عاد مسلل التفجيرات ضد المصالح الاميركية ليستهدف امس سفارتي الولاياتالمتحدة في كل من العاصمتين الكينية نيروبي والتانزانية دار السلام، حيث قتل من جراء الانفجارين نحو 66 شخصاً بينهم ثمانية اميركيين واصيب اكثر من الف آخرين بجروح. وتوعد الرئيس بيل كلينتون ب "جلب المسؤولين" عن الانفجارين "الى العدالة مهما تطلب ذلك". تفاصيل صفحة 6 وادعت منظمة إسلامية مجهولة تطلق على نفسها اسم "جيش تحرير المقدسات الاسلامية" مسؤوليتها عن الانفجارين. وقال ناطق بلسان المنظمة، في اتصال هاتفي اجراه مساء امس مع مراسل "الحياة" في القاهرة، ان العمليتين نفذتا بواسطة عناصر تابعة للمنظمة في توقيت متزامن، ورفض الخوض في طبيعة المنظمة او جنسيات اعضائها او المكان التي تتخذه مركزاً لها. لكنه اشار الى ان تفاصيل العمليتين وملابساتهما ستعلن لاحقاً. ولوحظ ان الناطق كان يتحدث من خارج مصر عبر خط هاتفي دولي باللغة العربية ولكن بلهجة غير مصرية. وقال الرئيس الكيني دانييل آراب موي، اثناء تفقده مكان الانفجار، ان "كينيا بلد آمن، وان تصدير الاعمال الارهابية الى بلدنا شيء غير مقبول، والكينيون يدركون الآن ما يعنيه الارهاب". وصدم سكان العاصمتين نيروبي ودار السلام إثر الانفجارين اللذين وقعا في وقت متزامن عند الساعة 45،10 صباحاً بالتوقيت المحلي، وفي كينيا سمع دوي الانفجار على بعد اميال من المكان. وتناثر زجاج نوافذ المباني ضمن دائرة شعاعها نحو 700 متر في نيروبي و500 متر في دار السلام. وفي واشنطن وصف الرئيس كلينتون التفجيرين "الارهابيين بانهما عمل "مثير للاشمئزاز وهمجي". ولفت الى مقتل "بضعة" اميركيين في عملية التفجير في نيروبي. وقال في لقاء مع المراسلين في حديقة البيت الابيض ان "اعمال العنف الارهابية هذه مثيرة للاشمئزاز، انها همجية". واضاف: "سنستخدم كل الوسائل تحت تصرفنا لجلب اولئك المسؤولين امام العدالة، مهما تطلب ذلك او استغرق من الوقت". ووصف كلينتون عمليتي التفجير بأنهما كانتا منسقتين واستهدفتا سفارتي الولاياتالمتحدة، لكنه اشار الى انه لم تعلن اي جهة حتى الآن مسؤوليتها عنهما. ورداً على ذلك، طُبّقت اجراءات امنية خاصة في المنشآت العسكرية والديبلوماسية في انحاء المنطقة والعالم. وقال كلينتون: "ارسلنا الى المنطقة فرق خبراء في حالات الطوارىء تابعين لوزارتي الدفاع والخارجية. وتضم الفرق اطباء وخبراء في عمليات الانقاذ ومحققين جنائيين وخبراء في مكافحة الارهاب. واتخذنا اجراءات امنية مناسبة في سفاراتنا ومنشآتنا العسكرية في انحاء المنطقة والعالم". وجاء التفجيران في كل من نيروبي ودار السلام امس بمثابة صدمة كبيرة للمسؤولين الاميركيين. وابدى الجميع في واشنطن دهشتهم لتنفيذ مثل هذين الاعتدائين الكبيرين اللذين يتسمان بمستوي جيد من التنسيق ضد مصالح اميركية في كينيا وتنزانيا، وهما بلدان يرتبطان بعلاقات ودية قوية مع الولاياتالمتحدة. وهذا ما يدفع التقويمات الاولية لمسؤولين اميركيين الى التركيز على قوى او تنظيمات اجنبية في اماكن اخرى لم تحدد هويتها ويُحتمل ان تكن العداء للولايات المتحدة. وينطبق هذا على التعريف الاميركي لعمل ارهابي دولي. واكدت وزارة الخارجية الاميركية ان ثمانية اميركيين قتلوا في التفجير بينهم خمسة مسؤولين على الاقل في الانفجار الذي وقع خارج السفارة الاميركية في نيروبي، اضافة الى اصابة السفيرة الاميركية برودنس باشنيل بجروح. وقال مسؤولون في البيت الابيض ل "الحياة" ان مستشار الامن القومي صموئيل بيرغر ايقظ الرئىس بيل كلينتون في ساعة متقدمة صباح امس ليحيطه علماً بالاعتداء، وان كلينتون يتلقى تقارير منتظمة عن الحادث منذ ذلك الحين. وعقد كلينتون اجتماعاً مع بيرغر ومسؤولين آخرين في الامن القومي لمراجعة الخطوات التي يمكن للولايات المتحدة ان تتخذها على صعيد التثبت مما حدث وكذلك الاجراءات الامنية التي ستُتخذ في كلا البلدين، وربما في انحاء المنطقة، لحماية السفارات والمنشآت والافراد الاميركيين. يذكر ان كينيا وتانزانيا لم تدرجا ضمن لائحة البلدان التي تدعو وزارة الخارجية الاميركية الموظفين او السياح الاميركيين الى تجنبها. واكد مسؤولون اميركيون أنه لم تكن هناك اي معلومات استخبارية تشير الى ان اياً من السفارتين في كينيا أو تانزانيا معرض الى الخطر. وابدى احد المسؤولين في مجال مكافحة الارهاب في وزارة الخارجية عدم معرفته بتهديد اصدرته جماعة "الجهاد" المصرية ضد اميركيين خلال الاسبوع الماضي في شأن دور مزعوم للولايات المتحدة في تسليم مجموعة من المصريين من جمهورية الصرب الى مصر. وصدرت اوامر الى خبراء عسكريين اميركيين ومحققين من مكتب التحقيقات الفيديرالي "إف بي آي" بأن يتوجهوا الى موقعي التفجيرين لتقويم الاضرار وجمع بقايا اجهزة التفجير التي اُستخدمت في الاعتدائين، وذلك في محاولة لتحديد هوىة المنفذين. وعلى رغم العلاقات الودية بشكل عام بين الولاياتالمتحدة والبلدين فإن السفارتين في نيروبي ودار السلام كانتا محميتين بتحصينات قوية، مثل كل السفارات الاميركية في انحاء العالم تحوطاً من اعمال الارهاب السياسي. منظمة إسلامية مجهولة وسأل الناطق باسم المنظمة المجهولة عن مصير البيان الذي اصدرته "جماعة الجهاد" يوم الثلثاء الماضي وأُرسل الى مكتب "الحياة" في القاهرة وما اذا كانت الصحيفة نشرته ام لا. الامر الذي يرجح انه كان يتحدث من مكان لا تصل اليه الصحيفة بانتظام. وكان البيان المذكور الذي نشرته "الحياة" في اليوم التالي لصدوره تعهد الانتقام من الولاياتالمتحدة "رداً على تورط عناصر تابعة للاستخبارات الاميركية في القبض على ثلاثة من عناصر التنظيم بينهم القيادي البارز أحمد إبراهيم النجار المحكوم غيابياً بالإعدام من محكمة عسكرية في قضية "خان الخليلي". وجاء في البيان: "يهمنا ان نبلغ الاميركان باختصار ان رسالتهم قد وصلت ويجري إعداد الرد الذي نرجو ان يقرؤه بعناية لأننا سنكتبه بعون الله باللغة التي يفهمونها". ومنذ وقع الانفجاران توجهت الشكوك الى الجهة التي أصدرته، أي "جماعة الجهاد" ومن الواضح ان الناطق باسم المنظمة المجهولة أوحى بأن اتصاله تابع للبيان. ولكن لم تتوفر تأكيدات بأن "الجهاد" نفذ تهديده بعد أقل من يومين على اطلاقه. ويذكر ان زعيم "الجهاد" انضم في شباط فبراير الماضي الى "الجبهة الاسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين" التي تضم ايضاً كلاً من اسامة بن لادن وجماعتين من باكستان واخرى من بنغلاديش تقف وراء عمليتي الامس. ومعروف أن الظواهري ظهر علناً في افغانستان في مؤتمر صحافي عقده ابن لادن في ايار مايو الماضي وجلس الى جواره.