقبل.