ردت الولاياتالمتحدةوبريطانيا أمس على التصعيد العراقي بموقف مماثل، وطلبت الأولى من مجلس الأمن أن يواجه بغداد "بأسلوب قوي جداً لا لبس فيه"، بينما حذرت الثانية من أن التحدي العراقي لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد العقوبات. وأعلنت واشنطن ان لديها "دليلاً مادياً" على ان بغداد بدأت تنفذ تهديداتها بعدما منعت سلطاتها المفتشين الدوليين من القيام بزيارات مفاجئة على رغم عدم تعرضها لأعمال المراقبين العاديين تفاصيل أخرى ص4. وأعلن نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان ان "العراق لا يخشى أي مواجهة جديدة مع الولاياتالمتحدة" ونقلت عنه "اذاعة مونت كارلو" ان العراق "حر في اختيار الطريق الذي يرتأيه للدفاع عن شعبه ومواطنيه". وأضاف: "نحن في حرب مستمرة منذ ثماني سنوات وليس الموضوع مواجهة عدوان او معركة. كل ما نطلبه هو ان يلتزم مجلس الامن تطبيق قراراته بعيداً عن هيمنة الولاياتالمتحدة". وقبل بدء جلسة مجلس الأمن، مساء أمس، التي خصصت للاستماع الى رئيس لجنة الأممالمتحدة لازالة أسلحة الدمار الشامل أونسكوم ريتشارد بتلر وعرض فحوى محادثاته الفاشلة مع نائب رئيس الوزراء العراقي السيد طارق عزيز، اعتبر الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ان العراق انتهك مذكرة التفاهم التي وقعها شخصياً في بغداد في 23 شباط فبراير الماضي. وقال: "نريد التزاماً كاملاً بكل قرارات مجلس الأمن بما فيها المذكرة وما يحدث لا يتماشى مع ذلك". وأوضح أنه سيجري اتصالاً هاتفياً بطارق عزيز. ويذكر ان العراق قرر وقف التعاون مع "أونسكوم" وطالب بنقل مقرها من نيويورك الى مقر الاممالمتحدة في جنيف او فيينا "لإبعادها عن التأثير الاميركي". وصرح المندوب الاميركي الدائم لدى الاممالمتحدة بيل ريتشاردسون بأن "هذا سلوك عراقي نمطي. انهم ينبذون قرارات مجلس الامن مرة أخرى. إنهم ينبذون الاتفاق الذي أبرموه مع الامين العام. إنهم يتبجحون. إنهم يظهرون التحدي ويمارسون الالاعيب". واضاف: "سيتعين على مجلس الأمن مرة أخرى الرد بأسلوب قوي لا لبس فيه". واعتبر التصرف العراقي "خطيراً جداً ... عادوا الى حيلهم القديمة وعادوا الى طباعهم المتحدية القديمة". وزاد ان العراق يحاول احداث انقسام داخل مجلس الامن لكنه رأى ان المجلس يصبح اكثر اتحاداً "رداً على هذه التهديدات". إلى ذلك، قال الناطق باسم البيت الابيض بي. جي. كراولي ان الولاياتالمتحدة لن تسمح للعراق بتحدي مفتشي الاسلحة الدوليين على ان بغداد بدأت تنفذ تهديداتها بوقف التعاون مع المفتشين الدولين. وقال إن "عدم الاذعان للقرارات غير مقبول على الاطلاق". وأقر بأن "لدينا دليلاً مادياً على ان العراق بدأ ينفذ تهديداته". واتخذت بريطانيا موقفاً متشدداً مماثلاً للموقف الأميركي، رافضة "المساومة" أو فرض بغداد أي شروط. وحذر وزير الخارجية البريطاني روبن كوك من أن القرار العراقي سيؤخر رفع الحظر الدولي. وأوضح ناطق باسم الخارجية البريطانية أن كوك عرض "تحدي العراق المجتمع الدولي" في محادثات هاتفية أجراها ليل الأربعاء مع وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت. وحضّت باريسالعراق على عدم تنفيذ قراره وقف التعاون مع لجنة نزع الأسلحة معتبرة القرار "غير مقبول". وطلب بيان لوزارة الخارجية الفرنسية من العراق استئناف تعاونه مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية واللجنة الخاصة. واستبعد مصدر غربي في باريس ان يكون رد الفعل الاميركي مماثلاً لما حدث في شباط الماضي عندما بدا انها كانت مستعدة لتوجيه ضربة عسكرية قوية للعراق. وقال المصدر ل "الحياة" ان واشنطن لن تقدم على عمل عسكري الا اذا حصلت على دعم موحد في مجلس الأمن وهو غير وارد في المرحلة الراهنة في ظل تباين موقفي روسياوفرنسا من جهة، والولاياتالمتحدة من جهة اخرى. وزاد ان فرنسا تعتبر ان العراق أنجز معظم ما هو مطلوب منه ما يستوجب اغلاق الملف النووي. وفي هذا الصدد رأت مصادر مطلعة في العاصمة الفرنسية ان واشنطن أخطأت في رفضها الموافقة على اغلاق هذا الملف، وهو أمر حمل العراق، في رأي المصادر ذاتها، على التشدد في موقفه من استمرار التعاون مع "أونسكوم". ويُقال هذا مع ان باريس تعتبر ان ايقاف العراق تعاونه مع "أونسكوم" يعني انه لا يساعد الذين يريدون مساعدته على رفع العقوبات. في موسكو أكد مسؤول في وزارة الخارجية ان روسيا "لا تؤيد الانذارات النهائية"، وتدعو الى التعاون بين بغدادوالاممالمتحدة. وقال المدير العام لشؤون الأمن ونزع السلاح غريغوري بيردينيكوف في حديث الى اذاعة "صدى موسكو" ان العراق اذا كان راغباً في رفع الحظر الدولي بسرعة "لا سبيل امامه سوى الحوار والتعاون".