كشف رئيس البرلمان السوداني المنحل الدكتور حسن الترابي المزيد من اسرار العلاقة والخلاف بينه والرئيس السوداني عمر البشير، وقال في مؤتمر صحافي، عقده امس في مقر حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم انه رأى البشير للمرة الاولى في حياته في الليلة التي سبقت انقلاب الاخير في الثلاثين من حزيران يونيو العام 1989. واضاف: "ليلتها اتفقنا على ان يذهب هو الى قصر الرئاسة وانا الى السجن العمومي". وبرر الترابي الظروف التي ادت بهم كحركة اسلامية الى تنظيم انقلاب عسكري، وقال: "اغلقت في وجوهنا جميع الابواب لممارسة العمل السياسي، اذ تعرضنا للاعتقال في عهد الرئيس السابق جعفر نميري … كما تعرضنا للابعاد عن الحكومة الموسعة التي كان يرأسها الصادق المهدي الذي اعترف فيما بعد بالضغوط التي مارسها عليه القادة العسكريون لابعادنا. وكذلك اعترف لنا نميري بالضغوط الدولية عليه لاعتقالنا". وانتقد الترابي بشدة الرئيس عمر البشير، وقال انه اوقف اجراءات عدة كانت تهدف الى التحول نحو الحريات التي عمل لها المجلس الوطني البرلمان، وذكر امثلة على ذلك جهاز الامن وطريقة انتخاب الولاة. وجدد اتهامه للبشير بأنه لا يؤمن بالحريات العامة، واشار الى ان تربيته وبيئته العسكرية مقارنة ببيئته الترابي السياسية الاسلامية، وان لم يقل ذلك صراحة. وقال: "ان البشير خرق الدستور حين فرض حال الطوارئ من دون الرجوع للبرلمان … ومنح نفسه سلطات غير معتمدة في الدستور … كما خرق النظام السياسي بخروجه على قرارات الهيئة القيادية". ثلاث خطوات ضد الرئيس وسألت "الحياة" الترابي عن الخطوات الثلاث التي اعلن عن اتخاذها في اليوم الاول للازمة وهي الطعن بقرارات البشير لدى المحكمة الدستورية والعلاج السياسي للازمة عبر مؤسسات الحزب الحاكم او النزول للشعب. فأجاب: "ان مجموعة من رجال القانون والفقه الدستوري تعمل لاعداد مذكرة الطعن تقدم في الموعد المحدد حسب القانون". وعن التنظيم السياسي، قال انه يمارس عمله بوحدة كاملة وليس صحيحاً ما يقوله البشير عن رئاسته وقيادته للتنظيم لان "التنظيم تقوده الهيئة القيادية والبشير يرأس جلسات المؤتمر العام للحزب حين انعقاده". اما عن النزول للشعب فقال: "ان الشعب يراقب ويصاب بالضجر، وقد يضجر ثم يصبر او يضجر ويخرج الى الشارع تعبيراً عن غضبه كما حدث في انتفاضتي تشرين الاول اكتوبر العام 1964 التي اقصت الرئيس ابراهيم عبود، او في نيسان ابريل العام 1985 التي اطاحت بالرئيس نميري. والشعب في المرتين خرج بعفوية وليس صحيحاً ان اي جهة حركته". وعلّق الترابي على قانون تنظيم الاحزاب السياسية الذي يعرف ب"التوالي السياسي" ومدى تشجيعه على العمل السياسي المفتوح وقال: "الدستور لا ينص على تسجيل الاحزاب ولكنه ينص على الا تمارس العنف في عملها السياسي ولكن القانون هو الذي ينظم التسجيل، وكان يمكن تطوير الامر". واكد انه كان يعمل على منح المزيد من الحريات، خصوصاً الحريات الصحافية والتي لا يوجد لها مثيل في الدول الاخرى. وعلّق على التأييد الخارجي لقرارات الرئيس البشير وقال: "ان هذا الموقف ليس غريباً على الذين يحاربون الاسلاميين اينما وجدوهم، والعالم يرحب بالديكتاتورية ان كانت ضد الاسلاميين ويرفض الديموقراطية ان أتت بالاسلاميين كما هو الحال في الجزائر وتركيا". واضاف: "ان الدول المجاورة للسودان تخشى من عدوى الاسلام والديموقراطية الموجودة في السودان". وفي ختام مؤتمره الصحافي قال الامين العام للمؤتمر الوطني، ان مساعي الوفاق واحتواء الخلاف مستمرة لكنها لم تأت بنتائج بعد، واكد انه لن يتنازل عن المطالبة بأن يلغي الرئيس البشير قراراته و"يعود لصوابه". لكنه المح الى ان حل الازمة صعب لكنه غير مستحيل. البشير وقادة الدولة وفيما كان الترابي يتحدث في مؤتمره الصحافي، كان الرئيس البشير يلتقي قادة اجهزة الدولة في ساحة قصر الرئاسة، ووصف قراراته بانها جاءت لاعادة هيبة الدولة وتوحيد القيادة، وشدد على اهمية وجود سلطة تنفيذية واحدة لمواجهة المؤامرات والتهديدات التي تحيط بالبلاد. وقال ان حزب المؤتمر الحاكم كان ينظم المكائد للسلطة الحاكمة لهزّ صورتها وهيبتها. واكد البشير على استمرار خطوات الوفاق الوطني والمصالحة السياسية، وكذلك استمرار خطوات تحسين العلاقة واعادة الثقة مع الدول المجاورة وكل دول العالم "التي رحّبت بحركة التغيير في البلاد".