مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    صينيون يطوّرون نموذج ذكاء اصطناعي لأغراض عسكرية    دبي.. رسالة «واتساب» تقود امرأة إلى المحاكمة    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    آلية جديدة لمراجعة أجور خدمات الأجرة عبر التطبيقات    "الأرصاد": أمطار على منطقة المدينة المنورة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    هيئة الهلال الاحمر بالقصيم ترفع جاهزيتها استعداداً للحالة المطرية    جمعية البر بالجنينة في زيارة ل "بر أبها"    انطلاق فعاليات "موسم التشجير السنوي 2024" ، تحت شعار "نزرعها لمستقبلنا"    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    ضمك يتعادل إيجابياً مع الرياض في دوري روشن للمحترفين    الخليج يتغلب على الرائد برباعية في دوري روشن للمحترفين    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار سقف محطة قطار في صربيا إلى 14 قتيلاً    وقاء جازان ينفذ ورشة عمل عن تجربة المحاكاة في تفشي مرض حمى الوادي المتصدع    أروماتك تحتفل بزواج نجم الهلال "نيفيز" بالزي السعودي    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة كسوة الشتاء    تن هاج يشكر جماهير مانشستر يونايتد بعد إقالته    الهلال يكتب رقم جديد في تاريخ كرة القدم السعودية    تصعيد لفظي بين هاريس وترامب في الشوط الأخير من السباق للبيت الابيض    الحمد ل«عكاظ»: مدران وديمبلي مفتاحا فوز الاتفاق    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    سعدون حمود للقدساويين: لا تنسوا أهدافي    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    ضبط إثيوبي في جازان لترويجه (3,742) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    الدفاع المدني: استمرار الأمطار الرعدية على مناطق المملكة حتى الاثنين القادم    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    وكيل إمارة الرياض يحضر حفل سفارة جمهورية كوريا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    المملكة تحقق المرتبة 12 عالميًا في إنفاق السياح الدوليين للعام 2023    مجلس السلامة والصحة المهنية يؤكد عدم صحة ما تم تداوله حول ظروف العمل بالمملكة    مبدعون «في مهب رياح التواصل»    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة عشرة تصل إلى لبنان    ما الأفضل للتحكم بالسكري    مدير متوسطة حي الروضة بجازان يكرم الطلاب المشاركين في معرض إبداع جازان 2025    عن نشر الكتاب: شؤون وشجون    نقص الصوديوم في الدم يزداد مع ارتفاع الحرارة    الدبلة وخاتم بروميثيوس    صيغة تواصل    الدفاع المدني يحذر من المجازفة بعبور الأودية أثناء هطول الأمطار    هاتف ذكي يتوهج في الظلام    أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض    السل أكبر الأمراض القاتلة    هوس التربية المثالية يقود الآباء للاحتراق النفسي    الأنساق التاريخية والثقافية    نورا سليمان.. أيقونة سعودية في عالم الموضة العالمية    رحلة في عقل الناخب الأميركي    «الرؤية السعودية» تسبق رؤية الأمم المتحدة بمستقبل المدن الحضرية    عمليات التجميل: دعوة للتأني والوعي    المرأة السعودية.. تشارك العالم قصة نجاحها    عن فخ نجومية المثقف    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعدي يوسف في حوار عن الفن والحياة : الشعر بستان الله ولا يطرد منه أحد
نشر في الحياة يوم 15 - 12 - 1999

يحل الآن في لندن الشاعر سعدي يوسف، الذي تجاوز الستين بنصف عقد ونيف، اكلت منه سنوات الرحيل عن الوطن اكثر من ثلثه. وهو يبدو على مرح حين يلقى الاصدقاء والمعجبين في مختلف الاجيال والافكار ضمن محيطه الجديد. ومثل طفل يدخل سعدي يوسف في عالم خفيف اثيري يبدو شعرياً او يتحرك على حافة الشعر ليكشف ما حوله وما ضاع منه في السنوات التي يسميها سنوات الصمت الاخيرة حين كان في الأردن لا يخرج الا لكي يتسوق خبزاً. وبقدر ما يبدو عقلانياً في ما يحاور من افكار، وقدر ما يهرب منها الى مستراح الشعر في انتقالة خفيفة لا تبعده عن هدوء يتحرك بين حوافي مرحه وكتابته المزمنة. انه يعيش بين طبع متقلب يسكنه قلق من يشعر بوطأة العلاقة مع مكان يفلت منه وهو بعد على عتبة اكتشافه. ولكنه يبقى بعيداً عن كل طقوس التعالي والمجاملات وحفلات الاقنعة، فهو يحمل طبع الصعاليك بمهابة ووقار.
سعدي يوسف مؤسس طريقة جديدة في الشعر تقوم على تخليص القول من موروث النبرة الخطابية والحماسة وبناء الفخامة والعظمة التي تميز بها الشعر العربي، برز في العراق مجدداً تقاليد رواد الشعر الحر، ثم رسخ مكانته في العالم العربي عبر مجموعة من الأعمال التي تجاوزت ال52 مجموعة شعرية. تميز صوته في افضل النماذج التي كتبها، بالخفوت والتواضع والاقتراب من أشياء الحياة اليومية مستخلصاً منها شعرية اللحظة العابرة، انه يلمس الأشياء برفق وحنو، مقتصداً في كلامه مشذباً ثرثرات العواطف والاستطرادات والزوائد.
نشأ سعدي يوسف في البصرة ميناء العراق البحري، وفي غابة نخيل سميت ابو الخصيب لما تميزت به منذ القدم بالخصب والنماء حيث ملتقى دجلة والفرات في خليج تنتشر حوله النهيرات الى مساحة شاسعة، الأمر الذي طبع شعره بسمة خاصة وحدد طقوس التعاطي مع الحياة في قصيدته التي تدرك توقها الى الرومانسي بعلاقة حميمة مع الطبيعة، في وقت تكتسب صفات الاشياء لديه موضوعية ينظر اليها الشاعر لذاتها وكأنها تحقق وجودها المستقل عنه كوصاف محايد.
وفي كل الاحوال، يبقى سعدي يوسف من الشعراء الذين تنوعت اساليبهم، ولكنه لم يكن متطرفاً في تجربته فهو بقي في الحدود الدنيا محافظاً على نبرة قصيدته الخفيضة، بسحر بساطتها ووضوح الصور فيها تلك التي قلده فيها الكثير من الشعراء منذ السبعينات حتى يومنا.
هذا اللقاء يحاول ان يتذكر مع سعدي يوسف اهم محطات حياته التي كانت اشبه بمغامرة غير محمودة العواقب، جاب العالم في رحلة طويلة لم يسترح منها الى اليوم، حتى تشاكلت قصيدته مع الكمان في علاقة شبه ملتبسة، كان فيها العراق الغائب الأشد سطوعاً في ذاكرته.
شعرك أشبه بسيرة يومية التماعات الذاكرة تشكل مفتتح قوله، غير انك لم تكتب مذكرات ولم تسجل يوميات عن تفاصيل ذلك الزمن، وبقي القارئ يجهل وقائع حياتك الحقيقية: بيتك الأول، عائلتك، تكوين الحي والقرية التي انحدرت منها. فهل لك ان تقودنا في رحلة ذلك الزمن منذ ولادتك في 1934؟
- المشكلة التي تجابهني للاجابة على هذا السؤال انني اعيش مع الماضي في شبه علاقة شعرية. كل التواريخ والاحداث والاماكن التي عشت فيها طفولتي تأتي اليّ على نحو شعري عبر تهاويم تحيطها بالألغاز. غير انني على يقين من ان امي تنحدر من قرية حمدان في أبي الخصيب في البصرة، وهي مولودة هناك مثلما ولدت انا في هذه القرية. ولا اتذكر من أبي الذي مات وأنا في الثالثة سوى انه كان حارس مدرسة في أبي الخصيب. وكان جدي لأمي معيلنا الى ان شب اخي الذي اشتغل معلماً في مدرسة ابتدائية وأصبح بمثابة الوالد لي، منه تعلمت الانخراط في العمل السياسي وكان منتسباً الى حزب الاستقلال الذي حورب في العهد الملكي. ولطالما عانت العائلة من ذلك الانتساب، وبقيت صلتي بهذا الأخ وأنا في الخارج شبه سرية، كأننا نخاف مما خفنا منه للمرة الأولى من ان تمسكنا الحكومة متورطين في عاطفتنا.
انا الأخ الأصغر ولديّ اخت تكبرني وأخرى تصغرني، وكان جدي ملاكاً صغيراً لديه بستان لكنه يشتغل رئيس عرفاء اي باش شاويش في سجن البصرة، هذا المكان الذي دخلته لاحقاً بسبب نشاطي السياسي.
ربما بين أشياء كثيرة تعاودني على نحو غريب، مدرستي الأولى في أبي الخصيب، وهي اشبه بالقصر المنيف تبرع بها احد باشوات المدينة. كانت سقوفها مرصعة بالزجاج الملون والمرايا وجدرانها بالفسيفساء، وهي مطلة على النهر الذي ورد في قصيدة السياب "شناشيل ابنة الجلبي" ولعلني أتذكر الآن الفتيات الجميلات اللواتي تتحدث عن احداهن القصيدة.
كان والدهن طبيباً مشهوراً من الهنود الوافدين على البصرة. كل شيء أشبه بالحلم: بناء المدرسة المدهش، النهر، الجسر. كنا نعيش في مجتمع انهار نخوض في الماء الى الضفاف الاخرى بين شواطئ البصرة وعبادان، ونرافق زوارق محملة بالعنب والتمر والفاكهة. نضع مخروطاً على الماء في المساء ونغلق النهر بالشباك ونصطاد السمك متتبعين لعبة المد والجزر. كانت اياماً هانئة، ولكننا واجهنا الجوع حقاً اثناء الحرب العالمية الثانية. كنت في العاشرة اعيش وعائلتي ضنكاً حقيقياً لا نحصل فيه على خبز يسد رمقنا.
ومع ان منطقتنا كانت تعاني الفقر والأمراض الا انها على وعي ثقافي متميز، فقد كان سكان بلداتنا من المجاميع النجدية التي وفدت في القرن الماضي تباعاً على البصرة بحثاً عن العيش، ولكننا لم نتحول الى مجتمعات قبلية مغلقة. اتذكر جيداً ان بواكير الوعي والنهضة الثقافية العربية كانت تصل قرانا بحركة النشر العربي في مصر والشام، وكانت مكتبات البصرة تجلب الاصدارات الانكليزية من مجلات وصحف وكتب جديدة. عدا النشاط السياسي الراديكالي الذي تميزت به البصرة لأن جيوش الانكليز دخلت العراق عبرها.
لماذا اقول ان ذاكرتي غائمة عندما اتحدث عن اهلي، ربما لأن طريقة تعبيرنا عن المحبة في العائلة مستترة. كنت احب والدتي ولكن الكلام بيننا شبه معدوم، بيتنا يحفه الصمت ومن النادر ان نتبادل الاحاديث والآراء. وعندما توفيت والدتي شعرت انني لم اقل لها ما ينبغي ان أقول. كان كل واحد فينا يعيش عالمه الخاص ولا يجمعنا صخب اللقاءات العائلية وحميميتها. في ايام العطل كنت اذهب الى بيت جدي، اقطع الطريق من أبي الخصيب الى البقيع حيث يسكنون في المكان الذي يجاور جيكور السياب. كان جدي مزواجاً واحدى زوجاته تقرأ في الموالد مدائح نبوية، كنت استمتع بصوتها ومن خلالها تعرفت الى قصيدة "البردة" للبوصيري ربما تكون الأبيات الأولى التي حفظتها منها بشغف هي التي حركت دواعي حب الشعر لدي. اذكر من تلك الأيام ايضاً عماتي الجميلات في البيت الذي احتل جزءاً من ذاكرة شعري.
أنت من قرية مجاورة لجيكور، متى عرفت السياب وكيف تصفه، وكيف تنظر الآن الى محددات علاقتك به وجدانياً وفنياً؟
- شاهدت بدراً للمرة الأولى عندما كان عمري 12 عاماً، كان ذلك في عرس في جيكور وكان شاعراً مشهوراً، قالوا هذا هو الشاعر. ولكن الذي أتذكره جيداً اننا نحن الطلاب الفقراء كنا نستنسخ قصائده على ورق الاكياس التي نشتري فيها الحاجيات. من بين تلك الأعمال تخطر في بالي "حسناء القصر وحسناء الكوخ" بقيت احتفظ بهذه القصيدة زمناً طويلاً، كانت تشكل قيمة مهمة في ذلك الوقت. وبعد اعدام فهد سكرتير الحزب الشيوعي تهشمت التنظيمات الطلابية التي كنت أنتمي اليها. وكنت وقتها في أبي الخصيب في سنة 1949 فأبلغوني امر لقائي بشخص في الطريق الفلاني ليعيد صلتي بالحزب. وكان ذلك بدر وكنت اواجهه للمرة الأولى. بعد ان بدأت النشر انتبه اليّ فكان يسميني الشاعر الريفي. ووصف قصيدتي "يا سالم المرزوق" بهذه الصفة. قال انت اعطيت اهتماماً الى الاميرات وجعلت للفلاحات نصيباً في صوت القصيدة. اعتقد انه صرح مرة في لقاء صحافي ووصفني بالشاعر الريفي. لا أقول انه اهتم بما اكتب ولكنه في وقت مبكر انتبه الي.
وفي الستينات بعد ان تركت بغداد الى البصرة توطدت علاقتي به اكثر وكنا نلتقي باستمرار وعرض عليّ مرتين قصائد جديدة، ولم اعرض عليه في المقابل شعري وكأني اريد ان اغيب صفة الشاعر عني احتراماً له. اذكر مرة اننا كنا في مطعم من مطاعم البصرة الراقية وكنت انصت الى ما يلقيه بصوت عالي النبرة، وكنت خجلاً ومحرجاً، فإذا برجل من الجالسين وراء الطاولات القريبة يصرخ به: نحن نأكل وأنت تتحدث عن الموت! كان السياب مخلصاً بمعنى انني استطيع ان اصدق انفعاله وردود فعله فهو عفوي وطليق في ارجاعه، لا يصطنع المواقف ويتصرف على سجيته من دون اعتبار للبروتوكول الاجتماعي.
عند تأسيس اتحاد الادباء الأول في 1959 وافق على ان يحضر الاجتماع معي وكان على خلاف مع الشيوعيين وقلت له ان الكل يحترمك ويحترم شعرك، ولكن الذي اعقب الفترة تلك من نزاعات اضعف العلاقة بينه وبين هذا الاتحاد. بقيت معه الى حين اعتقالي في 1963 وعند خروجي من السجن كان يرقد في مستشفى الموانئ والمرض هدّ جسده ولكن ذهنه وذاكرته بقيتا متوقدتين. كنت ازوره كل يوم، وكانت تجلس على مقربة منه عمته آسيا من دون كل اقاربه. كانت آسيا صديقة والدتي وبقيت غير متزوجة وتحتفظ بجمالها على رغم مضي الأعوام. آسيا التي قال عنها: "واسية الجميلة كحل الاحداق فيها الوجد والسهر" آخر ما حفظته ذاكرتي عنه تلك الصورة في المستشفى، كسيحاً عارياً لا يستطيع ان يحرك اجزاء جسده المليء بالقروح، ولكن عينيه كانتا ممتلئتين حياة وعنفواناً. جلبت له مرة مجموعة اصدرتها دار "بنغوين" عن الشعر البريطاني الجديد فاغتبط وقال انها احسن هدية تلقيتها.
انت تختلف عنه اسلوبياً، ولكن مشروعك يستكمل مشروعه ومشروع رواد الشعر الحر عموماً، هل تعتقد انك وريث قيمة ما في شعره؟
- أسلوبي لا يشبه اسلوب السياب غير اني ورثت عنه مجموعة قيم اهمها احترام اللغة والتراث العربي. وأعد نفسي سائراً على نهج الاسئلة الصعبة التي قدمها بدر الى الشعر.
يشتغل بدر داخل الاستعارة، ويقيم علائق النص والحياة داخل الاستعارة، اي ان علاقته مباشرة بالاستعارة الكبرى، في حين تعجز مادتي عن ان تتحمل هذا العبء لأن مادتها خام، حتى الرموز فيها تظل تحتفظ بعلاقة مع اصلها، يمكن ان اقيم معادلة جديدة من علاقات الأشياء قد تؤدي احياناً الى رؤية مجازية لكنني لا اعمد الى استخدام المجازات الكبرى مثلما يفعل السياب. وفي كل الاحوال لا يمكن مقارنة منجز السياب بمنجز اي شاعر معاصر فقصيدته خلخلت النسيج الشعري العربي الذي ورثناه على مدى اربعة قرون. كيف لي ان اتمثل "المسيح بعد الصلب" على سبيل المثال، انها شعر رؤيا مخيفة ثم "النهر والموت" او "انشودة المطر" التي لا يمكن النظر اليها الا على نحو شمولي، فهي قصيدة تلغي مرحلة لتشيد اخرى، وهذا غيض من فيض تركه بدر للقصيدة العربية.
اين تضع نفسك بين الشعراء العرب او كيف تصف تجربتك؟
- اضع نفسي دائماً في زمن مطلق. انا احد الذين حاولوا ادامة الخيط السحري في الشعر، هذا الذي يمتد منذ امرئ القيس الى اليوم. يمر الشاعر بآلاف الطرق الملتوية المعوجة، ولكنه يصل اذا كان يمتلك الموهبة والقدرة على ان يقف عند جديده.
سأقول لك امراً، مرة التقيت طلال حيدر الشاعر اللبناني المعروف وقال لي كلاماً اعجبني جداً، قال انا وأنت نقوم بجهد مشترك، انا اشتغل على المحكية لتبدو أقرب الى الفصحى، وأنت تشتغل على الفصحى لتبدو اقرب الى المحكية. انه اختصار جميل للموضوع الشعري الذي يخصني. ان كان ثمة من فائدة حققتها من صلتي مع الشعر الأوروبي والاميركي، فهو ما اختزنته اعماق ذاكرتي من ذائقة وجمال، ولكني اتبعت طريقتي في ان لا ادع ذلك التأثير يظهر على السطح.
تختصر الأمر على نحو مبسط، فشغلك على اللغة تردد في جانبه الجمالي بين معيار الانتخاب الصارم في خيارات طرق الابلاغ التي تحتفظ بكونها الشعري الخاص غير المباح من حافظة او كلام يومي، وبين شرط الإبانة عن غرضك من دون توريات معقدة، وهذا الامر تدرج في دقته ليصل عندك الى وسواس الاشتغال على المفردة لذاتها، المفردة التي تعشقها، لتقوم بنحتها وتشذيب اطرافها وتسوية حوافيها...
- اللغة هي الشيء الذي لا يتحمل اللعب. انها أقوى من الانسان لأنها جعلته انساناً، لذا كنت باستمرار اخاف من فعل التورط في اللعبة اللغوية المتصنعة. انا شاعر بدائي اسير في طريق استخدام اللغة الطبيعية: الاسم الجامد، الفعل اولاً بما يسمح لي المقام من تجنب المصدر، في يوم اتخذت قراراً بأن لا استخدم المصدر على الاطلاق. وأحذف النعت والتشبيه بالاضافة. منذ عشر سنوات استطعت الاستغناء عن التشبيه. التشبيه علاقة ارغامية في اللغة، استهانة واستغفال للقارئ لماذا علي ان اردد هذه المرأة جميلة كالوردة، او ان اقول: كلام الرجل كالسيف القاطع.
أتعبتني الكلمة في سيرورة كتابتي وكنت اطمح الى ان ارجع اللغة الى وحشيتها، ووجدتني حين انحي اشياء كثيرة من لغتي اصبح اكثر حرية في التعامل معها. اريد ان اعيد الشعر الى اوله ارجعه الى علاقاته الأولى مع الأشياء والطبيعة.
اذن انت تعي لحظة الكتابة، لحظة تشكل اللغة بين يديك، وتراها مكتملة لذاتها ولا ترى اليها واسطة لحمل الأفكار، فكيف لك ان تفسر مهمتك الأخرى او موقف الأديب الاجتماعي فيك او دور حامل الرسالة لديك؟
- اللغة بالنسبة اليّ ليست حاملة افكار، انها حاملة علاقات فنية. القصيدة لا تشتغل على علاقة افكار، انها تشتغل على علاقات بين الاشياء، علاقات توصل النص الى ان يكون مكتفياً بذاته اللغوية، لا بمعنى اللغة المجرد ولا بمعنى الرنين ولا بمحمول اللغة الموسيقي. اشارية اللغة ليست هينة، انها قيمة بحد ذاتها.
كيف تأتيك اذن الكلمات؟
- تأتيتي من الانتباه الى عينات أراها امامي وألمسها بيدي، ارى الطاولة امامي فأكتب عنها، ثم اتوغل مساحة ابعد منها. الصعوبة التي اجدها في الشعر هي محاولة نقل حاسة مثل حاسة الشم، كيف تنقل الرائحة عبر اللغة الى القارئ، هذا ما عجزت عنه. انا الى اليوم استرجع بقوة رائحة حليب أمي عندما كانت تقطر في عيني، حسب العادة الريفية في التطبيب، وعندما أقول: "قطرات الحليب التي ابرأتنا بها حلمة الأم من رمد" اقصد معناها الحقيقي لا المجرد. اذن انا لا امضي بعيداً خارج الأشياء.
ولكنك تلحق الأشياء بمناخ يخالف طبعها اليومي ومدلولها المتعارف، افضل نماذج شعرك تلك التي حملتنا الى عوالمها غير المدركة، الى الغازها وخفاياها، يرحل الحائط او البرج لديك خارج صورته، الى عالم ليس له علاقة بالأساطير او الرؤى ولكنه يملك منطقة الميتافيزيقي بهذا الشكل أو ذاك.
- هذا الأمر له علاقة بما يمكن ان نسميه المناخ السحري، ان تلحق الأشياء بعالم من التأويل المرتبط بالغرائز الأولى، بالمخاوف الأولى، بالتصورات البدئية للعالم. ولكنني دائماً اجد للقارئ مفاتيح تيسر عملية التصوير لديه، وهذه تعد من اسرار الصنعة. احاول ان اساعد القارئ في عملية التأويل، فأنا لا اريد ان يغمض شعري عليه. هذا هو عملي: ان ادفع الى الوعي بأفق معين، لحظة سايكولوجية، حالة تأمل، ضيقاً، رفض شيء،. وكل تلك الأمور مجتمعة لا تعني ان املي على الناس افكاري.
في المحترف الشعري تبدو على المستوى الشكلي وفياً لتجربة قصيدة الشعر الحر في استخدام الأوزان، وبقيت قصيدتك محافظة على النسق الموسيقي المعروف، وما زلت تنظر بتوجس الى قصيدة النثر.
- جهدت مرات كثيرة الى تحطيم النسق الموسيقي، ولديّ قصائد لا يمكن اكتشاف نوعها، هل هي موزونة ام لا. في احيان اشعر انني اتعثر ان لم اضع وزناً، ولم اجابه مشكلة الوقفة في ميدان الوزن الشعري، لهذا اتصرف بالوزن وأعطي نفسي جوازات فيه مع الغاء التقفية ودمج الابيات، وأحياناً تقطيعها بحيث استر الايقاع. ان تدوير الخفيف في بعض القصائد ينوب عن عمل قصيدة النثر. قدر ما ما يبدو الفن الشعري سهلاً، قدر ما تصعب خيارات ادواته.
تبدو صارماً في احكامك على شعراء قصيدة النثر خصوصاً الاجيال الشابة، في حين اشدت بتجارب بعض الشعراء الذين كتبوا في هذا النوع، الا تنقض احاديثك نفسها في احيان؟
- منذ اربعين سنة، اي منذ الماغوط الى اليوم، لم يطرأ كبير تغيير على كتابة هذا النوع الذي بقي يعتمد على عنصر المفارقة في الصورة. لم تضف مهارات في الموسيقى، في تعدد الاصوات داخل النص، في بنيته، في الاقتراب من الدراما والعبور بين الحروف اللينة والصامتة. السرد المسترسل قابل لأن يغتني في قصيدة النثر اكثر من النوع الذي يقلد الشعر الحر في ترتيب ابياته، لأن هذا السرد اكثر حرية ويتقبل الشغل على القضايا الصوتية. اما الشكل المقلد للقصيدة المترجمة نثراً فلا مستقبل له او في الأقل لم تثبت التجربة ان بمقدوره ان يقدم فتوحات تغير المشهد الشعري كما حصل في الشعر الحر.
تختلف بالطبع تجارب عدد من الشعراء وفي المقدمة منهم سركون بولص لأنه من الصناع المهرة في الشعر. انه يحترم موضوعه، يمسك بنتوءات الحياة ليهتدي الى الجوهري فيها... بعد خبرة ثقافية راسخة امتدت الى اكثر من ثلاثين عاماً، بعد حيرة وصمت طويل يضع نفسه في محترف الكتابة الناضجة ليبدو حراً ممسكاً بزمام عالمه، كما انه لا يؤمن بفرادة الشكل ليس لديه طوطمية في الفن انه حر في الحياة وفي الفن.
اما وليد خازندار فالمادة التي تشتغل عليها قصيدته حقيقية، التعبير عن هذه المادة لديه مكثف ومتبلور بصلابة. هناك عمل داخل اللغة ايضاً، بمعنى يوجد نوع من العدول الانزياح في الاشتقاق في النحو والصرف وهناك اهتمام بعنصر الموسيقى. عنصر الموسيقى في قصيدة النثر هو الأصعب، لذا اهمل هذا الجانب بدعوى ان هذه القصيدة ضد الايقاع. الايقاع مبدأ عام، علاقة انتظام وهو جانب واحد تفصيلي من موضوع الموسيقى في النص.
قال أدونيس مرة لا اريد ان اضع الوزن في قصيدتي، في احيان تأتي لديّ جملة موزونة اعمد الى تهشيمها. شاعر مثل ادونيس لديه مطواعية وخبرة واستقبال لنبض القصيدة، وعندما يعمد الى تهشيم ما أتى عفواً فهو يعرف ما يريد. في حين تتحول الموسيقى الى فوبيا عند بعض المتورطين من الشباب والسبب انهم عاجزون عن البحث الفعلي لادخال القيم الموسيقية في نص قصيدة النثر.
واجهت عند عودتك الى العراق في 1969 موجة شعراء الستينات، اين كنت من تصوراتهم عن الشعر، وهل وجدت نفسك امام تحد ما، وهم الذين هاجموا ما كنت تكتب على غراره، اي الشعر الحر وقصيدة الرواد؟
- كنت اشتغل بهدوء ولم تكن تشغلني المعارك المحلية، واعتبرها الى اليوم لا تستحق الانتباه. الشعر لا يحتمل المنافسة لانه فن فقير. انه بستان الله الذي لا يطرد منه احد.
الحرية عقيدة الفن وغايته
منذ وقت مبكر كنت على صلة وثيقة مع الماركسية. هل بقيت تلك الصلة على ثبات ام تطورت ام تغير موقع نظرتك اليها؟
- صرت الآن اكثر حرية في مجرى تحركي بين الحياة والمعتقد، وان كنت ما زلت على ثبات في تبني هذه الفكرة. ليس هناك من متسع او سبب للتغير، هل صار العالم اكثر عدلاً، هل قلّ عدد الفقراء، ام اضحى العراق ديموقراطياً؟ هذه اسئلة اولية وربما تبرز الآن على نحو اشد الحاحاً. يمكن ان يراجع الانسان ما اعتاد عليه من افكار في دولة رفاه على سبيل المثال، اما في حالنا، فالامر يختلف. ما اضافته الماركسية الى تجربتي في الفن هو تطوير ممكنات الاعتراض على الظلم واللامساواة، وما زلت الى اليوم ابحث في منطويات الادب العالمي عن الاساس الراديكالي المعارض للتسلط والهيمنة ضمن كل التجارب بما فيها تلك التي لا تلتقي مع الفكر الماركسي. حتى في الادب العبثي اهتم بالجانب الشخصي الذي يؤدي الى ذلك المنبع الانساني فيه. هذه خياراتي في الشعر والترجمة وعبر كل الصيغ الفنية التي قدمت فيها نفسي.
ألا تعتقد انك تقترب من امكان تحجيم مبدأ الشك لديك، فهناك فكرة ثابتة تمر عبرها كل مقايساتك، في حين يبدو قلق الافكار، وعدم ثباتها الاساس المحرك لروح الفنان، ام انك في كل الاحوال تحصر ذاتك في صندوق الفكرة التبشيرية؟
- للفكرة التبشيرية بعدها الجمالي عند الشاعر. انها غير معنية بصراع السلطة او طبيعة ادارة المجتمع. انها تبشر بالجمال، بتجربة جمالية باعتبارها فكرة تخدم الحرية. الحد النهائي للجمال هو الحرية. لنقل في حدود خطوة راقصة الباليه، فيما تمنحه لنا الموسيقى من اجنحة طليقة.
الماركسية ببساطة تلك الفكرة الجمالية الشغوفة بنهج التغيير تحويل العالم، المساواة بين البشر. ربما يخطر في البال فشل تجارب الدول الاشتراكية، وماذا في الامر. شخص مثلي ما زال ينتظر النماذج الاخرى الممكنة التحقق! بعد مرور 150 سنة على الثورة الفرنسية قال شو ان لاي: من المبكر الحديث عن تأثيرات كمونة باريس والثورة الفرنسية في مجرى تطورات العالم، وانا اقول من المبكر الحديث عن تأثيرات الثورة البلشفية في سياق خيارات البشر! كل ما حقق من رفاه للضعفاء في بلدان الغرب كان بدافع مجاراة المدّ الشيوعي الذي كان يقرع اجراس الخطر في تلك البلدان. اي حقوق تستطيع ان تتنازل عنها الرأسمالية للعمال او الطبقات المسحوقة لو لم تشعر بخطر الثورة والتمرد، بعدوى الاشتراكية؟ لننظر الى مراحل التغيير في حزب مثل حزب العمال البريطاني، سنجد ان الماركسيين من قادته كانوا وراء مطاليبه لصالح الناس في فترة مهمة من تاريخه.
ثم انني اجد في الفكر الاوروبي الحديث الاصرار على تجديد افكار ماركس والرواد ورفدها بالاستمرارية. مدرسة فرانكفورت على سبيل المثال اكملت نصفاً ناقصاً في، وجعلتني اكثر شجاعة في التبصر بالعالم وما حولي. كما ان بعدها الجمالي عزز علاقة النص الشعري لدي بالحياة. ان منهج مدرسة فرانكفورت حول استقلال الفن عن الحياة الواقعية يعني عدم ربط الفن بالمؤسسات، لان القوانين والنظريات التي تضع الفن في سياق محدد تقضي على قدرة الانسان على التخيل لتجاوز الاحوال الراهنة. على هذا سينتهي الشعر والادب اذا تحول الى اداة من ادوات الهيمنة لاي جهة كانت. ان اكتشاف الثقافات الهامشية او ثقافات الظل هو فعل حرية في الممارسات الماركسية لمحاربة الاغتراب في حياتنا، حسبما جاء في مباحث مدرسة فرانكفورت التي اكد على منهجها ادوارد سعيد حين كتب عن ثقافة الاقوام والطوائف والجماعات المقصية وبينهم النساء والقوميات المهمشة.
كما انني على صلة مع فكر سمير امين الذي اعاد الحياة الى نظرية المركز والاطراف التي تصل تلك التصورات ببعضها. ضمن هذا المسعى ارى ان عليّ ان اتبصّر تجدد الجدل حول الفكر الذي احمله. صحيح ان العالم العربي لم يلد مجتهدين في الميدان الماركسي، ما عدا محاولات مهدي عامل، بقيت المباحثات الفكرية باللغة العربية في هذا الميدان قاصرة عن ان تغني حاجة المجتمع العربي الملحة اليها، بيد انني كأديب اظل احفظ تراثها العالمي واتمثله في مجرى بصيرتي الفنية.
كيف تنظر الى المثقف العراقي او العربي عموماً ضمن سياق تلك التطورات المرتكبة في تبدل احوالها وتسارعها في بلداننا؟
- يعيش المثقف العراقي والعربي في الجحيم نفسه، وان اختلف جحيمنا عن جحيم الآخرين، على نحو دراماتيكي، هذا الجحيم، او صح التعبير يتمثل في بنية الدولة اللاوطنية. الدول في العادة لها مهمات بسيطة واولوية تتمثل في الدفاع عن الحدود، تنمية الاقتصاد، تطوير العلم او الثقافة. كانت تلك مهام الدولة القومية التي تشكلت في العالم الحديث: فرنسا والمانيا وسويسرا وانكلترا الخ. في الحالة العربية الامر جد مختلف، فالجيش يتشكل للحفاظ على كرسي الحاكم الى امد لا حد له، والدولة تهتم بتجهيل الناس بدل تعليمهم. لان المبالغ التي ترصد للتعليم والصحة لا توازي ولو بالحدود الدنيا تلك المبالغ التي ترصد لرفاه الحاكم وبطانته. اما الاقتصاد فيجري التجاوز على موازنه وخطط تطويره بالنهب المنظم.
ماذا حدث في العراق بعد الفورة النفطية في السبعينات والثمانينات؟ ذهبت المبالغ الطائلة التي دخلت البلد الى برنامج التسلح العسكري وجيوب القادة وفرقتها في اطراف المعمورة لتشتري بها ضمائر الذين سعوا الى السكوت على جرائمها بحق العراقيين وتزيين صورتها في كل المحافل، كما كرست افضل المختبرات والعقول العلمية في العراق لانتاج الاسلحة البيولوجية والكيماوية.
المثقف العربي ضحية هذه الانظمة، ولكنه مسؤول عن الانحطاط الذي وصلنا اليه. المثقف العربي تواطأ في صنع العلاقة الملتبسة بين الثقافة والدولة، بين الثقافة والحكومات التي تحتقرها. في العراق كلنا مسؤولون عن غفلة الاصطفاف. غفلة بيع الروح الى الشيطان. لنقل انني وافقت موقتاً على ما وافق عليه سامي مهدي دائماً.
كلنا متورطون في هذا……!
في هذه المحطة الاخيرة… لندن كيف تنظر الى مطافك؟
- مقامي الآن لا يقبل التفسير على انه مطاف اخير او واقع راسخ، في هذه اللحظة كل شيء يبدو محتمل التحقق، وفي الوقت ذاته مجازياً، انه هو ولكنه غير هذا، انا اشعر انني محمول على غيمة، انني امارس لعبة اقنعة. القناع ربما اجمل من الوجه والوجه اجمل من القناع. لعبة عجيبة، كل شيء فيها ازدواج حيوي، المستعار والمستعار منه، انها لفانتازيا مسكرة! اشعر انني خفيف من اغراض، من حاجياتي، من بيتي، من انتظام عاداتي، مصدر سعادتي هذه المجموعة العراقية التي تحتضنني الآن. منذ فترة طويلة وانا لم اعش هذا الجو. جو الشعور بأنك بين اهلك.
كيف تنظر الى منفاك الطويل، وهل لك ان تعرفه. او تجد فيه فوائد للمثقف؟
- ليس هناك ايجابيات لمنفى المثقف العراقي لانه اشبه باللعنة. ان تكون بلا وطن طوال تلك السنوات. ثلاثون عاماً بلا وطن. مثل هذا المنفى لا انساني، فأنت لست مهاجراً عن وطنك بطوعك تستطيع العودة الى اهلك وصحبك ومكانك في اي وقت تشاء ولك حق فيه مثل بقية عباد الله، ان منفانا حقا الاشد قسوة بين المنافي.
ولكنك تبدو على غير رغبة في الاستقرار في الاماكن البديلة، فكيف بمقدورك الاستقرار في العراق؟
- كوني غير قادر على الاستقرار في بلدي، اجد نفسي راغباً عن الاماكن الأخرى. في عمري هذا لو سنحت لي فرصة ان املك غرفتين فقط على شط العرب في البصرة لمكثت الى الابد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.