أعلن مجلس الوزراء الكويتي أمس عن تصور الكويت النهائي لحل مشكلة المقيمين غير محددي الجنسية البدون وقرر اعتماد الاحصاء السكاني للعام 1965 أساساً لمنحهم الجنسية الكويتية أو حجبها عنهم. وقال مراقبون ان هذا التوجه سيحرم أكثر من 90 في المئة من أفراد هذه الفئة الذين يبلغ عددهم 122 ألفاً حسب الاحصاء الرسمي من فرصة الحصول على الجنسية، وأن تعقيدات أمنية وإدارية ستترتب عليه خصوصاً أن أكثر من عشرة آلاف من "البدون" لا يزالون يخدمون كعسكريين في الجيش الكويتي وفي وزارة الداخلية. وقال وزير الداخلية الشيخ محمد خالد الصباح في بيان صحافي ان مجلس الوزراء استكمل في جلسته الاسبوعية أمس مناقشة تقرير اللجنة التنفيذية التي كلفت البحث في مشكلة "البدون" وأنه قدّم شرحاً لتصورات اللجنة في شأن حل هذه المشكلة. وأكد أن "المعيار الأمني هو الركن الأساسي والأول في مواجهة هذه المشكلة والتعامل معها"، وأن "منح الجنسية الكويتية سيكون وفقاً للقواعد التي حددها قانون الجنسية ولن يكون استجابة لضغوط الأمر الواقع". وأوضح ان مجلس الوزراء اعتمد فرز حالات البدون الى شريحتين: الأولى تتضمن الحالات التي يثبت أصحابها أنهم مسجلون في الاحصاء السكاني للعام 1965 أو قبله، وهذه سوف تستكمل اللجنة درس أوضاعها من واقع المستندات والوثائق والشهادات لتحديد وضعها القانوني "من دون أن يترتب على هذا الاثبات أي التزام من الدولة تجاه هذه الحالات ولكنه يمثل أساساً يتيح لهذه الحالات درس أوضاعها تمهيداً لاتخاذ الاجراء المناسب في شأن كل منها". أما الشريحة الثانية فتمثل الحالات التي لم يستطع اصحابها اثبات أنهم مسجلون في احصاء العام 1965 أو قبله "وهي حالات ملزمة بتعديل أوضاعها القانونية والاستفادة من التسهيلات الكبيرة التي تقدمها الدولة في صورة موقتة الأمر الذي يستوجب مبادرتهم بتعديل أوضاعهم بما يسمح لهم ولأسرهم بالاقامة والعمل في البلاد بصورة قانونية سليمة ويجنبهم التعرض للعقوبات والجزاءات التي تنص عليها القوانين المعنية بعد انقضاء المهلة المحددة". وأضاف الوزير ان مجلس الوزراء "شدد على تفعيل الجزاءات القانونية المتعلقة بمظاهر تجاوز القوانين مثل قانون الجنسية وقانون اقامة الأجانب والقوانين الأخرى ذات الصلة". وأوضح ان السلطات "ستتبع عدداً من الاجراءات منها: اعتماد فحص الجينات الوراثية كأساس لا تنازل عنه" لتقدير استحقاق الجنسية بإدعاء التبعية للأب أو الأم أو غيرهما من الأقارب، وتكثيف التدقيق والتثبت من صحة البيانات والمستندات والوثائق ضمن طلبات الحصول على الجنسية، وأن مجلس الوزراء طلب من الجهات المعنية كافة تفعيل العقوبات على جريمة الادلاء ببيانات غير صحيحة أو إخفائها أو المساعدة في تضليل السلطات. وأشار الى أن المجلس "قرر مراعاة للبعد الانساني تمديد فترة تقديم التسهيلات للراغبين الجادين في تعديل أوضاعهم القانونية بما يساعدهم على توفير الطمأنينة والاستقرار لهم ولأسرهم". واعتمد مجلس الوزراء منح الجنسية الكويتية لشريحة محددة هي الأفراد الذين حصل آباؤهم على الجنسية عندما كانوا راشدين 18 عاماً ولم يلحقوا بآبائهم في الحصول عليها، ويقدر عدد هؤلاء ب 700 شخص تقريباً سيحصل أبناؤهم على الجنسية تبعاً لذلك ما يجعل حجم هذه الشريحة بضعة آلاف. وكان تساهل السلطات الأمنية الكويتية منذ الستينات والرفاهية الاقتصادية التي جلبتها الثروة النفطية للكويت عاملاً في جذب عشرات الآلاف من دول مجاورة للكويت ومطالبتهم بعد ذلك بالجنسية طمعاً في المزايا التي يحصل عليها المواطن. وتشير احصاءات رسمية الى أن عدد "البدون" عشية الغزو العراقي في العام 1990 زاد عن ربع مليون شخص لكن الاحتلال العراقي دفع أكثر من مئة ألف من "البدون" الى العودة الى العراق واستعادة وثائقهم الأصلية. ولم تسمح الكويت لهؤلاء بالعودة اليها. وقررت الحكومة بعد تحرير الكويت حل هذه المشكلة وساد توجه نحو التساهل مع شرائح معينة من "البدون" خصوصاً من لهم أقارب من الدرجة الأولى بين الكويتيين أو زوجات المواطنين الكويتيين أو أبناء الكويتيات من أزواج من "البدون". ووزعت "بطاقات أمنية" ل "البدون" بصفة موقتة لكن السلطات أوقفت الخدمات العامة التي تقدم لغيرهم مجاناً مثل التعليم والصحة باستثناء العاملين منهم في السلك العسكري. ويرى متابعون لهذه القضية ان الشرائح التي يمكن أن تحصل على الجنسية تمثل أقلية صغيرة بين "البدون" وأن مشكلة أكثر من مئة ألف منهم ستستمر خصوصاً مع التوجه الحالي نحو خفض الاعتماد على "البدون" في السلك العسكري بعدما كانوا يمثلون الغالبية الساحقة بين فئة الجنود والعسكريين من غير الضباط.