بدأ أطباء القلب في الولاياتالمتحدة استخدام تقنية تشذيب القلب والرئتين المعطوبتين وتصغير أحجامها. وتناقض التقنية الجديدة التصور الطبي السائد حول عدم المساس بعضلات القلب، وتقدم طوق النجاة لعشرات المرضى الذين يتوفون لعدم وجود أعضاء لزرعها في أجسامهم. والحاجة ام الاختراع، كما يقال. فهذه التقنية الجريئة ابتكرها جراح في البرازيل، حيث لا يسمح بعمليات زرع الأعضاء، ولا يستطيع معظم المرضى تحمل نفقاتها الطائلة. مرض الملايين تعالج التقنية الجديدة المرضى المصابين بقصور القلب الاحتقاني. وذكرت المجلة العلمية الأميركية "ساينتفيك أميركان" التي نشرت تقريراً عن الموضوع أن عدد مرضى قصور القلب الاحتقاني في الولاياتالمتحدة وحدها يبلغ خمسة ملايين. ويصيب المرض نحو 400 ألف شخص سنوياً، ويعتبر السبب الرئيسي لتطبيب المرضى في أعمار أكثر من 65 عاماً في المستشفيات. ويتوفى نصف المصابين بالمرض خلال خمس سنوات وقليلون منهم يبقون على قيد الحياة فترة تزيد على عشر سنوات. ومعروف أن 20 في المئة من المرضى الذين ينتظرون عملية زرع قلب يتوفون بسبب عدم وجود العدد الكافي من القلوب التي يتبرع بها أصحابها بعد الوفاة. تشذيب القلب تحدث الاصابة بقصور القلب عند اخفاق بطين القلب في ضخ الدم الى باقي أجزاء الجسم. سبب ذلك تضخم حجم البطين وترهله. وتعمد تقنية تشذيب القلب الى تصغير حجم البطين عن طريق اقتطاع وتد من الجدار العضلي للقلب. وابتكر تقنية التشذيب الطبيب البرازيلي رانداس باتستا وأجرى أول عملية فيها عام 1983. ويزيد عدد المرضى الذين اجريت لهم عملية تشذيب القلب في البرازيل عن 500 شخص. بلغت نسبة نجاح العمليات 82 في المئة، وهي على خلاف عمليات زرع الأعضاء لا تستدعي تناول المريض طوال عمره الأدوية المضادة لرفض الجسم الأعضاء المزروعة. هذه الحقائق كانت وراء قرار طبيب القلب راندال ستارلنغ وجراح القلب باتريك ماكارثي تبني تقنية تشذيب القلب التي اطلعا عليها خلال زيارتهما الى البرازيل. وسنحت الفرصة للطبيبين الأميركيين ربيع عام 1996 عندما قبل مريض يدعى جيم أبسلم اجراء عملية تشذيب لقلبه المعطوب. ونجحت العملية على رغم أنها تناقض التصور الطبي السائد الذي يؤكد على ضرورة الحفاظ على عضلة القلب مهما يكن الثمن. وذكر المريض بعد نجاح العملية أنه حريص على أن لا يبالغ في الاستفادة من نتائجها الايجابية. فهو يستطيع الآن صعود السلالم من دون أن تتقطع أنفاسه أو يشعر بألم في الصدر. وقال أنه يقوم حالياً بتمارين رياضية، تعتبر جزءاً من العلاج، ولا يحتاج الى تناول أكثر من 3 أدوية، في حين يتناول المرضى الذين تجرى لهم عملية زرع الأعضاء دزينة من الأدوية المختلفة. فرص النجاح وبسبب جدة التقنية يلتزم الجراحان الأميركيان عدم اجراء عمليات تشذيب القلب إلاّ للحالات المستعصية بقصور القلب الاحتقاني. وتصلح عمليات التشذيب لعلاج الاصابة بالنفاخ الرئوي الذي يصيب المدخنين عادة. وتسبب هذه الحالة انتفاخاً كبيراً في الرئتين اللتين تأخذان بالضغط على الحجاب الحاجز وجدار الصدر. وتسبب الحالة انقطاع الأنفاس وتضطر المرضى في حالات مستعصية الى استخدام جهاز التنفس بالاوكسجين. ومن أجل معرفة أهمية العلاج الجديد وافقت الادارة الصحية في الولاياتالمتحدة على اجراء تجارب لعلاج نحو خمسة آلاف مريض بنفاخ الرئتين. تجرى التجارب على مدى خمس سنوات في 21 مستشفى. وسيخضع نصف المرضى للعلاج الطبي التقليدي بالأدوية، في حين ستجرى للنصف الآخر عمليات تشذيب وتصغير الرئتين. والهدف من التجارب هو معرفة ما اذا كانت الطريقة الجديدة أفضل من العلاج التقليدي وكيف يمكن تحقيق أفضل النتائج فيها.