شهدت الأسابيع الأخيرة مؤشرات عدة الى استمرار الحكومة السورية في عملية الانفتاح السياسي والإعلامي، في اطار سياسة متدرجة بدأت في السنوات الأخيرة بحيث انها أفرجت عن عدد من السجناء السياسيين وفتحت الباب واسعاً أمام عودة عدد من النشطاء السياسيين الذين كانوا ممنوعين من دخول البلاد. وكان آخر تلك الخطوات السماح بعودة الضابط البعثي مصطفى حمدون 71 عاماً الى البلاد قبل اسبوعين بعدما قضى معظم فترة غيابه متنقلاً بين الأردن والعراق نظراً الى أنه كان مؤيداً لجماعة ميشال عفلق وصلاح الدين البيطار. وجاءت تلك الخطوة بعد أيام من صدور عفو رئاسي عن نحو أكثر من 225 شخصاً من سجناء الرأي بينهم رئيس "الحزب الشيوعي - المكتب السياسي" السيد رياض الترك ونائب رئيس لجنة الدفاع عن حقوق الانسان اكثم نعيسة. وقالت مصادر مطلعة ل "الحياة" ان العفو الرئاسي يتضمن خروج أي سجين انتهت فترة حكمه وذلك "لانخراط المواطنين في الحياة وتكريس الوحدة الوطنية". ولعب وزير الاعلام الدكتور محمد سلمان دوراً مهماً في عودة عدد من الصحافيين السوريين الذين كانوا يعتبرون معارضين، بينهم رئيس تحرير "المحرر - نيوز" نهاد الغادري والصحافي غسان الرفاعي والكاتب الساخر زكريا تامر. ومن المتوقع ان يعود الى البلاد أحمد عسة رئيس تحرير صحيفة "الرأي العام" من المغرب بعدما قضى هناك أكثر من عقدين. وكان سبق هؤلاء في العودة عدد من قادة جماعة "الاخوان المسلمين" بينهم المراقب العام السابق للحركة الشيخ عبدالفتاح أبو غدة وأحد زعمائها الدكتور غسان بيازيد الذي كان نائباً في البرلمان، وذلك بموجب التماس شخصي قدمه هؤلاء وآخرون الى الرئيس الأسد ل "العودة كمواطنين". وكان عاد أخيراً أيضاً رئيس حكومة الانفصال مأمون الكزبري الذي توفي ودفن في دمشق. وفي موازاة هذا "الانفتاح السياسي والتعامل بثقة مع المخطئين بمن فيهم اولئك الذين اساؤوا واستخدموا القوة والعمليات العسكرية" في بداية الثمانينات، فإن انفتاحاً اعلامياً كان يحصل في البلاد خصوصاً في السنوات ال 11 الأخيرة، اذ ان سلمان قدم تسهيلات لافتة الى الصحافيين والمراسلين وطلب من المؤسسات الحكومية والوزارات التزام بلاغ رئيس الوزراء الرقم 1999 وعدم حجب أي معلومات عن الصحافيين. وكانت السنوات الأخيرة شهدت فتح الأبواب أمام التدفق الاعلامي اذ أن مصادر "المؤسسة العربية لتوزيع المطبوعات" الحكومية، قالت ان الأسواق السورية مفتوحة أمام دخول 291 مطبوعة عربية و128 مطبوعة أجنبية تتضمن صحفاً كبيرة بينها "هيرالد تربيون" و"فيغارو" و"لوموند" و"اندبنديت" و"تايمز" و"غارديان" و"فايننشال تايمز" اضافة الى مجلات مثل "تايم" و"نيوزويك" ويبلغ عدد النسخ التي يوزعها بعض هذه الدوريات أكثر من ألف نسخة. وانتشرت في السنوات الأخيرة صحون التقاط المحطات الفضائية العربية وصولاً الى الأرياف وأقصى الحدود الشرقية والشمالية، كما ان "الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون" التي يرأس مجلس ادارتها سلمان، أقرت خطة لايصال البث التلفزيوني الى الحدود الشرقية والشمالية للمحطتين الرسميتين الأولى والثانية اضافة الى انشاء محطة فضائية سورية. وقالت مصادر مطلعة ل "الحياة" ان ذلك يؤكد عدم صحة الانتقادات التي يوجهها بعض الجمعيات بينها "جماعة المادة 19" في اعلان حقوق الانسان، التي نشرت قبل يومين بياناً في لندن تنتقد فيه وضع حريات الصحافة والاعلام في سورية. وأشارت الى أن الحكومة السورية اقامت "جدار الصمت بسيطرتها على وسائل الاعلام". وأضافت المصادر ان جمعيات كهذه "هي جمعيات ضغط وليس البحث عن الحقيقة". وتساءل سلمان في تصريح ل "الحياة" عن "خلفيات تحرك هذه الجمعيات وتوقيت اصدار بياناتها وابعاد استهدافها للدول التي تتخذ مواقف وطنية"، في حين أشارت المصادر الى أن جمعيات كهذه "لم تتحدث عن حقوق الانسان في تونس الا بعد أن قررت تونس اغلاق مكتب التمثيل الاسرائيلي". وأكد رئيس "اتحاد الصحافيين السوريين" الدكتور صابر فلحوط ان "العقود الأخيرة لم تشهد سجن أو اعتقال أي صحافي بسبب رأي كتبه وان سورية هي البلد الأول في دول العالم الثالث التي ليس لديها رقابة مسبقة على المواد التي تنشر"