حمل رئيس البرلمان السوداني الأمين العام ل"المؤتمر الوطني" الحاكم الدكتور حسن الترابي بعنف أمس على قرار الرئيس عمر البشير فرض حال الطوارئ وحل البرلمان، معتبراً ان ما حدث "انقلاب عسكري وإلغاء للدستور" و"خيانة لعقد الولاء مع الحزب الحاكم ولحركة الإسلام". وقال الترابي في تصريحات إلى "الحياة"، تعليقاً على خطوات البشير: "دستورياً، هذه التدابير رئاسية فردية منسوبة بإشارات زور إلى الدستور، لكنه انقلاب عسكري وإلغاء للدستور بإلغاء السلطة التشريعية المنتخبة من الشعب. في هذا الصباح أمس تم احتلال المجلس الوطني البرلمان ومنعنا جميعاً من ممارسة سلطاته الشرعية على رغم ان أجله لم ينته بنص الدستور. وهذه التدابير خرق للنظام الاتحادي وإباحة لاعتداء الرئيس بالعزل والتعيين على الولاة، وهي انتهاك للحريات الأساسية بحيلة اعلان حال الطوارئ التي تتجاوز كل الحريات، في حين ان الدستور يقضي بأن حال الطوارئ لا تسرى إلا بواسطة المجلس الوطني ودعوته للانعقاد حتى في حالة غيابه لاجازتها. وسياسياً، هي خيانة لعهد الولاء لجماهير المؤتمر الوطني الحزب الحاكم وخروج على نظام الحرية والديموقراطية، ونقض لميثاق الشعب. أما خلقاً وديناً، فهذه التدابير خيانة لحركة الإسلام التي لم تول الرئيس السلطة إلا بتكليف وعهد خاص بأن لا ينفرد بديكتاتورية عسكرية، بل يكون رمزاً في ثورة ترد أمانة السلطة إلى الشعب وفق خطة موقوتة، وإقامة الشرع في الحياة العامة بالحرية والنظام". وفي رد على سؤال عن الاجراءات والخطوات التي يمكن أن يتخذها للرد على قرار الرئيس، أوضح ان "أعضاء البرلمان، وهم 400، يمثلون الجماهير، سيحاولون تنفيذ اجراءات دستورية في مواجهة هذا الغدر الدستوري. ومن جانبنا ووفاء للأمانة العامة لتوالي جماهير المؤتمر الوطني الحزب الحاكم وحركة الدين والإسلام سنتخذ الاجراءات السياسية النظامية التي تراها أجهزة المؤتمر شرعية، وان عُوُّق ذلك بالقوة الباغية فستعمل كل القوى الشعبية لحركة الانقاذ في السودان من أجل تقويم الردة الطغيانية وإقالة الغدر انتصاراً لأمانة الدين أو صبراً وجهاداً. وسنخاطب كل الذين يتولون المسؤولية والوظيفة والقيادة في صفوف المجتمع إلى أن يتجاوبوا بصدق مع محاور ولائهم لتقويم النظام الدستوري الحر، وليحفظوا الصورة المثالية للمجتمع والسلطان للمجتمع". وأوضح في رده على سؤال عن نوعية المقاومة التي يمكن أن ينتهجها: "مقاومة شرعية ودستورية وسياسية. هذا عمل انقلابي نقض كل البنى الأساسية. والشعب معروف عنه التقويم بالإرادة الشعبية". وقال في شأن إشارات صدرت عن البشير إلى قوى المعارضة لطمأنتها إلى عزمه السير قدماً في مسألة المصالحة "سيرون العظة في ما حصل للزعامات في صفه. وإذا حنثت الدستور والتنظيم فكيف تقبل وعودك التنظيمات الأخرى. أما الدول فربما يرضي بعضها تقويض نظام إسلامي حتى إذا كان ذلك على حساب الديموقراطية والدستورية". وشدد على ان ما حصل "هو انقلاب لم يستشر فيه حتى مجلس الوزراء وربما يخرج عدد من المسؤولين وربما يؤثر البعض البقاء فيها". وتعليقاً على التطمينات التي قدمها البشير في شأن عدم لتنفيذ اعتقالات، قال الترابي: "اترك ذلك للرأي العام. ماذا تفعل النظم الانقلابية؟ وأترك للأيام لتبين صدق الكلام". وفي شأن توقيت القرار، قال الترابي إن "الغرض واضح وهو منع البرلمان من ممارسة عمله في تعديل الدستور من أجل توفير مزيد من الحريات. وهذا المجلس عدل كثيراً من قوانين الأمن المقيدة للحريات". وشدد زعيم حزب "المؤتمر الوطني" على أن البشير "تهجم على النظام الاتحادي الفيديرالي بأن ولى نفسه سلطة جديدة ابتدعها في عزل ولاة الولايات واختيارهم وهم منتخبون وليسوا معينين، وكذلك أتى على الحريات العامة بإعلان حال الطوارئ وهي حال تعني تكميم الأفواه والاعتقال"، وأوضح "ان ليس من صلاحيات الرئيس إعلان حال الطوارئ. الرجل قضى على الدستور والحريات وغدر بالنظام السياسي، كما غدر بالقوى التي حملته إلى السلطة وساندته". وسئل رئيس البرلمان المنحل عن خطوته المقابلة، فأجاب ضاحكاً: "سنتقدم بطعن دستوري للمحكمة على رغم علمي التام بأن الطعون الدستورية لا تجدي مع الانقلابيين". وزاد: "ستجتمع هيئة قيادة المؤتمر لاتخاذ ما تراه. وإذا لم تفلح تلك الخطوة أو هذه، فالأمر متروك للقوى الشعبية لتقرر التعامل مع هذا الواقع بالمنهج الذي تراه". المؤتمر الصحافي إلى ذلك، روى الترابي في مؤتمر صحافي عقده في الخرطوم أمس الطريقة التي علم من خلالها بقرارات البشير. وقال في إجابة على سؤال عما إذا كان على علم مسبق بالقرارات: "أي معلومات مثل هذه كذب وافتراء. جاءني مساء بعض الوزراء ليبلغونني بأن بياناً سيصدر من الرئيس عبر الاذاعة والتلفزيون. وكان الأمر بالنسبة لي مفاجأة، لكنها ليست مفاجأة مطلقة بعد أن تذكرت العبارات التي قالها البشير أمام المؤتمر العام للمؤتمر الوطني حين طالب بمنحه مطالب واختصاصات، وإلا فإنه سيلجأ إلى الانقلاب. وقد اعطيناه ما طلب وهو رئاسة المؤتمر ورئاسة القطاع السياسي فيه وإعادة الترشيح لرئاسة الجمهورية، وظننت ان روح الانقلابي زالت عنه ولكنني كنت مخطئاً لأنها لا تزال باقية". وفي شأن توقع حدوث انشقاق في الصف المؤيد لحكم الانقاذ، قال إن "عبارة انشقاق قد تعني مناصفة، ولكن الأيام المقبلة ستثبت ان الصف مع الحق والدستور والوفاق. الوقت لا يزال مبكراً والجيش مكلف بحماية الدستور وليس غير ذلك".