اكد العاهل الاردني الملك حسين امس انه يفكر جدياً باعادة النظر في الترتيبات الحالية لخلافته على عرش المملكة، ملمحاً الى انه قد يقرر استبدال شقيقه الأصغر وولي عهده الحالي الأمير الحسن كجزء من "المراجعة الشاملة" التي وعد بهاالاردنيين قبل ايام. وقال العاهل الاردني في مقابلة بثت امس شبكة التلفزيون الاميركية "سي.ان.ان" مقتطعاً منها انه لم تكن هناك بدائل متوافرة في العام 1965 عندما اختار الامير الحسن ولياً للعهد، وان ذلك القرار "لم يكن يعني نهاية المطاف". واشار الى ان مسألة خلافته على العرش ستؤحسم "في الوقت المناسب". راجع ص 4 واضاف في المقابلة التي سيبث نصهاالكامل يوم الاحد المقبل انه اضطر في حينه الى تعديل الدستور، الذي كاني حصر الخلافة على العرش بأبناء الملك، ليتمكن من تعيين شقيقه ولياً للعهد. وعندما ألحت عليه مندوبة الشبكة الاميركية للافصاح عن خططه المتعلقة بولاية العهد، اجاب: "لست مستعداً لقول أي شيء، لذلك ارجو ان لا تلزميني بأي شيء مهما كان لأنني لم أصل بعد الى قرار". واضاف قائلاً: "لدي كثير من الافكار وكان لزاماً علي دائماً اتخاذ القرار النهائي… وهذه مسؤوليتي وسأصل الى القرارفي الوقت المناسب". ووجه الملك حسين انتقادات غير مباشرة لأداء الامير الحسن خلال فترة غيابه الاخيرة، قائلاً: "اعتقد ان علىولي العهد ان يعمل في الخلفية"، مشيراً الى انه هو الذي "اعطاه اكثر مما لديه في العادة من مسؤوليات لانه كان عليه ان يكون الاحتياط، المجهول، واذا انخرط اكثرمن اللازم ربما يتعرض احياناً للانتقادات نفسها التي اتعرض لها او ربما اكثر منها". ولوحظ ان الملك حسين توقف في تصريحاته الاخيرة عن الاشارة الى الامير الحسن بوصفه ولياً للعهد، مستخدماً تعبير "اخي ونائبي" بدلاً من ذلك، علماً بأن موقع نائب الملك في الدستور موقع يمكن ان يتولاه شخص غير ولي العهد من افراد العائلة. وسبق ان تسلّم عدد من الامراء موقع نائب الملك في غياب الملك والأمير الحسن. كماسجل المراقبون ان الأمير الحسن لم يقد سيارة الملك حسين في جولته اول من امس بعد عودته من رحلة الاستشفاء خلافاً لما فعل عام 1992 لدى عودة الملك من رحلة علاجه الاولى، فيما رافقته هذه المرة عقيلته الملكة نور. وقالت مراجع سياسية في عمان ان العاهل الاردني يفكر في تعيين احد ابنائه الخمسة ولياً للعهد بدلاً من الأمير الحسن في ضوء القلق الشعبي الذي ساد الاردن خلال فترة غياب الملك للعلاج من سرطان الغدد اللمفاوية في الولاياتالمتحدة الذي استغرق ستة اشهر. وكان الملك حسين، الذي عاد الى بلاده وسط احتفالات شعبية غامرة اول من امس، اكد في تصريحات سابقة انه ينوي اجراء مراجعة شاملة للاوضاع الداخلية بهدف طمأنة الاردنيين الى مستقبلهم القريب والبعيد والحفاظ على استقرار الاوضاع في المملكة. وقالت المراجع السياسية ان فترة الاشهر الستة التي امضاها في العلاج في الخارج اتاحت له الاختلاء بنفسه والتفكير بعمق في مستقبل الاردن. وذكرت مصادر سياسية ان العاهل الاردني ابلغ احد زواره في واشنطن قبل شهرين انه غير راضٍ عن اسلوب ادارة شؤون الدولة في غيابه وانه ينوي اجراء تغييرات واسعة النطاق في اطار مراجعة شاملة للاوضاع. وكان الملك حسين اصدر اشارات في غضون العامين الماضيين، بما في ذلك اجراؤه مقابلة تلفزيونية في لندن في تموز يوليو 1997، تفادى فيهاحسم مسألة الخلافة لمصلحة الأمير الحسن. كما بعث برسالة الى الأمير حمزة، ولده البكر من الملكة نور، لمناسبة بلوغه الثامنة عشرة مذكراً اياه بأنه كان تولى الملك في مثل سنه. كما بعث الملك حسين برسالة ملكية ثانية في اليوم نفسه الى المشير الركن عبدالحافظ مرعي الكعابنة، رئيس هيئة الاركان المشتركة، ضمنها رغبته في تسمية اللواء المدرع الملكي - 40 ب "لواء الحسين القائد الاعلى المدرع الملكي - 40" وتسميته كتيبة الدبابات الرابعة الملكية من هذا اللواء باسم "كتيبة الأمير علي بن الحسين". واعرب الملك حسين في تصريحات له عقب وصوله الى مطار عمان اول من امس عن اعتزازه بالاسرة الهاشمية قائلاً: "الحقيقة ان اسرتي الهاشمية الصغيرة كلها كانت معي والى جانبي وبشكل خاص جلالة الملكة نور التي عانت الكثير معي وعانت كما عانيت من المفاجآت غير السارة للمرض… وقام شقيقي العزيز سمو الأمير محمد وشقيقتي سمو الأميرة بسمةب التبرع بالدم… وابنائي… وحمزة خصوصاً وهو غير موجود بيننا اليوم لأنه في الكلية العسكرية في ساندهيرست… ما تركوني لحظة خلال هذه الفترة كلها". وقال ان المرحلة المقبلة "بحاجة الى درس وتأن لاتخاذ القرار المناسب شعوراً بالمسؤولية تجاه الحاضر والمستقبل وتجاه الناس". لكنه دعا الى وقف التكهنات في هذا الشأن الى ان يتم اتخاذ القرار من جانبه. وذكرت المراجع السياسية لپ"الحياة" ان تصريحات الملك حسين لشبكة التلفزيون الاميركية هي "اقوى الاشارات حتى الآن الى انه قرر حسم مسألة الولاية على العرش التي ظلت معلقة حتى الآن، وان لديه افكاراً واضحة وربما نهائية لتغيير الوضع القائم واعادة ترتيب البيت الاردني". وأكدت المراجع السياسية ان "كل الاحتمالات واردة" في ما يتعلق باختيار احد ابناء الملك لخلافته"، مشيرة الى ان ابناء الملك "يتمتعون جميعاً بكفاءات وقدرات مميزة ولا ينقصهم شيء". وكان الملك حسين لمح في مقابلة بثها تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية في العاشر من تموز يوليو 1997 الى ان مسألة خلافته على العرش "ليست محسومة" وانها "ستعتمد في المستقبل على معايير الكفاءة والقدرة". ورداً على سؤال عما اذا كان يحضر احد ابنائه لخلافته، قال: "آمل بأن تتوافر الفرصة لكل افراد عائلتي ليكونوا جزءاً من الاردن وجزءاً من تقدمه ومستقبله، ليس كحق مطلق، انما من خلال كفاءاتهم وقدراتهم". وتكهنت وكالة "فرانس برس" بأن الملك حسين يفكر في ابقاء ولي العهد من الان فصاعداً في منصب احتياط للمملكة، وان لا ينخرط في شؤون الادارة اليومية للبلاد، ونسبت الى مصدر قوله انه "سيتم تعيين نائب للملك او هيئة نيابة في غيابه لتحمل مسؤوليات البلاد" وذلك بالمقارنة مع العرش البريطاني حيث لا يشغل ولي العهد مهمات الملكة اثناء غيابها. وتحدث المصدر عن خيارات اخرى من بينها اناطة الانابة ب "مجلس العائلة" الهاشمية من دون ان يحصرها بأحد اعضائها. وابرزت الوكالة تكليف العاهل الاردني نجله البكر الامير عبدالله باستقبال اولياء عهد من دول خليجية، بدلا من شقيقه ولي العهد الامير الحسن بن طلال، واعتبرته اشارة الى انه سيعين قريباً ولياً للعهد.