} يؤدي الرئيس حسني مبارك غداً اليمين الدستورية امام اعضاء مجلس الشعب البرلمان، لتبدأ رسمياً ولايته الرئاسية الرابعة، ووفقاً للدستور المصري يتعين على الحكومة تقديم استقالتها عقب الجلسة كما سيعد المحافظون في حكم المستقيلين. من بين 31 وزيراً هم كل اعضاء حكومة الدكتور كمال الجنزوري هناك عشرة وزراء دخلوا في صدامات مع جهات طوال السنوات الماضية ما يجعل من بقائهم في مناصبهم في الحكومة الجديدة التي سيصدر الرئيس حسني مبارك قراراً بتشكيلها في غضون ايام مثار استياء في اوساط المعارضة، علماً أن سنوات حكم مبارك لم تشهد استبعاد وزير من موقعه لمجرد قيام عدد من العلماء او الخبراء او رموز المعارضة بانتقاده او مهاجمة سياسته. لكن الضجة التي اثارها الوزراء العشرة، وزخم الحديث عن تغيير واسع، مما جعل الرغبة في تغيير الوجوه "مطلباً شعبياً". ويعد نائب رئيس الوزراء وزير الزراعة واستصلاح الاراضي الدكتور يوسف والي اشهر الوزراء المصريين الذين دخلوا في معارك مع المعارضة، فمازالت تداعيات الخلاف بينه وبين حزب العمل ذي التوجه الاسلامي تطغى على الساحة. وهناك ثلاثة صحافيين يعملون في صحيفة "الشعب" يقضون حالياً عقوبة السجن في قضية دينوا فيها بالقدح والذم في حق الوزير، مما وسع دائرة العداء له لتشمل ايضاً صحافيين ينتمون الى صحف قومية، ويتولى الوزير منصبه منذ العام 1982، ولسنوات طويلة ظلت المعارضة اليسارية والاسلامية توجه اتهامات له بأنه يقيم علاقة مميزة مع اسرائيليين. ويأتي وزير الثقافة السيد فاروق حسني في موقع باز في اللائحة، فمنذ توليه منصبه في تشرين الاول اكتوبر العام 1987 لم يمر شهر من دون ان يخوض معركة مع معارضيه خصوصاً علماء الآثار الذين اتهموه مرات عدة بالاساءة اليها تارة والتسبب في انهيارها تارة اخرى. وعلى رغم ان حسني يتبنى مشروعات عدة منها ترميم معابد فرعونية وآثار اسلامية الا ان عدداً غير قليل من خبراء الآثار رأوا انه يلجأ الى اساليب خاطئة في الترميم، كما ان قضية عرض الآثار المصرية في الخارج وصلت الى ساحة القضاء لكنها لم تكن الحرب الوحيدة التي كان فيها الصراع بين الطرفين في قاعات المحاكم فقبل ايام تعرض الوزير لصدمة قضائية حين ابطلت محكمة القضاء الاداري قراراً اصدره بهدم منطقة "باب العزب" داخل قلعة صلاح الدين في القاهرة ضمن مشروع يتبناه لتطوير المنطقة. وواجه حسني حملات اخرى تتعلق بمستوى قصور الثقافة المنتشرة في المحافظات، وتطوير المتاحف، والاساليب التي تعتمدها وزارته في نشر وتوزيع كتب المثقفين الادباء والشعراء. وتحدثت صحف المعارضة عن مشاركته في مشاريع استثمارية سياحية على رغم كونه موظفاً عاماً يحظر القانون عليه ذلك الامر. ويأتي وزير النقل والمواصلات المهندس سليمان متولي في المرتبة التالية لجهة حجم الانتقادات التي يتعرض لها وهو اقدم وزير في مصر حاليا، اذ دخل الوزارة للمرة الاولى في 1978 كوزير لشؤون مجلس الوزراء وبعد اقل من سنتين انتقل ليجلس على مقعد وزير النقل والمواصلات ولم يتزحزح عنه منذ ذلك الوقت ليحمل من هذا الموقع مسؤولية حوادث القطارات والطرق خصوصاً السريعة منها، التي اسفرت عن مقتل عدد من الناس يفوق عدد ضحايا سنوات الصراع بين الحكومة والاصوليين. اما وزير التعليم الدكتور حسين كامل بهاء الدين الذي يتعامل مع 15 مليون اسرة فلا يمر عام الا ويتسبب قرار يصدره في إثارة الملايين واغضابهم. وشكت الاسر المصرية مرات عدة من تجارب الوزير وقراراته التي ما يلبث ان يلغيها بعد فترة. وكان بهاء الدين تعهد حين تولى منصبه في العام 1991 القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية، لكن الظاهرة استمرت بل واستفحلت. كما تعهد القضاء على كابوس "الثانوية العامة" لكن اسر الطلاب فوجئت بأن ابناءهم تحولوا الى حقل تجارب تطبق عليهم الوزارة كل عام نظاماً للامتحانات مخالفاً لما كان مطبقاً في العام السابق. وتحدث المصريون طوال السنة الماضية عن قضية "السنة السادسة" بعد ما قرر الوزير ان تعود مرحلة التعليم الابتدائي ست سنوات بدل خمس كما كان مطبقاً منذ 1989. وتعتبر الاوساط المصرية وزير قطاع الاعمال الدكتور عاطف عبيد مهندس سياسة التخصيص اذ تبنى تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي في بيع الشركات الحكومية التابعة للقطاع العام. ويعد عبيد واحداً من وزراء الحرس القديم اذ تولى منصبه في 1984 كوزير للقطاع العام لكنه تحول مع الوقت إلى وزير لتصفية القطاع العام، وهو يقع بين شقي رحى، فالمعارضة اليسارية تتهمه بأنه فرط في مكتسبات ثورة تموز يوليو، وساهم في هدم صروح صناعية عملاقة، في حين تتهمه المعارضة الليبرالية بأنه متباطئ ويطبق سياسات التخصيص بأسلوب الاشتراكيين. وعلى رغم ان وزير الاقتصاد الحالي الدكتور يوسف بطرس غالي نال من المديح الكثير بعدما تولى في 1993 حقيبة التعاون الدولي وتحدث البعض عن نجاحه في التعاطي مع مؤسسات مالية دولية إلا ان المشاكل لاحقت الوزير بعد ما تولى حقيبة الاقتصاد، فالمعارضة تشكو من تعالي الوزير، ورجل الشارع يسأل عن مسؤوليته تجاه الانحرافات التي وقعت من بعض مسؤولي المصارف، ورجال الاعمال منزعجون من الازمات التي يعانون منها جراء ازمات الدولار المتوالية، وكان من اللافت ان محافظ البنك المركزي تولى التعاطي مع ازمة مر بها الدولار الشهر الماضي وتساءل البعض: اين الوزير؟ ولعل وزير التعمير المهندس محمد ابراهيم سليمان أكثر الوزراء ظهوراً في وسائل الاعلام وظل منذ تولي منصبه في 1993 دائما في بؤرة الضوء فوزارته تتولى تنفيذ مشروعات الاسكان والبنية الاساسية والمرافق، لكن الوزير خاض معارك عدة ليس فقط مع المعارضة ولكن أيضاً مع بعض نواب الحزب الحاكم الذين قدموا 38 طلب سؤال واحاطة الى البرلمان ركزت على سوء اوضاع المرافق الاساسية ومياه الشرب على رغم انفاق اكثر من 85 بليون جنيه عليها. وعلى رغم ان وزير الصحة الدكتور اسماعيل سلام يعد من ابرز جراحي القلب في مصر الا انه لم ينج من هجوم بعض الصحف القومية، فسوء خدمة المستشفيات الحكومية واخطاء الاطباء، التي تتسبب في وفاة بعض المواطنين وحوادث السهو التي ينتج عنها ترك المناشف في بطون المرضى كلها مجال للهجوم على الوزير وتمثل لديهم أسباباً لاستبعاده. ويعتبر وزير مجلسي الشعب والشورى السيد كمال الشاذلي حلقة الوصل بين الحكومة والمعارضة، ويعتقد البعض ان العلاقة بين الطرفين تتوقف على اسلوب ادارة الشاذلي للمهمة، ولأن الفترة الماضية شهدت صدامات عدة بينهما فإن البعض رأى ان الاسلوب الصدامي للشاذلي كان أحد الاسباب، لاستمرار المعادلة السياسية الداخلية من دون تغيير لسنوات طويلة. واخيراً فإن وزير المال الدكتور محيي الدين الغريب، يتعرض لضغوط كبيرة، فالليبراليون يحملونه المسؤولية عن منح تسهيلات مالية وجمركية وضرائيبية جديدة للمستثمرين، والناصريون واليساريون، يعتبرونه المسؤول عن زيادة بنود ضريبة المبيعات التي يدفعها محدودو الدخل والفقراء.