وجه الرئيس الإيراني سيد محمد خاتمي انتقادات لخصومه وبعض من يعلنون تأييده، محذراً الذين "يريدون ان يشيعوا أجواء من الرعب في المجتمع". ودعا إلى تفادي التوترات، لكنه لم يخفِ انزعاجه من الأطراف الدينية والسياسية وغير المدنية التي تحتكر "رؤى محددة" عن الإسلام والثورة وتنظر ب "سلبية" إلى الحرية والديموقراطية. وأبدى خاتمي قلقاً ممن يستغلون اسمه ونتائج فوزه بالانتخابات، ويحاولون "الاستفادة بالسوء" من المستجدات في إيران. لكن أنصاره في الحركة الطالبية حضوه على الابتعاد عن "الديبلوماسية السرية" في حل المشكلات ومعالجة التحديات السياسية وعلى اعتماد نهج "المكاشفة واعلان آرائه بوضوح للرأي العام". ولم يتردد رموز القيادة الطالبية التي تؤيد خاتمي في انتقاد تعاونه مع أنصار الرئيس السابق رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، الذي "تسببت سياساتهم الاقتصادية في أزمة اقتصادية واجتماعية". وحذروا الرئيس الإيراني من أن تعّمق الفروق بين الأغنياء والفقراء "يتناقض" مع شعاراته. وجاء هذا "الحوار" بين خاتمي والطلاب الراديكاليين الذين يتمتعون بنفوذ واسع في جامعات إيران في وقت أعلن موعد انتخابات "مجلس الخبراء" الذي حدد في تشرين الأول اكتوبر. وتكتسب هذه الانتخابات أهمية بالغة لأن اعضاء مجلس الخبراء 80 هم الذين ينتخبون مرشد الجمهورية الإسلامية، ويتمتعون بصلاحية عزله. وواضح ان الجناحين الرئيسيين للنظام، اليمين المحافظ المتنفذ داخل المؤسسة الدينية التقليدية، وما بات يُعرف بتيار "الاصلاح والتغيير" الذي يُعد خاتمي رمزه، سيستغلان كل ما لديهما من "أسلحة" لتأمين حضور قوي داخل "مجلس الخبراء". وبدأ همس حول ضرورة إبعاد "مجلس صيانة الدستور" عن هذا الملف "الحساس"، وشدد عدد من رجال الدين البارزين على أن هذا المجلس الدستوري يجب ألا يكون المؤسسة التي تبت أهلية المشاركة في انتخابات مجلس الخبراء أو تحجبها. وقال آية الله صانعي، أحد رجال الدين البارزين في الحوزة العلمية الذي يعد مؤيداً بقوة لخاتمي، إن كبار المراجع الدينية هم المؤهلون لتحديد من هو "المجتهد" دينياً، علماً أن هذه الصفة هي التي تؤهل رجال الدين خوض المنافسة الانتخابية لمجلس الخبراء. ورأى صانعي ان حصر هذا الأمر في مجلس صيانة الدستور أو أي جهة حكومية، يعد "تطاولاً على الحوزة العلمية". يذكر ان مجلس صيانة الدستور يضم 12 عضواً، بينهم ستة فقهاء يعينهم المرشد وستة من رجال القانون يعينهم البرلمان بناء على اقتراح السلطة القضائية. ويعتقد ان المجلس خاضع لهيمنة المحافظين، وكان تعرض لانتقادات لاذعة فحواها أنه بات "مقصلة لإقصاء منافسي المحافظين قبل أي انتخابات"، بما أنه يتمتع بصلاحية الاشراف على الانتخابات. وعلت أخيراً أصوات طالبت بتعديل هذا القانون الذي أقره البرلمان السابق الذي كان خاضعاً لهيمنة مطلقة من جانب المحافظين. ويخشى أنصار خاتمي في الحوزة والتيارات السياسية والثقافية أن تتكرر تجربة الانتخابات الأخيرة لمجلس الخبراء قبل 8 سنوات، حين أقصى مجلس صيانة الدستور غالبية رجال الدين غير المحافظين، وكان بينهم خاتمي الذي مُنع من خوض المنافسة على رغم أنه كان وزيراً للثقافة والارشاد الإسلامي عام 1990. وثمة اجماع على أن الانتخابات المقبلة لمجلس الخبراء ستكون ساخنة جداً، وقد تشكل اختبار قوة بين الجناحين الرئيسيين للحكم. ولكن يبدو ان ما يعني خاتمي في هذه المرحلة هو استقرار النظام وهدوء الاوضاع كي يتسنى له تطبيق مشروعه الاصلاحي بخطوات "متزنة". لذلك انتقد خصومه الذين "يريدون أن يشيعوا أجواء من الرعب في المجتمع. ولا يدركون ان طرقهم تثير شرخاً بين المجتمع والدين"، في إشارة، كما يبدو، إلى المواقف التي أعلنها قائد "الحرس الثوري" وبعض رموز المؤسسة الدينية والسياسية لليمين المحافظ. وشدد الرئيس الإيراني على أنه "قلق من بعض الآراء السلبية عن الحرية والديموقراطية" ومن "بعض الطرق التي تستخدم للدفاع عن الإسلام والثورة". وحذر بعض من يعلنون تأييده له من مغبة "سوء الاستفادة" من فوزه بالانتخابات، وانعكاسات ذلك على الحكم والمجتمع. وفُهم أنه يقصد مجموعات ليبرالية ترفع شعار التنوير الديني، تعبّر عن توجهاتها في صحف ترفع شعار الدفاع عن المجتمع المدني، ويُعتقد ان أنصار خاتمي يتهمونها ب "المراهقة السياسية" والرغبة في "تأزيم الأجواء" بحجة استعجال تطبيق الاصلاحات. وفي لقاء مع خاتمي عقد أول من أمس دعته القيادة الطالبية الراديكالية إلى "المكاشفة ومصارحة الرأي العام"، وأشارت إلى الأزمة الاقتصادية الناتجة عن "سياسات الاصلاح الاقتصادي" لحكومة رفسنجاني. على صعيد آخر مثل رئيس وكالة الانباء الايرانية المدير المسؤول لصحف عدة تصدرها مؤسسة "ايران" التابعة للوكالة فريدون وردي نجاد أمام محكمة المطبوعات امس بعد سلسلة شكاوى ضده، وما نشرته هذه الصحف. وقدم الشكاوى رسميون وافراد اتضح انهم ينتمون الى اليمين المحافظ او قريبون اليه، ويعد وردي نجاد احد الوجوه الصاعدة القريبة الى الحكومة والتيار "الاصلاحي". وتتعرض وكالة الانباء الايرانية منذ نحو سنتين الى انتقادات لاذعة وحملات سياسية من جماعات توصف بأنها متشددة ومحافظة بينها "انصار حزب الله". وتزامن مثول وردي نجاد امام محكمة المطبوعات مع افتتاح المهرجان السنوي للصحافة، وعقد وزير الثقافة عطاءالله مهاجراني مؤتمراً صحافياً شدد خلاله على ان حكومة خاتمي "حريصة على حرية الصحافة وتعزيز مناخ الحريات الاعلامية بما لا يتعارض مع القوانين"