تحولت الانظار امس الى التحقيقات في التفجيرين الذين استهدفا السفارتين الاميركيتين في نيروبي ودار السلام، وذلك بعدما تضاءلت الآمال في وجود ناجين تحت الركام. وعلمت "الحياة" من مصادر عدة ان السلطات الكينية اعتقلت خمسة اشخاص على الاقل بينهم عربيان وثلاثة كينيين مسلمين من اصول آسيوية، فيما اعلنت الشرطة التنزانية عن اعتقال عدد من المشتبه بهم، وذكرت شبكة "سي ان ان" ان عددهم عشرة اشخاص بينهم عراقيون وصوماليون. لكن الادارة الاميركية قللت من اهمية الاعتقالات في دار السلام ووصفتها بأنها "روتينية". وعرضت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت مليوني دولار مكافأة لأي شخص يقدم معلومات تؤدي الى اعتقال المسؤولين عن عمليتي التفجير. وجددت السعودية امس إدانتها التفجيرين وعبر مجلس الوزراء السعودي خلال إجتماعه امس عن "استنكاره"، ووصفهما بأنهما "إرهابيان". وقال إنهما "استهدفا أرواح الابرياء والآمنين في كينياوتنزانيا وراح ضحيتهما المئات من القتلى والجرحى". وأكد المجلس مجدداً "نبذ المملكة العربية السعودية وادانتها للأعمال الارهابية فى صورها وأشكالها كافة وفي كل مكان في العالم". وقال ديبلوماسي افريقي في اتصال هاتفي ل "الحياة" من نيروبي، "ان مسؤولين في قوات المارينز الذين انتشروا في موقع الانفجار الجمعة الماضي وسط العاصمة الكينية اوعزوا الى السلطات الكينية باعتقال عدد من الاشخاص من ذوي الملامح العربية وغالبيتهم من الطلاب المعروفين لدي" معتبراً ان ليس لديهم أي علاقة بالحادث. وزاد انه وأهالي عدد من هؤلاء المعتقلين حاولوا التدخل لدى السلطات الكينية لاطلاقهم، لكن المعنيين بالأمر أحالوهم الى المسؤولين في السفارة الاميركية في نيروبي واكدوا لهم ان هؤلاء المسؤولين وحدهم لديهم السلطة في اطلاقهم او مواصلة اعتقالهم. وعلمت "الحياة" ان من بين المعتقلين نجل الطيار المصري الكابتن فؤاد صالح المقيم في نيروبي ويعمل في شركة الطيران الكينية. وقالت مصادر قريبة من العائلة ل "الحياة" في جدة ان الطيار المصري كان توجه الى مكان الانفجار بدافع الفضول مع صديقه السعودي الذي يمضي إجازة في كينيا فاعتقلا. وفي واشنطن، قلل مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية من شأن تقرير بثته شبكة تلفزيون "سي إن إن" مفاده ان الشرطة التنزانية اعتقلت حوالي 10 اشخاص من المحتمل ان يكون بينهم عراقيون او صوماليون، واشاروا الى ان ذلك قد يكون جزءاً من "حملة اعتقالات روتينية" وليس نتيجة لمعلومات محددة توصل اليها محققون. ودعا الرئيس بيل كلينتون الاميركيين خلال كلمة القاها امس في لويسفيل في ولاية كنتاكي الى التحلي بالبأس في التعامل مع الاعتداءين في شرق افريقيا، وحذرهم من ان اعمالاً من هذا النوع قد تتزايد فيما يدخل العالم القرن الحادي والعشرين. واعلن ناطق باسم البيت الابيض على متن الطائرة الرئاسية ان كلينتون سيقطع جولة من اربعة ايام كانت مكرسة لجمع التبرعات للحزب الديموقراطي، ليعود الى واشنطن غداً لاجراء مشاورات مع كبار مستشاريه في شأن عمليتي التفجير. ونصحت سوزان رايس مساعدة وزير الخارجية الاميركي للشؤون الافريقية المراسلين بألاّ يتوصلوا الى استنتاج بحدوث اختراق مبكر في التحقيق، بعدما كانت اكدت خلال مقابلة تلفزيونية في وقت سابق نبأ توقيف اشخاص من المشتبه في تورطهم في التفجير في دار السلام. وقالت "لا تعلّقوا على ذلك اهمية اكبر كثيراً مما يستحق". ومن المعتاد في بلدان كثيرة تفتقر الى نظام للتحقيقات، كما هي الحال في تنزانيا، ان تلجأ الشرطة الى توقيف اشخاص بالاستناد فقط الى جنسيتهم او انتماءاتهم السياسية او الدينية. في غضون ذلك، عقد مستشار الامن القومي صموئيل بيرغر امس لقاءات اخرى على مستوى عالٍ مع كبار مستشاري الرئيس كلينتون للسياسة الخارجية. وذكر مسؤولون في البيت الابيض ان بيرغر سيستمر في إحاطة كلينتون علماً بآخر التطورات عبر الهاتف. كما اعلنت وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت في اجتماع لموظفي الوزارة امس عن مكافأة تصل قيمتها الى مليوني دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي الى اعتقال منفذي الانفجارين. واضافت انها ستتوجه الى القاعدة الجوية الاميركية في رامشتاين في المانيا لمرافقة جثث الاميركيين الذين قتلوا في الانفجارين خلال عودتها الى اميركا. ولم تذكر اولبرايت في كلمتها متى ستتوجه الي المانيا، لكن البيت الابيض اعلن في وقت سابق انه سيقام حفل في الولاياتالمتحدة بعد غد لمناسبة عودة جثث الضحايا. وتعهدت اولبرايت أن الولاياتالمتحدة "لن يرهبها" الاعتداءان اللذان قتلا 190 شخصاً على الاقل بينهم 12 امريكياً. واضافت: "نعم، الارهاب قد يحول المباني الى انقاض والضحك الى دموع، ولكنه لم ولن يستطيع ابداً ان يمنع اميركا من تحقيق غرضها ووجودها في كل انحاء العالم". وقالت اولبرايت التي كانت متشحة بالسواد انها تعد هي والرئيس كلينتون طلباً للحصول على اعتمادات لتمكين وزارة الخارجية من اعادة بناء المباني التي تضررت في سفارتي دار السلام ونيروبي وتحسين الاجراءات الامنية في البعثات الديبلوماسية الاميركية في انحاء العالم. كما اوضحت ان الادارة ستتشاور أيضاً مع ممثلين عن شعبي كينياوتنزانيا "لتحديد سبل مناسبة لمؤازرتهم في هذا الوقت" الذي تكبدوا فيه خسائر. وفي الوقت الذي استمرت أعمال البحث والانقاذ في نيروبي، حيث دمّر الانفجار مبنى واحداً والحق اضراراً جسيمة بمبنيين اخرين من ضمنها السفارة الاميركية، بدأت التحقيقات الرسمية في مسرح الجريمة بمشاركة اكثر من 100 محقق اميركي من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي أي" ومكتب التحقيقات الفيديرالي "إف بي آي" ووزارتي الدفاع والخارجية. وبثت "إذاعة الجيش الاسرائيلي" أ ب في تقرير لها من نيروبي ان المحققين يشتبهون بأن منفذي التفجير استخدموا المتفجرات البلاستيكية من نوع "سيمتكس". من جهة اخرى، دعا الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الى مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب. وقال امام صحافيين في لشبونة التي يزورها حالياً، ان الوقت حان لعقد مثل هذا المؤتمر، وان مثل هذه الخطوة كانت اقتُرحت خلال المؤتمر الاسلامي الذي عقد في طهران في الاول من كانون الاول ديسمبر الماضي. وزاد: "ربما حان الوقت للمجتمع الدولي كي ينظر في هذا الاقتراح". وفي القاهرة، قال ناطق باسم السفارة الاميركية امس ان الوكالة الاميركية للتنمية الدولية نقلت موظفيها خارج مكتب الوكالة في القاهرة في اعقاب التفجيرين ومنح معظم موظفي الوكالة عطلة بضعة ايام باستثناء عدد قليل عهد اليه العمل من داخل السفارة الاميركية التي شددت حولها الحراسة.