يشكل القسط الشهري لسداد القرض السكني في لبنان جزءاً من النظام الحياتي للبنانيين، وهو يمثل محوراً في عملية توزيع مداخيلهم. وإذا كانت الأقساط الأخرى لسداد قروض استهلاكية، فإن قسط القرض السكني في اقتناعهم هو الأجدى. وهم يعتبرونه استثماراً رابحاً كون العقار لا يفقد قيمته بل يحقّق ريوعاً تشكّل القرش الأبيض لليوم الأسود، فيما هو يقبع في الرمادي. ووفّرت برامج الإقراض السكني التي أطلقتها المصارف التجارية العاملة في لبنان وشركات المقاولات المتخصصة ببناء الوحدات السكنية وأخيراً قيام المؤسسة العامة للإسكان هذه الفرصة للبنانيين وخصوصاً من ذوي الدخل المحدود والمتوسط وهم يشكلون الغالبية من المجتمع اللبناني. ولكن، وحسب خبراء في هذا القطاع لن تحرّك هذه التمويلات الميسّرة وعلى آجال طويلة القطاع العقاري الذي يشهد ركوداً منذ سنوات بل ستنعكس على جزء لا يتجاوز نسبة ال30 في المئة. اذ، يرى هؤلاء ان اكثرية الاموال الموظفة والمجمدة في هذا القطاع تعود للوحدات السكنية المصنفة "دولكس" وما فوق ولا يقتدر عليها ذوو الدخل المتوسط والمحدود. وأفادت مصادر مالية لپ"الحياة" ان مبلغ الثمانية بلايين دولار حجم التوظيفات في الوحدات السكنية الذي يتداوله العاملون في القطاع، تراجع الى 5.5 بليون دولار بعد تحقيق عمليات بيع بآليات مختلفة ما ادى الى انخفاض عدد الوحدات السكنية المعروضة للبيع. وقد بلغ اجمالي القروض السكنية التي منحتها المصارف حتى الآن نحو 400 مليون دولار أميركي مشكلة نسبة 5.19 في المئة من مجموع التسليفات المصرفية. وستسجل هذه القروض زيادة في المدى المنظور بفعل انضمام المؤسسة العامة للإسكان الى حقل الإقراض السكني وهي من أهداف تأسيسها تأمين القرض الميسّر للمواطن العادي لتملّك مسكن. دور المصارف بعدما كانت المصارف التجارية تفتقر الى الموارد لتمويلات طويلة الأجل، نجحت وفي مدة وجيزة في إيجاد السبيل لتغطية هذه الموارد. فحصلت عبر مبادرات قامت بها إداراتها مع مؤسسات مالية ومصارف دولية وفي بعض الحالات بكفالة الدولة على قروض طويلة الأجل توظفها في مجال الإسكان فضلاً عن إصدار سندات تستحق بعد أمد طويل اكتتبت فيها مصارف دولية. وأبرز هذه المؤسسات، مؤسسة التمويل الدولية "IFC" التابعة للبنك الدولي، وأعلنت قبل أيام عبر وفد لها زار بيروت الأسبوع الماضي أنها وافقت على منح مصرفين لبنانيين قرضين قيمتهما 42 مليون دولار لتوظيفها في القروض السكنية، على أن تدير إصدار سندات تكتتب فيها مصارف دولية قيمتها 30 مليون دولار لاحد هذين المصرفين للغاية نفسها. واستكملت المصارف دورها في هذا المجال بعدما وقّعت بروتوكول تعاون مع المؤسسة العامة للإسكان التي انشئت العام الماضي وبدأت عملها فعلياً في منتصف حزيران يونيو هذه السنة. وتقضي صيغة التعاون بين المؤسسة والمصارف بان تموّل الاخيرة القروض التي تقدّم طلباتها الى المؤسسة فتنال موافقة المؤسستين. ووفق مصادر المصارف انها موّلت عدداً مهماً من هذه القروض واخرى قيد الدرس. اما كيفية تسديد هذا القرض الذي ترعاه المؤسسة فيتم على مدة عشرين سنة، اذ يسدد المقترض أصل القرض في السنوات العشر الاولى، ليكمل في السنوات العشر الثانية تسديد اقساط مجموع الفوائد للمؤسسة. وتثمّن المصارف في هذا المجال دور مصرف لبنان الذي عمم على اداراتها قراراً يسهم في التشجيع على التوظيف بالليرة اللبنانية، اذ أجاز بموجب هذا القرار لاي مصرف ان يطلب من مصرف لبنان خفض الاحتياط الالزامي المودع لديه بنسبة 60 في المئة من قيمة كل قرض سكني يمنحه بالليرة اللبنانية استناداً الى البروتوكول بين المصارف والمؤسسة العامة للاسكان. واشترط المصرف المركزي لخفض هذا الاحتياطي موافقة مجلسه المركزي على الخفض وقيام المصرف المعني بابلاغ مركزية المخاطر في مصرف لبنان برصيد القرض الموضوع موضع لتنفيذ. ووضعت المصارف المشاركة في هذا البرنامج شروطها الخاصة في منشورات يمكن اي طالب قرض ان يستوضح منه ما يتوجب عليه وما يحق له. نظام المؤسسة اما نظام المؤسسة الذي يشكل الآلية لهذا الاقتراض فهو ينص على ان الافراد المستفيدين هم ثلاث فئات، الأولى تضم كل لبناني لا يتجاوز معدل دخله العائلي الشهري ضعفي الحد الادنى للأجور أي 600 الف ليرة والثانية كل لبناني يتجاوز معدل دخله العائلي الشهري ضعفي الحد الادنى ولا يتعدى ست مرات هذا الحد اي 1.600 ألف ليرة حتى 8.1 مليون ليرة. والفئة الثالثة التي تضم كل لبناني يتجاوز معدل دخله العائلي الشهري ست مرات الحد الادنى للاجور ولا يتعدى عشر مرات هذا الحد اي 000.800.1 مليون و3 ملايين ليرة. اما مساحة المسكن فهي تصل الى 120 متراً مربعاً للاولى و150 متراً مربعاً للثانية و200 متر مربع للثالثة. ويمكن المستأجر الاستفادة اذا رغب في شراء المأجور ولا تطبق عليه شروط المساحات على الا تتجاوز المساحة 250 متراً مربعاً. ولا يتجاوز القسط الشهري ثلث الدخل العائلي. أما معدل الفائدة على القرض هو المعدل الذي يتفق عليه مع المصرف. وتموّل عمليات الاقراض من المصارف الموقعة على البروتوكول وتشارك المؤسسة المقترض في التسديد على الا تتجاوز قيمة مشاركتها مجموع الفوائد المتوجبة على القرض، ويقتطع المصرف بناء على طلب وبموافقة المقترض مبلغاً يوازي 10 في المئة من قيمة القرض ويودع في حساب المؤسسة وتعتبر المؤسسة مدينة وحدها بهذا المبلغ تجاه المقترض. ولم يقتصر مشروع المؤسسة على هذا البرنامج بل اعلنت عن مشروع آخر يقضي ببناء عشرة آلاف وحدة سكنية خارج بيروت. وأعلنت اخيراً عن بدء تنفيذ مشاريع سكنية جديدة توفر نحو 1500 مسكن، تشارك في بنائها المصارف التي تموّل وشركات متعهدي البناء. ووافقت المؤسسة حتى الآن على 430 طلب قرض لشراء مساكن تزيد قيمتها عن 20 مليون دولار اميركي.