«COP16».. رؤية عالمية لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي    الاستدامة المالية    لولو تعزز حضورها في السعودية وتفتتح هايبرماركت جديداً في الفاخرية بالدمام        رسائل «أوريشنيك» الفرط صوتية    وكالة الطاقة الذرية: إيران تخطط لتوسيع تخصيب اليورانيوم بمنشأتي نطنز وفوردو    إنصاف الهيئات الدولية للمسلمين وقاية من الإرهاب    عريس الجخّ    كابوس نيشيمورا !    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    وزير الحرس الوطني يرعى ملتقى قادة التحول بوزارة الحرس الوطني    بالله نحسدك على ايش؟!    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    "أريب كابيتال" توقع اتفاقية تسهيلات مالية مع بنك الجزيرة بقيمة 1 مليار ريال لتعزيز استثماراتها العقارية    ضبط 3 مخالفين في عسير لتهريبهم (18) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    الرياض يزيد معاناة الفتح في دوري روشن    مفتي عام المملكة ونائبه يستقبلان مدير فرع الرئاسة بمنطقة جازان    أول امرأة تؤلّف كتاباً عن السبح.. تمزج التراث بالابتكار في معرض "بَنان"    الجيش اللبناني يتهم إسرائيل ب"خرق" اتفاق وقف إطلاق النار "مرات عدة"    إعادة انتخاب المملكة لعضوية المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية    التعاونية توقِّع شراكة جديدة مع شركة اليسر للإجارة والتمويل (اليسر) لصالح قطاع التأمين على الحياة    تكلفة علاج السرطان بالإشعاع في المملكة تصل ل 600 مليون ريال سنويًا    طلاب مدارس مكتب التعليم ببيش يؤدون صلاة الاستسقاء في خشوع وسط معلميهم    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية التوحد بالمنطقة    برنامج مفتوح لضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة "بتلفريك الهدا"    بناءً على توجيه ولي العهد .. عبدالعزيز بن سعود يلتقي رئيس الجزائر    الرياض تستضيف غدًا نهائيات دوري المقاتلين المحترفين للمرة الأولى في المملكة    أمير تبوك يوجه بتوزيع معونة الشتاء في القرى والهجر والمحافظات    الأمير عبدالعزيز الفيصل يتحدث عن نمو السياحة الرياضية    محافظ الطوال يؤدي صلاة الاستسقاء بجامع الوزارة بالمحافظة    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بذكرى استقلال بلاده    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    القيادة تهنئ رئيس جمهورية ألبانيا بذكرى استقلال بلاده    اليونسكو: 62% من صناع المحتوى الرقمي لا يقومون بالتحقق الدقيق والمنهجي من المعلومات قبل مشاركتها    انخفاض أسعار النفط وسط زيادة مفاجئة في المخزونات الأميركية وترقب لاجتماع أوبك+    الدكتور عبدالله الوصالي يكشف سر فوزه ب قرص الدواء    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    1500 طائرة تزيّن سماء الرياض بلوحات مضيئة    «الدرعية لفنون المستقبل» أول مركز للوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا    «مساندة الطفل» ل «عكاظ»: الإناث الأعلى في «التنمر اللفظي» ب 26 %    الداود يبدأ مع الأخضر من «خليجي 26»    وزير الصحة الصومالي: جلسات مؤتمر التوائم مبهرة    شخصنة المواقف    الكشافة يؤكدون على أهمية الطريقة الكشفية في نجاح البرنامج الكشفي    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    تميز المشاركات الوطنية بمؤتمر الابتكار في استدامة المياه    الشائعات ضد المملكة    بحث مستجدات التنفس الصناعي للكبار    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    إشادة أوروبية بالتطور الكبير للمملكة ورؤيتها 2030    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ايران بين خاتمي ومناوئيه : . مسرح منهك بالصراعات ينتظر فصله الحاسم
نشر في الحياة يوم 17 - 10 - 1999

في اشارة اكيدة الى عزم التيار الاصلاحي على عدم مغادرة ساحة الصحافة والثقافة الايرانية، عاد مؤيدو الرئيس خاتمي، الخميس قبل الماضي، الى اصدار العدد الاول من صحيفة اصلاحية جديدة تحمل اسم "عصر آزدكان" عصر الحرية. وكانت محاكم دينية خاصة مؤيدة لتوجهات التيار الديني المتشدد قررت، على فترات مختلفة، اغلاق القسم الاكبر من الصحف المؤيدة للاصلاح بما فيها صحف "جامعة" و"طوس" و"نشاط" و"زن" و"سلام"، اضافة الى تقديم عدد من محرري هذه الصحف وناشريها الى المحاكم بتهمة الاساءة الى الدين.
وما اعطى نكهة مميزة لتجربة "عصر آزدكان" التي اخذت تواجه انتقادات شديدة من اليمينيين، ان اهم شخصيتين صحافيتين معروفتين بتأييدهما الحار لتيار خاتمي: ناشر الصحيفة حميد رضا جلالي بور ورئيس تحريرها ما شاء الله شمس الواعظين، يتوليان ادارتها وتحريرها. واللافت في هذا الخصوص ان عصر آزدكان شددت في افتتاحية عددها الاول على انها تظل منبراً للانفتاح والاصلاح وبثّ الثقافة المدنية في ايران.
ويذكر ان جلالي بور هو ناشر صحيفتي "جامعة" و"طوس"، اما شمس الواعظين الذي يتحدث بلغة عربية جيدة وقد قضى شطراً من حياته في بيروت، فسبق ان عمل رئيساً لتحرير "نشاط" الى حين اغلاقها قبل اشهر قليلة.
تيار الاصلاح المؤيد للرئيس خاتمي يحرص في شكل خاص على ادامة زخمه في ميدان الصحافة والنشاطات الثقافية. فأهمية هذا الميدان، بالنسبة اليه، لا تقتصر على ان وسائله الاعلامية تمثل قنوات تعبيرية وثقافية واسعة، بل ان الصحف والمطبوعات تعتبر الرابط الاساسي لإدامة صلة الاصلاحيين بقطاع الشبان في بلد لا تقل نسبة من هم دون سن الثلاثين، عن ثلثي مجموع السكان.
في هذا السياق، يمكن القول ان التيار الاصلاحي يرى صعوبة حسم الاوضاع الراهنة في اتجاه تطبيق وعود خاتمي وبرامجه الاصلاحية، في ظل موازين القوى السائدة حالياً في البرلمان ومؤسسات نافذة اخرى كالقضاء. كذلك تمكن الاشارة الى ان هذا التيار يتطلع بشغف الى الانتخابات النيابية في شباط فبراير المقبل، انطلاقاً من قناعته بان الاحتفاظ بحضوره الحالي يساعده على احراز فوز ساحق في تلك الانتخابات، ما يهيء له فرصة واسعة للدخول في مرحلة تطبيق الوعود الختامية.
لكن في مقابل ذلك كله، هناك ادراك التيار اليميني المتشدد بأبعاد "الخطر" الناجم عن اصرار الاصلاحيين على الاحتفاظ بمواقعهم في الوسط الثقافي والصحافي. فاليمينيون الذين يتخوفون من الهزيمة في الانتخابات البرلمانية، موقنون ان التيار اليساري الاصلاحي يعمل من اجل هدفين تكتيكيين محددين: الاول، التحضير للانتخابات البرلمانية وكسب اكثر ما يمكن من الاصوات بعد التجربتين الناجحتين في الانتخابات الرئاسية 1997 والبلدية 1998. والثاني، استخدام الفوز البرلماني المتوقع لتقليص نفوذ اليمينيين وتطبيق برامج خاتمي في اطار من القانون والشرعية يوفره البرلمان.
من هنا، يمكن فهم التزمّت اليميني وراء وضع العراقيل امام نشاط الخاتميين في اوساط الصحافة. ولا ادل عليها من قرار محكمة دينية الحكم على ناشر "نشاط"، حميد صفري، بالسجن ثلاثين شهراً ومنعه من ممارسة النشاط الصحافي لخمس سنوات، والدعوة الى انزال عقوبة الموت بكتّاب مسرحية اعتبرها الدينيون مسيئة للدين. كذلك طلبت محكمة دينية خاصة من الوزير السابق للداخلية، والاصلاحي المقرّب من خاتمي، عبدالله نوري ان يمثل امامها بتهمة نشر افكار تدعو الى الانقسامات داخل المجتمع. وهذا اضافة الى ارتفاع حدة الدعوات اليمينية المطالبة باغلاق صحيفة "خرداد" الاصلاحية التي يشر ف عليها نوري، فضلاً عن مثول الصحافية الايرانية زيلة اوسكوي، رئيسة تحرير اسبوعية "بينجشمبها" امام محكمة دينية اخرى.
وبأخذ ذلك كله في الاعتبار، قد يصح وصف حالات الشد والجذب بأنها انعكاس طبيعي لصراع بين تيارين سياسيين، صراعٍ يصعب ان يخرج عن نطاق السيطرة. لكن الصحيح ايضاً ان حالة الصراعات الراهنة وتعقيداتها وتفاصيلها، خصوصاً على الساحة الصحافية، لا تدل الا الى ان التيارين يعدّان المسرح لصراع اشرس في بحر الاشهر الاربعة المقبلة. بل لا يمكن استبعاد احتمالات انفجار قد يتلطخ بالدم. ويمكن التذكير، في هذا الصدد، بأن الشرطة الايرانية اعلنت في الفترة الاخيرة انها اعتقلت ستة مشتبه بهم جدد في تنفيذ عمليات اغتيال استهدفت مثقفين وكتّابا ومعارضين في العام الماضي.
كما يمكن التذكير بان البرلمان الايراني الذي يهيمن علىه اليمينيون، يناقش حالياً قانوناً لحظر حرية الصحافة، وهو، في حال اقراره، ما قد يفضي الى حجب الثقة عن وزير الثقافة الاصلاحي عطاالله مهاجراني.
ضمن هذه التعقيدات، يُرجّح ان لا يسمح اي من التيارين بخسارته في جولة الشدّ والجذب الحالية ما دامت هناك امور استراتيجية ومصيرية، في حسابات موازين القوى الداخلية، ترتبط بالجولة المذكورة واحتمالاتها. وعلى رغم ان مرشد الثورة آية الله خامنئي حاول في الفترة الاخيرة تهدئة الخواطر بطلبه من اليمينيين احترام مكانة خاتمي وعدم التضييق عليه، الا انه من شبه المؤكد ان لا يصغي التيار اليميني الى نصيحة خامنئي، في ظل مخاوفه من خسارة اكيدة في الانتخابات البرلمانية المقبلة في حال عدم تحوطه لذلك من الآن.
وهكذا يصح القول ان ايران تشهد صراعاً حاداً في مختلف الميادين وفي مقدمها الصحافة. لكن الأصح ان الصراع الأشد، بل الأخطر، لا يزال ينتظر موعده مع الانفجار في مستقبل منظور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.