قبل أن يقول المرء أي كلمة في مسرحية "أوكلاهوما" عليه أن يتذكر أن قيمة البطاقات المحجوزة وصلت الى حوالى مليوني جنيه استرليني قبل افتتاحها أول من أمس في ناشيونال ثياتر. ليس لأن الاقبال على المسرحية الاستعراضية مضمون لتاريخها الطويل، أو لأنها انتجت فيلماً لا تزال صوره في اذهان كثيرين، ولكن لأن المسرح القومي البريطاني له سمعة ذائعة في الموسيقيات التي يراعي فيها القيمة الفنية والتسلية الى جانب المسحة الشعبية والانتاج الراقي. ولئن كانت هذه بديهيات، فما على الانسان الا ان يتذكر مسرحيات مثل "سفينة الاستعراض" و "الجميلة والوحش"، ثم "شبح الاوبرا" ليدرك انها تفقد بعض تلك العناصر او كلها. "أوكلاهوما" لا ينقصها ذلك الوهج الفني، فهي تسطع به من جميع النواحي: من الرقص والغناء، الى الديكور والاداء. أما الموضوع فلا يبرر كل هذا المجهود، و يجعل الانتاج الضخم من دون معنى. لقد اثنى عليها النقاد البريطانيون المعروفون بصرامة القلم كما الملامح. بعضهم طرح سؤالا: هل يجب العودة دائماً الى الماضي لاستمداد الالهام والابداع؟... والجواب أن مثل هذه الاعمال توجد في وعي الجمهور الواسع، وانها تعطي المخرجين فرصة لإضافة تجاربهم وترك بصمات على العمل... ثم أن الساحة الموسيقية في لندن تنقصها حالياً الاثارة بعد أن طال أمد المسرحيات الكبرى فيها، مثل "الآنسة سايغون" و"البؤساء". عنوان "أوكلاهوما" يشير الى منطقة. لكنه في هذا الانتاج الذي اخرجه مدير المسرح تروفر فان يدل على أي بلد يحاول إعادة بناء نفسه، وعلى أفراد يبحثون عن السلام، ثم الحب طبعاً علي حكيم لا يريد زواج "جيري" فيتخلى عنها الى "ويل". بينما تتزوج "لوري" من "كرلي"، وفي حفلة الزفاف يحدث نزاع بينه وبين "جود" الذي كان يحب المرأة أيضاً، فيموت أثناء الشجار. الا أن القاضي يبرئ ساحة الزوج للدفاع عن النفس. الاستعراض بعيد عن أي مأساة. فالرقص، والموسيقى الحية، والديكور الخلاب لا تترك مجالاً لذلك. واذا اعتبرنا أن المسرحية ظهرت للمرة الاولى في بداية الاربعينات فإنها تظل من الاعمال التي أثبتت جذور الموسيقيات، واتاحت للثقافة الاميركية غزو العالم عن طريقها.