واشنطن، الدوحة، بغداد، باريس، الكويت - أ ف ب، رويترز - أعرب الرئيس بيل كلينتون عن "تصميمه على ان يرى العراق يحترم كلياً التزاماته"، فيما حذرت الولاياتالمتحدة رعاياها في منطقة الخليج من احتمال وقوع هجمات ضدهم بينما تدرس واشنطن وحلفاؤها امكان توجيه ضربات عسكرية للعراق، فيما اعلنت بريطانيا ان القوة "ليست الخيار المفضّل". وفي غضون ذلك بدأت الأممالمتحدة امس سحب قسم من خبرائها في نزع السلاح من العراق "لأسباب ادارية"، حسب ما اعلنته الناطقة باسم مركز المراقبة والتحقق التابع للأمم المتحدة في بغداد. وفي رسالة الى الكونغرس الاميركي قال الرئيس كلينتون اول من امس انه مصمم على رؤية العراق وهو يحترم التزاماته كلياً، حيال الأممالمتحدة، معتبراً ان ذلك البلد "لا يزال يشكل تهديداً خطيراً على السلام والأمن الدوليين". وأضاف كلينتون في هذه الرسالة ان "الولاياتالمتحدة والقوات الحليفة في المنطقة مستعدة للاستجابة الى كل الاحتمالات"، مشيراً الى ان "تصرف صدام حسين العدائي والمتكرر يرغمنا على ابقاء وجود عسكري قوي في المنطقة في مواجهة العراق والتصدي لكل تهديد يمكن ان يشكله على جيرانه". وكان مجلس الأمن صادق بالاجماع الخميس الماضي على قرار يطلب من العراق استئناف تعاونه مع اللجنة الخاصة للأمم المتحدة المكلفة نزع اسلحته اونسكوم. وأشار مسؤولون عسكريون اميركيون الجمعة الى ان للولايات المتحدة في الخليج حالياً سفناً حربية وطائرات وصواريخ كروز كافية للتحرك وان وحدات اضافية موجودة في الأراضي الاميركية هي في حال استنفار ويمكنها ان تصل الى المنطقة خلال اربعة أيام. أولبرايت ودعت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت ايضاً الرئيس العراقي اول من امس الى الاصغاء الى "الرسالة الحازمة" التي عبر عنها مجلس الأمن الدولي والسماح بعودة مفتشي الاسلحة. وقالت اولبرايت بعيد محادثاتها في واشنطن مع وزير الخارجية الايطالي لامبرتو ديني ان "مجلس الأمن الدولي وجه رسالة حازمة جدا" الى العراق. وتابعت تقول: "من المهم الآن ان يصغي صدام حسين وان يفهم ما عبر عنه المجتمع الدولي". ونقلت محطة "ان بي سي" التلفزيونية الاميركية عن مصادر ديبلوماسية الجمعة قولها ان الولاياتالمتحدة قد توجه ضربة عسكرية الى العراق اعتباراً من الاسبوع المقبل. وأكدت اولبرايت مجددا الموقف الاميركي بأن "كل الخيارات لا تزال مطروحة". ودعا ديني من جهته الى "بذل جهود قصوى" لاقناع الرئيس العراقي بالسماح بعودة المفتشين الدوليين موضحاً ان "ليس هناك خيار آخر امام" صدام حسين. وأجرت اولبرايت اتصالاً هاتفياً مع امير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ذكرت وكالة الانباء القطرية انهما بحثا فيه "الوضع في المنطقة" و"العلاقات القائمة بين البلدين الصديقين". وحذرت الولاياتالمتحدة رعاياها في الخليج من احتمال وقوع هجمات عليهم بسبب الازمة الحالية بين العراقوالأممالمتحدة وقيام الدول الغربية وحلفائها بدرس امكانية توجيه ضربات عسكرية لذلك البلد. وقالت رسالة موجهة للأميركيين في الكويت في الآونة الاخيرة انه بعد ان "تحدى العراق ثانية" الأممالمتحدة "يجب على الرعايا الاميركيين المسافرين والمقيمين في الخارج الانتباه الى ان التوترات تصاعدت". و"لا يمكن ان نستبعد امكانية وقوع هجمات عشوائية مناهضة للأميركيين في حال اي تدخل عسكري ضد العراق". لكن الرسالة اوضحت لنحو ثمانية آلاف مدني اميركي في الكويت تم اجلاء جانب منهم في وقت سابق من هذا العام من خلال ازمة اخرى مع العراق انه "يجري السعي الى حل ديبلوماسي للموقف العراقي المرفوض". وقالت الرسالة التحذيرية الاخيرة ان واشنطن ليست على دراية بأي تهديدات معينة في ما يتعلق بالأزمة الاخيرة مع العراق على رغم ان "المواقع الديبلوماسية الاميركية في شتى انحاء العالم تتخذ اجراءات امنية وقائية". وينتهي سريان احدث تحذير اميركي في نهاية كانون الثاني يناير المقبل. وتخضع المصالح الاميركية في الكويت، بما في ذلك المنشآت العسكرية التي تؤوي القوات الاميركية بمعداتها لحراسة أمنية مشددة. محادثات باريس وبدأ مسؤولون فرنسيون وأميركيون وبريطانيون كبار امس اجتماعات امس في باريس لمناقشة الرد على العراق بعد ان قرر انهاء تعاونه مع مفتشي الأسلحة الدولية. ويمثل واشنطن في المحادثات بين الحلفاء ساندي بيرغر مستشار الأمن القومي للرئيس الاميركي اما بريطانيا فيمثلها جون هولمز مستشار رئيس الوزراء توني بلير وفرنسا يمثلها جان ديفيد ليفيت مستشار الرئيس الفرنسي جاك شيراك. ومر وزير الدفاع الاميركي وليام كوهين بباريس مساء الجمعة في طريق عودته الى واشنطن والتقى مسؤولين دفاعيين فرنسيين كباراً لكنه لم يلتق نظيره الفرنسي آلان ريشار اثناء توقفه في مطار العاصمة الفرنسية. وتحاول الولاياتالمتحدةوبريطانيا حشد التأييد في المنطقة لأي تنشيط محتمل للخيار العسكري ضد العراق في وقت لاحق من هذا الشهر وتقول الدولتان انه لا توجد حاجة للحصول على تفويض جديد من مجلس الأمن لتوجيه ضربات عسكرية للعراق. وفي اعقاب جولة في المنطقة قام بها وزير الدفاع الاميركي وليام كوهين، وهي الثانية له خلال ثلاثة اسابيع سيبدأ وزراء بريطانيون زيارات اليوم الأحد للدول الخليجية العربية لمناقشة الاجراءات اللازمة لارغام العراق على تنفيذ مطالب مفتشي الاسلحة التابعين للأمم المتحدة. ويصل وزير الدفاع البريطاني جورج روبرتسون الى الكويت اليوم لاجراء محادثات حول الازمة مع العراق وسيزور قاعدة جوية كويتية حيث تتمركز 12 طائرة "تورنادو" بريطانية جنوبي الحدود العراقية مباشرة منذ الازمة الاخيرة مع بغداد. وكان روبرتسون اعلن ان الخيار العسكري ضد العراق "ليس الخيار المفضل". وان بريطانيا تأمل ان تنهي الجمود الاخير بالحلول الديبلوماسية بعدما قرر الرئيس العراقي صدام حسين عرقلة اعمال مفتشي الاسلحة التابعين للأمم المتحدة في العراق. وصرح روبرتسون لپ"هيئة الاذاعة البريطانية" امس ان الاجراء العسكري "ما زال خياراً لأن صدام خرق اتفاقاً توصل الىه مع كوفي انان الأمين العام للأمم المتحدة في شباط فبراير". لكنه اكد "انه ليس الخيار المفضل وليس افضل الخيارات الا انه خيار مطروح اذ انها الطريقة الوحيدة التي يفهمها صدام". خبراء التفتيش وفي بغداد اعلنت الناطقة باسم مركز المراقبة والتحقق التابع للأمم المتحدة في بغداد كارولاين كروس ان "خمسة عشر خبيراً من الأممالمتحدة غادروا بغداد" امس السبت، متجهين الى البحرين، مشيرة الى ان الامر يتعلق بپ"قرار اداري ولوجستي بحت". وأوضحت كروس ان ما مجموعه "26 عضواً في اللجنة الخاصة المكلفة نزع سلاح العراق اونسكوم سيسحبون من العراق بحلول يوم الأربعاء" المقبل. ومضت تقول ان "عدد العاملين في اللجنة الذين سيبقون في بغداد سيصبح ثلاثين شخصاً بينهم نحو عشرين من خبراء نزع السلاح، اضافة الى اربعين طياراً وفنياً تشيلياً وأربعين من اعضاء الطاقم الاداري". وأضافت ان الفريق الذي سيبقى "سيكون قادراً كلياً على القيام بعمليات تفتيش عندما يستأنف العراق تعاونه" مع اللجنة. وكان العراق قرر في 31 تشرين الأول اكتوبر وقف تعاونه مع "اونسكوم"، مؤكداً انه لم يعد يأمل بأن توصي برفع الحظر المفروض عليه، لكنه سمح للمفتشين بالبقاء في العراق وصيانة معداتهم. كما طالب العراق بعزل رئيس "اونسكوم" الاسترالي ريتشارد بتلر. وأوضحت كروس ان خبراء "اونسكوم" لم يقوموا بأي اعمال امس وقالت: "لم تخرج فرق من اللجنة اليوم السبت لأنه ليس هناك شيء يتم تثبيته او ادوات اخذ عينات يتم تغييرها". وأضافت ان فريقين من الوكالة الدولية خرجا امس لمراقبة مواقع عراقية. وأضافت ان رحيل 15 من مسؤولي الأممالمتحدة امس هو "قرار اداري ومنطقي تماما اتخذه الرئيس التنفيذي للجنة بتلر لأن عملهم توقف". وقالت ان نحو 15 مراقباً سيغادرون البلاد في الأيام القليلة المقبلة. وتحتفظ اللجنة عادة بفريق عمل من 120 مفتشاً. العراق يرفض وجددت الحكومة العراقية موقفها الرافض للتعاون مع مفتشي لجنة الأممالمتحدة الخاصة المكلفة نزع اسلحته اونسكوم قبل رفع الحظر النفطي المفروض عليه من قبل الأممالمتحدة. وأعلن وزير التجارة العراقي محمد مهدي صالح ان بلاده مستعدة لأي مواجهة عسكرية مع الولاياتالمتحدة. وقال للصحافيين اثناء جولة في معرض تجاري في بغداد "لا نخشى اية ضربة عسكرية ومستعدون لمواجهتها". الى ذلك، كتبت صحيفة "الجمهورية" الصادرة امس: "الكل الى جانب العراق المتمسك بموقفه القوي ولا نتنازل عن ذلك الا بتحقيق مطالب العراق المشروعة وفي مقدمها تطبيق الفقرة 22 كبداية للرفع النهائي الشامل للحصار الجائر". وتنص هذه الفقرة على رفع الحظر النفطي المفروض على العراق منذ احتلاله الكويت في آب اغسطس 1990 بعد ان يطبق الشروط المتعلقة بنزع اسلحته. وأضافت الصحيفة "ان القرار الجديد الرقم 1205 الذي اصدره مجلس الأمن الخميس الماضي هو جزء من المؤامرة الكبرى لاستهداف العراق" وأشارت الى ان الادارة الاميركية "كلما لمحت بارقة امل في اقتراب رفع الحصار تتحرك لوأد هذا الأمل".