تشهد لندن حالياً انتشار الاوبرا على المستوى الشعبي، فمنذ اغلاق دار الاوبرا "كوفنت غاردن" للترميم والتوسيع وتطوير مرافقها انتقلت العروض الى مسارح اقرب من الجمهور سواء من حيث المكان، او من حيث اسعار التذاكر المخفضة. هذا الانتشار يأتي بالطبع على حساب القيمة الفنية للعروض التي يرى البعض انها تذهب الى حدّ "الاساءة" لاوبرات شهيرة… مع ارتفاع اصوات تتساءل هل هناك حاجة الى الاوبرا على هذا المستوى: عايدة وكارمن ولاترافياتا في مراكز كبرى للمعارض التجارية، يحضرها الآلاف لكن لا يشاهد الجمهور سوى الاستعراض والديكور والازياء… من دون روح، الا اذا كانت الضخامة تعتبر ابداعاً. وبهذا تتحول الاوبرا الى مجرد معرض تجاري. هذا الرأي لا ينطبق على مشاهد الاوبرا التي تعرض في حدائق لندن لانها تلتزم الطرق الكلاسيكية، ولأن الاجواء الخضراء الفسيحة تضيف انعاشاً الى تلك العروض. مهرجان هولند بارك للاوبرا يختلف قليلاً عن مواسم اخرى تجري الصيف المقبل في الهواء الطلق. فهو يجمع بين الفرق اليافعة والمحترفة. واذ يعتمد في برنامجه الرئيسي على الاوبرات الا انه يقدم عروض الباليه الى جانب معارض للفن التشكيلي. ويتضمن المهرجان الذي يبدأ من 16 الشهر المقبل الى 22 آب اغسطس ثماني اوبرات تؤديها فرق اوروبية وبريطانية ويركز البرنامج هذا العام على "اوبرات" نادراً ما يتم تقديمها، منها إلباغلياتشي لروميريو ليونكافالو التي عرضت للمرة الاولى في ميلانو في العام 1892، وهي عن الخيانة والانتقام وتجري وقائعها في صقلية. ويعاد تقديم "ايريس" للنجاح الذي لقيته الموسم الماضي، وهي ايضاً عن الخيانة والاستغلال مع موسيقى رفيعة. وتتميز دي فليديرماس لشتراوس بحيوية الموسيقى وتصميم الازياء وبالقصة التي تدور عن الانتقام الى جانب بهرجة حفلات الرقص. كما تعتبر لوتشيا دي لاميرمور من اقوى اعمال دونيزيتي وأحدثها عن الحب والسياسة في اجواء اسكوتلندية. ويعاد تقديم لاترافياتا لفيردي في الموسم بعد النجاح الذي لقيته في مهرجان العام الماضي. ويضم المهرجان امسيات خاصة بالموسيقى وعروضاً تقدمها فرقة الباليه الملكية على مسرح حديقة هولند بارك. وللمرة الاولى منذ بداية المهرجان في منتصف الثمانينات قامت فنانة عربية هي سعاد العطّار برسم لوحات تعبّر فيها عن رؤيتها لمواضيع اوبرات في كتيب المهرجان.