يتوقع ان يحظى العاهل الأردني الملك حسين باستقبال شعبي كبير لدى عودته الشهر المقبل الى بلاده من رحلة علاجه القسرية في الولاياتالمتحدة، وسط تفاؤل متزايد بأنه سيعود بقوة لتسلم زمام السلطة بالكامل بعد غياب دام اكثر من اربعة اشهر، وهي اطول فترة غياب له منذ اعتلائه العرش قبل 45 سنة. وتوقعت مصادر رسمية ان تبدد عودة الملك مخاوف واسعة في الاردن رافقت تكهنات باحتمال عدم شفائه من مرض سرطان الغدد الليمفوية وعدم عودته الى بلاده. واظهرت آخر فحوص مخبرية اجراها الملك حسين بعد الجرعة الرابعة من العلاج الكيماوي الذي خضع له في عيادة مايو كلينيك عدم وجود خلايا سرطانية وعدم حاجته لزرع نخاع شوكي له. وخضع الملك اخيراً لجرعة خامسة من العلاج الكيماوي، ويتوقع ان يخضع لجرعة احترازية سادسة وأخيرة في 22 الشهر الجاري، قبل عودته في 7 او 8 كانون الاول ديسمبر المقبل. ولم تستبعد مصادر ان يتخذ العاهل الاردني لدى عودته قرارات سياسية مهمة. وقالت مصادر قريبة الى الملك انه استجاب العلاج في شكل فاق التوقعات وبدد مخاوف من انتكاسة محتملة. وكانت تقارير صحافية اسرائيلية وغربية اثارت شكوكاً في فرص شفاء الملك من مرضه والعودة الى الحكم في بلاده. واطلق مرض العاهل الاردني سلسلة تقارير صحافية عن مسألة الخلافة وتوقعات متشائمة بمستقبل المملكة. وساهمت مشاركة الملك حسين في المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية وحضوره حفلة توقيع اتفاق "واي ريفر" قرب واشنطن، في اعادة الثقة باستجابته الطيبة للعلاج، مما رفع المعنويات على الصعيد الشعبي بعد احباط رافق التكهنات الصحافية وغير الصحافية على رغم التطمينات الرسمية. وتمكن الملك حسين، الذي بدا قوياً على رغم سقوط شعره ونحوله بسبب العلاج الكيماوي، من طمأنة شعبه الى انه في صحة جيدة، مشيراً خلال حفلة توقيع الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي الى خطأ الذين تكهنوا بقرب غيابه عن رأس السلطة في المملكة. وأدى الاعلان في تموز يوليو الماضي عن اصابة الملك بسرطان الغدد الليمفوية الى خروج نحو مئتي مليون دولار من الاردن في غضون بضعة ايام، اثر مخاوف على مستقبل البلاد. وبعد شهر من خضوع العاهل الأردني للعلاج في عيادة مايو كلينيك أشرف نائب الملك ولي العهد الأمير الحسن على تشكيل حكومة جديدة برئاسة الدكتور فايز الطراونة خلفاً لحكومة الدكتور عبدالسلام المجالي التي واجهت ازمات متتابعة ابرزها ازمة تلوث مياه الشرب، والمعارضة الشديدة لقانون المطبوعات والنشر. وكلف الملك الحكومة الجديدة فتح حوار مع الاحزاب والقوى السياسية واحداث اصلاحات اقتصادية لمعالجة مشكلتي الفقر والبطالة، واعتماد الصراحة والشفافية في التعامل مع المشاكل التي تتصدى لها. وسبق تشكيل الحكومة مرسوم ملكي بمنح نائب الملك ولي العهد الأمير الحسن صلاحيات العرش الدستورية لإدارة شؤون الدولة خلال فترة خضوع الملك للعلاج في الخارج. ومن المقرر، وفق استحقاق دستوري، ان يعقد مجلس النواب الاردني جلسة خاصة في السابع عشر من الشهر الجاري للبحث في وضع الدولة بعد مرور اربعة اشهر على غياب الملك. ويتوقع ان يتلى في الجلسة تقرير عن استجابة الملك العلاج وقرب عودته، وسيحتفل الاردنيون في الرابع عشر من الشهر الجاري بعيد ميلاده الثالث والستين. وتوقعت مصادر ان يحظى العاهل الاردني باستقبال شعبي حاشد لدى عودته في السابع او الثامن من الشهر المقبل، نظراً الى غيابه الطويل والمخاوف التي رافقت فترة علاجه وابقت الاردنيين في حال قلق وترقب. ولم تستبعد المصادر ان يتخذ الملك حسين لدى عودته عدداً من القرارات السياسية المهمة المتعلقة بالدولة. وشهد الاردن في غياب الملك تصعيداً في العلاقات بين عمان ودمشق على خلفية اتهامات سورية للأردن بالتحالف مع تركيا ضدها، وتصريحات صدرت على لسان وزير الدفاع السوري العماد اول مصطفى طلاس هاجم فيها الاردن. وسعت الحكومة الاردنية الى تهدئة عدد من الملفات الساخنة المتعلقة بالوضع الاقتصادي والحريات العامة، تفادياً لصدامات مع المعارضة في غياب الملك، كما تبنت المعارضة سياسة تهدئة العلاقة مع الحكومة للسبب ذاته، مظهرة احتراماً لافتاً للظروف الصحية للملك.